الشاشة الرئيسيةدولي

بعد التصفيق والتقاط الصور.. هل نجحت الجزائر أم فشلت في اختراق ملف المصالحة الفلسطينية؟.. غموض حول “الاتفاق السريع” وتساؤل حول اختلافه عن الاتفاقات السابقة..

الغواص نيوز

بعد التوقيع، والتصفيق، والتقاط الصور التذكارية وتوزيع الابتسامات على وسائل الإعلام، وضعت الجزائر ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية على مفترق طرق جديد ومرحلة حاسمة، ستُحدد عناوينها العريضة الفصائل الـ14 التي وقعت على اتفاق “إعلان الجزائر” وعلى رأسهم حركتي “فتح” و”حماس”.
وبعد أن بدأت الفصائل تُغادر الأراضي الجزائرية، حتى بدأت التساؤلات تُطرح من كل حدب وصوب، حول تفاصيل الاتفاق “السريع” الذي تم توقيعه أمام وسائل الإعلام، وخطوات التنفيذ القادمة، ومدى اختلاف هذا الاتفاق الذي أطلقت عليه بعض الأوساط بـ”التاريخي”، عن اتفاقات المصالحة السابقة التي خرجت من عواصم عربية وأوروبية.
بعد مكة في عام 2007، والقاهرة 2011، وإعلان الشاطئ 2014، والقاهرة 2017، الجزائر فتحت ملف المصالحة المُجمد منذ سنوات، وقامت بما عليها من دور على أكمل وجه بدعوة للفصائل لزيارة أراضيها، وإجراءات الحوارات المُكثفة خلال اليومين الماضيين، والاتفاق على ورقة المصالحة التي تعد الأحدث بتاريخ هذا الملف الشائك والمُعقد، ولكن، يبقى الأمل الفلسطيني بتحقيق مصالحة حقيقة وصادقة بعيد المنال كثيرًا، كون التجارب السابقة هي خير دليل على الفشل الذي لاحق هذا الملف طوال السنوات الـ16 الماضية.
ويتضمن “إعلان الجزائر”، الذي وقعت عليه الفصائل الفلسطينية بحضور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الخميس الماضي في العاصمة الجزائرية، تسع نقاط، أبرزها التسريع بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، في أجل أقصاه عام.

كما شدد الإعلان على أهمية الوحدة الوطنية “كأساس للتصدي والصمود أمام الاحتلال، واعتماد الحوار والتشاور بهدف انضمام جميع الفصائل لمنظمة التحرير، التي تبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مع التأكيد على حق القوى الفلسطينية في المقاومة الشعبية وتطويرها، وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة.
وتحدث الإعلان عن اتخاذ خطوات عملية لتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز دور منظمة التحرير وتفعيل مؤسساتها بانضمام جميع الفصائل، وتجسيد مشاريع الإعمار لدفع البنية التحتية.
كما يشمل الإعلان تطوير منظمة التحرير وانتخاب المجلس الوطني في الداخل والخارج، بالإضافة إلى تفعيل آلية “الأمناء العامين” للفصائل لمتابعة إنهاء الانقسام.
واتفقت الفصائل على أن يتولى فريق عمل جزائري عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق.
وتقول صحيفة “الأيام” المحلية، إن أول الخطوات العملية على الأرض لتنفيذ “إعلان الجزائر للمصالحة الوطنية”، المنبثق عن مؤتمر “لمّ شمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية”، الذي أشرف عليه فريق العمل الجزائري، ستبدأ بعد انعقاد القمة العربية الشهر المقبل في العاصمة الجزائرية.
ونقلت الصحيفة عن المصدر المطلع، قوله: “الجزائر تريد تثبيت الاتفاق وعرضه على الدول العربية خلال القمة؛ لتحصل على زخم ودعم وتشجيع عربي للبدء بالخطوات العملية على الأرض، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في غضون عام، خصوصاً إجراء الانتخابات”.
وقال المصدر نفسه: إن الجزائر حريصة على اتخاذ كل الخطوات والتدابير اللازمة من أجل إنجاح جهودها في تنفيذ الاتفاق، وذلك عبر حصولها على دعم عربي واضح، خصوصاً من الدول المؤثرة في الشأن الفلسطيني، مؤكدًا أن تواصل الجهود الجزائرية والعربية هو الضمانة الأبرز لتنفيذ الاتفاق، خصوصاً أن التجارب السابقة أثبتت صعوبة تنفيذ مثل هذه الاتفاقات والتفاهمات.
ولفت المصدر ذاته إلى أن استقبال الجماهير الفلسطينية للاتفاق بفتور يأتي انعكاساً لحالات الفشل والتعثر، التي واجهت تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات السابقة.
طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، أشاد بالجهد الجزائري الذي أدى إلى التوقيع على إعلان لم الشمل الفلسطيني، وقال إن هناك ثلاثة عناصر مهمة يمكن أن تضفي التفاؤل وتشكل الدافع وراء تطبيق اتفاق الوحدة الوطنية الفلسطينية هذه المرة.
وأوضح خلال مقابلة عبر قناة “الجزيرة” أن “العنصر الأول هو الدور الجزائري المهم، والمتابعة الحثيثة للرئيس عبد المجيد تبون، ما نص عليه الاتفاق من تشكيل لجنة متابعة من الجزائر وعدد من الدول العربية برعاية الجامعة العربية، بالتالي وجود الدور العربي الرقابي والداعم والدافع لمتابعة تطبيق ما جاء في الوثيقة هو عنصر إضافي يمكن أن يشكل انعطافة إيجابية لتحقيق هذه البنود”.
وأضاف أن “العنصر الثاني هو الإرادة السياسية، فحركة حماس تملك إرادة سياسية حقيقية وجادة ليس فقط في هذه المحطة وإنما في جميع المحطات السابقة، نحن نقول بأن الانتخابات هي البوابة الطبيعية التي يعبر الشعب الفلسطيني من خلالها بحرية عن اختيار قيادته وطبيعة النضال السياسي والأشخاص الذين يقودون هذا النضال السياسي”.
وتابع “النقطة الثالثة هي فشل مسار التسوية وهي النقطة الأساس التي كانت تشكل عنصر الخلاف بين القوى والفصائل الفلسطينية، اليوم لا يوجد هناك عملية تسوية، لا يوجد مسار لما يسمى بحل الدولتين، لا يوجد من لديه مشروع سياسي يطرحه بجدية، وبالتالي الخيار المطروح هو الوحدة وتكثيف المقاومة، ورفع ثمن وكلفة الاحتلال للأرض الفلسطينية”.
لكن القيادي في حركة “فتح” وعضو مجلسها الثوري حاتم عبد القادر، لم يبد تفاؤلاً بهذا الاتفاق ، معبراً عن تشاؤمه من تطبيق اتفاق الجزائر الأخير بين فتح وحماس.
وقال: “أنا غير متفائل بتطبيق هذا الاتفاق، رغم أنه الفرصة التاريخية الأخيرة كي يستعيد شعبنا وحدته وينهي الانقسام، بالنظر إلى ما سبقه من اتفاقات وقع عليها الطرفان وانتهت إلى الفشل بسبب غياب الإرادة السياسية لقيادة الحركتين، وإصرار الرئيس (محمود) عباس على موضوع رفض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إلا بالمواصفات التي يريدها هو”.
وأشار عبد القادر إلى أن “التجارب السابقة علمتنا في كثير من الأحيان أن ما يتم الاتفاق عليه على الورق ينتهي في الواقع إلى عدم التطبيق”، وأضاف: “بكل أسف، فإن كل الجهد الذي بذلته الجزائر، وكل هذا الاهتمام الجزائري المدعوم من الجامعة العربية، والتي كانت الجزائر تريد أن تقدمه كبشرى خير خلال القمة العربية، قد يذهب سدى”.
ودعا عبد القادر “الجميع للترفع إلى مستوى المسؤولية وأن يغلبوا المصلحة الوطنية العليا، وأن يتجاوزوا كل هذه الترهات، ويتوافقوا على رؤيا مشتركة. لذلك نحمل المسؤولية لفتح وحماس عن فشل هذا الاتفاق. وإذا لم نحقق إنجازاً واضحاً وملموساً فستكون الفرصة الأخيرة، وسوف ينفض العرب أيديهم من ملف المصالحة”.
بدوره، يقول المحلل والكاتب السياسي، طلال عوكل، إن المسألة ليس خلافاً على موضوع الوحدة الوطنية، بقدر ما إن الاتفاقية التي تم التوقيع عليها لا تصلح ولا تعطي أملاً.
وأضاف في تصريح له، أن هذا الإعلان عبارة عن ورقة مبادئ عامةـ كل بند فيها يحتاج إلى حوار من جديد، مشيراً إلى أنه لا يوجد اتفاق سياسي، وكل طرف متمسك بنهجه، “ولا توجد أولويات من أين نبدأ ولا يوجد تتبع منطقي، ولا توجد آليات، ولا يوجد إطار زمني واقعي.
وتابع عوكل: هذه ورقة مهمة للجزائريين قبل أن تستضيف القمة العربية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، و”لا أظن أنها تشكل خارطة طريق نحو إنهاء الانقسام”.
وشدد على أن “الاتفاقيات السابقة أكثر وضوحاً وأكثر دقة وأكثر قابلية للتداول، حث أنها ليست اتفاقية ولا تفعل شيئاً، وهي ورقة مبادئ عامة يمكن لكل الناس أن توافق عليها دون أن تحرك شيئاً إلى الأمام”.
ويقول عوكل إن القوى السياسية كلها تريد مصالحة وتريد إنهاء الانقسام والمشاركة السياسية ولكن في ضوء التجربة والواقع المرير، “فإننا نحتاج لخطوات منطقية حقيقية وخلفها جهد كبير ومتابعة عربية لدفع الأطراف نجو إنهاء الانقسام”.
ولفت إلى أن “هناك قناعة لدى المواطن، بأن الانقسام باقٍ لفترة طويلة، نظراً لتجذر ومأسسة هذا الانقسام، وكثرة خيبات الأمل”.
وكانت الانقسامات السياسية منذ عام 2007 قد أدت إلى إحباط تطلعات الفلسطينيين في كسب المزيد من الدعم لقضية إقامة دولة كما منعت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ عامي 2005 و2006 على التوالي.
وكان فوز “حماس” في الانتخابات التشريعية في 2006 قد أطلق شرارة الانقسام السياسي الفلسطيني. وفي العام اللاحق، سيطرت الجماعة الإسلامية التي تعارض السلام مع إسرائيل على قطاع غزة بينما ظلت السلطة الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس محمود عباس والمدعومة من الغرب ممسكة بمقاليد السلطة في الضفة الغربية.
ويريد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استغلال استضافة بلاده لقمة جامعة الدول العربية الشهر المقبل، وهي الأولى بعد جائحة كوفيد-19، لترسيخ مكانة بلاده كقوة إقليمية بارزة. وأجرت الجزائر محادثات على مدى شهور مع الفصائل الفلسطينية لتمهيد الطريق إلى اتفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى