الشاشة الرئيسيةمقالات

بكى صاحبي لما رأى الدرب بيننا

بكى صاحبي لما راى الدرب بيننا .
د. عبدالمهدي القطامين

بكى صاحبي لما رأى الدرب بيننا …وبكيت حين رأيت ان ما بيننا كان الوطن كل يشد ازاره ورداءه ويزعم انه ملك له …. بكى صاحبي وابكاني حين رأيتهم يشلحون الوطن رداءه ويعزفون على اشد اوتارنا الما وحيرة ودهشة ونزقا وجنونا ومحبة ودفء وقشعريرة وهوى يتدفق مثل السموم اذا ما ارتحلنا عن ترابه .
بكى صاحبي وقال : اين الوطن ؟
تلفت مثل عاشق يبحث عن طيف حبيبته التي شد اهلها ظعنهم ذات صباح موغل في الفجيعة فلم يبق سوى طلل يلوح كوشم على ظاهر اليد
فقلت له : كفى يا صاحبي كفى اولا ترى اننا مثل كومة قش كما قال تيسير رحمه الله يتدرب علينا هواة الملاكمة كل حين

قال : اي حجم فجيعة يروادنا ويراودك ويراود من اشعلوا جذوة الروح ونفخوها ذات حد ملتهب فعادوا محملين على نعوش يلفها علم الوطن بينما كانت النشمية تزغرد يا لثارات الوطن .
قلت : ذاك زمان مضى يا صاحبي وانقضى واستبدل القوم رائحة الباورد بعطر فرنسي يسكب كل حين على مدارج القصور التي علت في الوطن قامت اساساتها على بزنس ولهو ومتاجرة حلال وحرام لم نعد معها نعرف من يموت من اجل من ؟ومن يعيش من اجل من ؟ ومن يستريح هنيهة من عذابات وطن يضيق كما يضيق القبر ويسحن عظام ساكنيه ؟ ثم رويدا يا صاحبي اليس من متسع هنا في هذا الدو الخالي من حمحمة الخيل من يهتف ويرفع الصوت عاليا ليقول ” والعاديات ضبحا فالموريات قدحا” ….
ضحك الصديق وقال : ما ظل من عبارتك الحزينة هذه الا قدحا وانت تعرف معنى ما يكون القدح اذا دارت بين اقوام لئام على مادبة ايتام عظهم الجوع فباتوا ثلاث ليال بغير عشاء .
قلت : على هونك يا صاحبي ، فمن ما زالت تنسج خيطها وتنقضه بانتظار الغائب الذي قد لا يعود وربما عاد لينفخ من روحه قليلا في روح المتعبين الساكنين جوار عيش يتشظى كل يوم
قال بحزن بعد ان اشعل سيجارة تبغ قديم ” انت واهم وتبحث عن ابرة في كومة قش وساتركك الى حين ان تعود ضالتك .
ومضى صاحبي لما رأى الوطن بيننا ….. مودعا خلفه كومة من الاسئلة التي ظلت ترود في المكان تبحث عن انسان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى