الشاشة الرئيسيةمقالات

صراع حضارات ام ” اسلامو فوبيا “

بقلم الدكتور عبدالمهدي القطامين
لعل الكاتب الامريكي صامويل هنتنجتون” اول من اشار الى صراع الحضارات في كتابه الصادر عام 1996 عن دار ” سايمون وشوستر ” والتي جاءت ردا على اطروحة تلميذه ” فوكوياما ” التي حملت عنوان ” نهاية التاريخ والانسان الاخير ” واقر فيها استتباب الديموقراطية الليبرالية في انظمة العالم .
“هنتنجتون ” كان مسكونا بهاجس ما يراه في المجتمعا الغربية من نمو وتطور التيارات اليمينية المتطرفة والتي ترى في العرق الابيض انموذجا للانسان السوي في حين ان بقية العالم يحلون في المرتبة الثانية وفي تشخيصه لواقع الاسلام يرى ” هنتنجتون ” ان الاسلام ” حدوده دموية وكذا مناطقة الداخلية ” ولعل حادثة الحادي عشر من سبتمبر عززت من رأيه وجعلت نبوءته تتحقق ولكن حتى اليوم ما زالت حقيقة تلك الهجمات غامضة مبهمة من حيث منفذها ومن كان وراء تنفيذها لكنها في الحقيقة كانت تسعى الى التأطير لمفهوم “الاسلام فوبيا ” لدى الغرب وشيطنة الاسلام وجعله اهم مصادر الشرور في العالم واشد اعداء الحضارة خطرا وعزز هذه النظرية او الطرح التصرفات القاعدية والداعشية بكل ما حملته من قساوة وهمجية خارجة عن اطار اي حضارة واسسست لظاهرة الخوف من الاسلام باعتباره ماردا يخرج من عقاله في اية لحظة وتسلل ببطء وبفعل تاثير وسائط الاعلام التي عملت على الترويج لهذه الفكرة هذا المفهوم الى عقل الرأي العام الغربي.
غسيل الدماغ الاعلامي الذي تعرض له الانسان في بلاد الغرب بفعل سرعة تدفق المعلومة والصوت والصورة بفعل وسائل الاعلام التقليدية والاخرى الافتراضية وتأثيره المباشر على مراكز التفكير الدماغية لدى الناس هناك عزز من مقولة ان الاسلام هو العدو الحقيقي للغرب والحضارة الغربية على الاقل ايدولوجيا وعزز من ذلك كما ذكرت انفا التصرفات الداعشية الخارجة عن مفهوم الانسانية وحق الانسان في العيش والفكر وبدا هنا ان من خطط لعدمية الاسلام وانشاء داعش كان يدرك ما يريد تماما وانه وصل الى مبتغاه عبر ترك العالم متفرجا على ما قام به تنظيم يلبس عباءة الاسلام ظاهريا ويرفع راية التوحيد لكنه يضرب في العمق ابجدياته وحقائقه ويدمر ويمارس ابشع اصناف التدمير لذات الانسان اينما وجد .
هل نحن امام ظاهرة او تنظيم ” داعشي ” جديد ولكنه يستند هذه المرة الى الديانة المسيحية لاعادة قراءة التاريخ وصراعاته مجددا ….؟؟؟؟ وهل يقيض لهذه الظاهرة ان تجتاح اوروبا معلنة عن بدء حرب صراع الحضارات مجددا ؟ وهل الصراع الدائر حاليا بين روسيا واوكرانيا ومن خلفها الاتحاد الاوروبي وامريكا هو مؤشر ايضا على صراع بين الارثوذكس والكاثوليك وبين اتباع ديانة واحدة لكنها منقسمة ايضا ؟ ام ان الامر هو صراع بين الشرق والغرب كما تنبأ فوكوياما في كتابه الشهير… ولكن من جانب اخر الم تكن الفتوحات الاسلامية التي تمت عبر مراحل تاريخية متعددة تحمل معها تعاليم سمحة لا ترفض الاخر ولا تقتله بل توفر له المجتمع الامن وتجعله عنصرا من عناصر بناء الحضارة وهذا واضح في كل الحواضر الاسلامية التي اقامتها دولة الاسلام في بلاد الغرب ولعل النموذج الحضاري في الاندلس كان ابهى الصور التي عكست حضارية الاسلام وقدرته على اقامة دولة متينة تستند الى التسامح والى تعزيز دور الفرد في انتاجية المجتمع واطلاق القوى الخيرة للبناء .
اخيرا الذي امامنا ليس الاسلام فوبيا كما يروج الاغلبية …. الذي امامنا هو صراع حضاري جديد مبني على اسس دينية وعلى ارهاصات ساهم الكل في الترويج لها بقصد او من غير قصد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى