الشاشة الرئيسيةدولي

كيف حوّل العِراقيّون “تباهي” السفيرة الأمريكيّة بإفطارها مع شُيوخ عشائر عِراقيّة إلى “إهانة” ولماذا سارعت لحذف تغريدة صورة الإفطار ونشرتها مُعدّلة لاحقاً؟.. وكيف تبرّأت العشيرة صاحبة الدعوة منها وهل دُعيت السفيرة للإفطار أساساً أم ادّعت ذلك؟

الغواص نيوز
لا يزال ينظر العراقيّون وحتى بعد الغزو الأمريكي لبلادهم، وإسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والذين وعدوهم بالحريّة والرفاهيّة، إلى التعامل معهم (أي الأمريكيين) بمثابة الخيانة للوطن، ويتم التعامل مع الخونة عادةً بازدراء.
العراقيّون، جدّدوا الولاء لبلادهم، وهذه المرّة، حينما دفعوا السفيرة الأمريكيّة في بغداد ألينا رومانوسكي إلى حذف صُورتها مع “شيوخ عشائر” شاركتهم وجبة الإفطار في رمضان إلى جانب عدد من الدبلوماسيين، ويبدو أن سفيرة أمريكا كانت تُريد نشر الصورة من باب المُباهاة، وإظهار مدى تماهيها مع العراقيين، وعشائرهم تحديدًا، ولكن بدا أن الشارع العراقي كان لها بالمرصاد.

ونشرت السفيرة الأمريكيّة الصورة التي أثارت غضباً وجدلاً في العراق على حسابها في “تويتر” وظهرت فيها مع شيوخ عشائر عراقيّة (مُنهمكون في تناول الطعام)، وكتبت: “خلال شهر رمضان المُبارك أشعر بالامتنان لمُشاركة وجبة الإفطار مع شيوخ العشائر العراقيّة الذين تعد رؤيتهم مهمة لبناء عراق أقوى، ومُستقر، وأكثر ازدهارًا”.
وتساءل العراقيّون عن أيّ عراق أقوى تتحدّث عنه السفيرة الأمريكيّة، وهم لم يعرفوا عِراقاً مُوحّدًا قويّاً من بعد الاحتلال الأمريكي لبلادهم، ولماذا لا تجتمع السفيرة مع المسؤولين المعنيين في العراق، ولماذا تًحاول الخروج عن الأعراف الدبلوماسيّة لعملها، وتعمل كأنها حاكم لولاية من الولايات الأمريكيّة.
وسُلّطت الانتقادات على “العشائر” التي دعت السفيرة الأمريكيّة للإفطار، وطالب نشطاء العشائر التي أخطأت بدعوة السفيرة بالاعتذار، ووصفوا تصرّفهم بغير اللائق، وهاجمت النائبة العراقيّة عالية نضيف وكتبت عبر حسابها في “تويتر” قائلة”: مع احترامنا لكل شيوخ العشائر الكرام، من المُحزن والمُحرج جُلوس بعض الشيوخ في مجلس تتصدّره السفيرة الأمريكية، وتتسيّد على الحضور وكأنها أعلى مقامًا منهم، فيما يمتنعون عن الذهاب والجلوس في فواتح (مجالس عزاء) النساء من أبناء جلدتهم، لأنهم يخجلون من الجُلوس في عزاء إمرأة.. تناقض عجيب”.
وتوقّف مُعلّقون عند مُسارعة السفيرة الأمريكيّة إلى حذف تغريدتها الأولى، وعدم ثقتها بما أقدمت عليه ونشر صُورتها، حيث استشعرت بأنها منبوذة، ولا تستطيع التماهي والانخراط بين العراقيين، وبعد سيل من الانتقادات والسخرية التي طالتها عبر حسابها الرسمي.
وعادت السفيرة الأمريكيّة لاحقاً في مُحاولةٍ للملمة كرامتها المُبعثرة على يد المُغرّدين العراقيين الغاضبين، نشرت السفيرة تغريدة جديدة خالية من صورة رجال العشائر مع تغييرات طفيفة في سياقها، حيث كتبت: “خلال شهر رمضان المبارك، سُعدت بمشاركة مائدة الإفطار مع شيوخ وزعماء العشائر العراقية الذين تعتبر رؤيتهم حيوية لبناء عراق أقوى وأكثر استقرارًا وازدهارًا. كما استمتعت بالانضمام إلى زملائي الدبلوماسيين خلال الإفطار”.
ولافت بأن عشيرة “آل أزيرج” لم تقبل بأن يزج باسم العشيرة ويتلطّخ بالجلوس مع السفيرة الأمريكيّة على طاولة إفطار، واعتبرت في بيان واضح وصريح وصارم، أن التصرّف يُمثّل الرؤية الفردية للشخص ولا يُمثّل القبيلة المعروفة بتاريخها العريق وأصالتها وعروبتها ووطنيتها”، وهو موقف زاد من إحراج السفيرة الأمريكيّة التي عبّرت عن امتنانها لتواجدها مع شيوخ العشائر، وليقطع عليها العراقيّون والعشيرة ذاتها المُفترض صاحبة الدعوة، فرحتها، وامتنانها، والرسائل السياسيّة التي أرادت إرسالها من نشر الصورة، وفشلت، أهمها بأن العشائر العراقيّة تتقبّل وجودها وبلادها، وهي تُسيطر عليها.
ويبدو أن السفيرة الأمريكيّة لم تجر دعوتها أساساً، أو بشكل شخصي كما ادّعت، حيث أصدر مجموعة من شيوخ عشائر “آل أزيرج” توضيحًا حول دعوة السفيرة الأمريكيّة إلى مأدبة الإفطار، مؤكدين أن الدعوة وجهت إلى الاتحاد الأوروبي من قبل ديوان الإصلاح المجتمعي، وذكر الشيوخ، في مقطع فيديو، أن دعوة السفيرة الأمريكية تمّت عن طريق السفيرة الأستراليّة، وأن ديوان الإصلاح المُجتمعي لم يُوجّه دعوة خاصّةً لها، مشددين على “موقف العشائر الرافض للتعامل مع ممثلي الدول التي أضرّت بالعراق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى