الشاشة الرئيسيةمحليات

2020.. سنة الكورونا والفقر

متمسكين بالحياة وإرادة البقاء وحب الوطن المعهود عنهم، يخرج الأردنيون من تحت ركام العام 2020 أقوى وأكثر صلابة، بعد أن اثقلهم هذا العام “البائس” بوابل من الضربات الاقتصادية القاسية والمتلاحقة، فرضتها تداعيات جائحة عالمية “كوفيد 19” على مدى 10 أشهر، لم تسمح لهم فيها بالتقاط انفاسهم، حتى وهم يستقبلون العام الجديد، فيما ألقى استمرار بعض الأزمات الاقليمية، بظلالها المرهقة على السياسة الخارجية الأردنية.
يودع الأردنيون عاما قاسيا بكل المقاييس، فرض سطوته “بؤسا” على جميع مناحي الحياة، ما ساهم في تغيير انماطها، متأثرة بالاشتراطات الصحية التي فرضتها الحكومة، وهو الأمر الذي حال احيانا كثيرة بين الأم وابنها.
ورغم ان 2020 كان عاما حافلا بالأحداث والتطورات المؤلمة والقاسية، الا انه لم يخل من محطات وطنية مضيئة، فمنذ بدء جائحة كورونا، استشرف جلالة الملك عبدالله الثاني، لمستقبل العالم وسبل العيش والمساعدة في التعافي ما بعد الجائحة فيروس كورونا، تمهيدا لطريق متعاف وأكثر شمولية واستدامة ومتانة، ووضع الأسس لمستقبل أفضل.
وكان إعلان إسرائيل نيتها ضم أغوار الأردن، أحد أبرز الملفات السياسية التي حذر منها جلالته، كونها امتدادا لصفقة القرن، فانشغل الأردن وعلى أعلى المستويات باتصالات مع قادة العالم ووزراء الخارجية العرب والاتحاد الأوروبي، لحشد موقف دولي يمنع إسرائيل من تنفيذ قرارها بضم ثلث دولة فلسطين المحتلة.
وعلى هذا الأساس نجح الأردن في ايصال رسالته إلى دول أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا وأستونيا وبولندا، والتي أكدت الشهر الماضي في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، عدم اعترافها بأي تغيير تجريه إسرائيل على حدود ما قبل الخامس من حزيران (يونيو) 1967.
وعلى الصعيد السياسي الداخلي، لم تكن حكومة الدكتور عمر الرزاز ذات حظ وافر في التزامها بالتعهدات التي اطلقتها بعد تشكيلها، إذ بعد مرور أكثر من عام على ذلك داهمتها جائحة كورونا فغيرت الخطط والبرامج، والقت بظلال ثقيلة على قراراتها وإجراءاتها، فيما واجهت استحقاقا دستوريا بعد تنسيبها بحل مجلس النواب ورحيله في 27 أيلول (سبتمبر) الماضي، برحيلها في 3 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة بشر الخصاونة في 12 من الشهر ذاته، على وقع استياء شعبي بسبب المشاكل الاقتصادية التي فاقمتها التدابير الوقائية لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد 19).
وتجلى الحرص الملكي على الايفاء بالمواعيد الدستورية، بصدور أمر ملكي في التاسع والعشرين من تموز (يوليو) الماضي باجراء الانتخابات النيابية، وعلى الفور حدد مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، يوم العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي موعدا لاجراء انتخابات مجلس النواب التاسع عشر.
اجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، كان له تأثيرات إيجابية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالأردن بعث رسائل دولية وإقليمية واضحة بأنه دولة قوية قادرة على مواجهة الظروف والتبعات الاستثنائية كافة.
وبينما تعطلت عجلة الإنتاج والتصدير في العديد من البضائع خلال جائحة كورونا، انتعشت بتوجيهات ملكية صادرات الصناعات الدوائية بالتحديد، إلى جانب المستلزمات الطبية، كالألبسة الواقية والكمامات والمعقمات.
بداية الجائحة كانت من مدينة ووهان الصينية، عندما أخلى الأردن مواطنين أردنيين وعربا كانوا متواجدين في مدينة ووهان التي بدأ يتفشى فيها فيروس كورونا، لتعلن حكومة عمر الرزاز آنذاك نشر ماسحات حرارية في المعابر ووضعت غرف عزل في المطارات، وحجر بعض المصابين دون تسجيل إصابات انذاك، فضلا عن منع تصدير الكمامات الطبية خارج المملكة، وسط إطلاق حملات للتوعية كاجراء احترازي.
وفي آذار( مارس) من العام 2020 كان الأردن على أول موعد مع فيروس كورونا، حيث سجل أول اصابة كانت مثار تندر لدى الأردنيين، لمواطن أردني قادما من إيطاليا، حيث خصصت الحكومة أكثر من منطقة عزل وحجر صحي للمصابين أو المشتبه بإصابتهم في مستشفيي الأمير حمزة والبشير وفي عدد من الفنادق المستأجرة في منطقة البحر الميت ولاحقا في عمان والعقبة.
وقد يكون سوق العمل أكبر ضحايا كورونا للعام 2020، رغم ان العام ابتدأ باتخاذ قرار رفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 260 دينارا وانتهى باقرار تطبيق هذا القرار.
إلا أن معطيات كثيرة أخرى دخلت على العمال صعبت حياتهم ابرزها خسارة الآلاف لوظائفهم في حين عانى الغالبية من اوامر الدفاع الخاصة بسوق العمل.
بينما قفزت معدلات البطالة والفقر في المملكة إلى مستويات قياسية خلال العام 2020 يرى خبراء أن لا مؤشرات تدلل على احتمال تحسن هذين المؤشرين خلال العام المقبل.
ويشير الخبراء إلى أن استمرار ارتفاع مؤشري البطالة والفقر سيؤدي إلى فقدان شريحة واسعة من الأردنيين قدرتها على تلبية متطلباتها الأساسية وبالتالي زيادة المشكلات الاجتماعيّة والنفسيّة والبحث عن “السترة”.
ولم تقتصر تأثيرات الجائحة على سوق العمل فقد كان العام 2020 ثقيلا على وزارة التربية والتعليم، جراء الأحداث الدراماتيكية المتسارعة غير المسبوقة بتاريخ الوزارة فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد عليه، والتي وضعت نظامنا التعليمي أمام تحد واختبار يعد الأول من نوعه بشأن مدى استجابته وقدرته على الحفاظ على استمرارية العملية التعليمية دون انقطاع، في ظل إغلاق المؤسسات التعليمية.
كما فرضت الجائحة اجندتها على مؤسسات التعليم العالي في البلاد اعتبارا من الفصل الثاني من العام الدراسي المنصرم، بتحول الجامعات الرسمية والخاصة والكليات الجامعية المتوسطة بالتوجه نحو التعليم عن بعد واتباع اساليب تقييم وامتحانات غير مسبوقة وسط تحديات جمة.
وشكل العام 2020 وما تبعه من انتشار وباء كورونا المستجد، عاما استثنائيا على النقابات المهنية، خاصة وأن 7 نقابات مهنية وهي (المحامين، الصيادلة، الأطباء، الصحفيين، الجيولوجيين، الفنانين، الأطباء البيطريين) كانت تنتظر إجراء انتخاباتها، وتأجلت بقرار حكومي إلى وقت غير معلوم، نظرا لخطورة إجرائها في ظل محاولة الحكومة محاصرة فيروس كورونا ومنعه من التمدد داخل المجتمع.
كما اشتدت قساوة العام 2020 على قطاع المياه، الذي يعاني أصلا من تحديات جسام ممتدة لسنوات في بلد يصنف ثاني أفقر دولة بالمياه على مستوى العالم، طالته وزادت من حدته مؤخرا تبعات أزمة فيروس كورونا، وتجلت بارتفاع الطلب على المياه بشكل غير مسبوق خلال فترة الجائحة، بما نسبته 10 % خلال العام 2020 عن خطة التزويد المائي المقررة للعام ذاته.
وفي خضم أحداث وتداعيات جائحة كورونا تراجعت معدلات الجريمة خلال العام 2020، بعد التزام المجرمين منازلهم قرابة شهرين من الحظر الشامل والجزئي منذ منتصف آذار (مارس الماضي) وحتى نهاية أيار(مايو) الماضي، ولكن بالرغم من انخفاض معدلات الجريمة، الا ان المجتمع الاردني شهد ظاهرة جرمية جديدة، وهي ارتكاب جرائم بشعة بحق الأطفال بسبب خلافات مع آبائهم.
كما تميز العام 2020، بأنه أكثر عام شهدت فيه الغابات بمحافظات الشمال نشوبا للحرائق، مقارنة بالعشر سنوات الماضية وفق بيانات مديريات الزراعة فيها، ما حول مناطق فيها الى جرداء.
ولم يكد العام 2020 يبدأ حتى توقفت مختلف المنشآت السياحية عن العمل في المملكة، فيما كانت محافظات الجنوب الأكثر تضررا، لكون غالبيتها تعتمد في جزء كبير من حياتها الاقتصادية على قطاع السياحة، الذي تضرر كثيرا ليعاني قطاعا واسعا من المواطنين من فقدان مصدر رزقهم الوحيد. ( الغد )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى