اقتصاد

“صافر” تتهالك بباب المندب.. والعقبة في مرمى الخطر

الغواص نيوز _ حذر أستاذ كيمياء البيئة والبيئة البحرية الأردني الدكتور أحمد أبو هلال عضو فريق خبراء الأمم المتحدة الاستشاري لحماية البيئة البحرية، من المخاطر البيئية والاقتصادية والملاحية على موانئ البحر الأحمر ومنها ميناء العقبة، جراء وجود أخطار من تسرب النفط من الناقلة “صافر” والعائمة في باب المندب، والتي تتعرض للتآكل بسبب الإهمال وعدم الصيانة منذ ما يقارب الـ30 عاما، فيما تخضع حاليا لسيطرة جماعات مسلحة في اليمن.
وترسو “صافر” على بعد 4.8 ميل بحري (9.0 كم) عن ميناء رأس عيسى و32 ميلا بحريا (60 كم) شمال مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
وكانت سفينة صافر وضعت في الخدمة العام 1976، وهي ناقلة نفط كبيرة يبلغ وزنها الداخلي 409,000 طن متري وتبلغ طاقتها حوالي 3 ملايين برميل من النفط، وأصبحت ثالث أكبر ميناء عائم في العالم لتخزين النفط وتصديره إلى العالم.
وكانت السفينة تستخدم لتصدير النفط الخام الخفيف المستخرج من محافظة مأرب بواسطة خط أنابيب يصل طوله إلى 430 كم، وتتصل بمعدات تسمح بنقل النفط الخام للسفن الأخرى لأغراض التصدير، ويحتوي هذا الخزان العائم على كمية من النفط الخام تبلغ مليونا و140 ألف برميل (يعادل تقريباً 160 ألف طن) بقيت عليه من فترة ما قبل اندلاع الحرب.
وأشار أبو هلال، إلى أن أي تسرب من السفينة “صافر”، يمكن أن يؤثر على خليج العقبة ومدينة العقبة بنفس الآثار على دول المنطقة وعلى البيئات البحرية فيها، بسبب التلوث الذي يمكن أن يحدثه هذا التسرب، وبالتالي إغلاق البحر الأحمر، وحركة التصدير والاستيراد عبر ميناء العقبة، مما يؤدي إلى ارتفاع في أسعار الشحن والبضائع، وتوقف السياحة البحرية ومداخيلها، وبالتالي على الاقتصاد الوطني.
وبين أن ظروف المناخ والطقس التي تسود في البحر الأحمر في فصل الشتاء، هي التي تعمل على حركة المياه السطحية في البحر وتوجيهها نحو الشمال مرورا إلى خليج العقبة، وهي بذلك يمكن أن تنقل نفط صافر إذا تسرب، الى خليج العقبة.
وقال إنه من المعروف أن فصل الشتاء هو فصل الرياح الجنوبية القوية التي تتجه إلى شمال البحر الأحمر وخليج العقبة، والتي تسمى في العقبة باسم “الأزيب”، وهي تحرك مياه البحر الأحمر وخليج العقبة نحو الشمال أيضا، وهي بذلك يمكن أن تنقل كميات من النفط التي تبخرت وتطايرت منه الأجزاء والمكونات الخفيفة والطيارة، فأصبح على شكل كتل شبه صلبة من “القار المختلط بالماء” (الزفت أو القار)، ويشبهها البعض ب: “كيكة الشوكولاتة” أو “مخفوقة الشوكولاتة”، التي تطفو على سطح المياه البحرية لأن كثافتها منخفضة، ثم تحملها الأمواج والتيارات السطحية فتصل إلى رمال الشواطئ وترسو عليها فتؤثر على الصيادين وأدوات الصيد وعلى الشواطئ واستخداماتها من قبل السائحين والزوار.
وحسب أبو هلال، فإن الخبراء يؤكدون أن هذا الوضع الكارثي على كل الصعد يمكن تفاديه تماما، وهو في يد حكومات المنطقة ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي وكذلك على الجهات المتصارعة.
وقال إن الطريق الصحيح هو أن تناقش كل الجهات المهتمة وذات العلاقة العقبات السياسية والفنية وتقوم بعمل وقائي يمنع حدوث هذه الكارثة غير المسبوقة في هذه المنطقة.
ويقول أبو هلال، ان الباخرة “صافر” برز موضوعها في مشكلة التآكل الذي يحدث للباخرة، والذي يمكن أن يحدث عنه تسرب نفطي يقدر بحوالي 1.2 مليون برميل من نفط مأرب الخفيف.
ويقدر الخبراء حسب أبو هلال، بانه وفي أفضل الحالات فإن 75 % من النفط الموجود على السفينة سيتبخر في غضون يومين تقريبا إذا تسرب إلى البيئة البحرية، بالإضافة إلى أن تسرب أي كمية مهما كانت قليلة من أي نفط خفيف، مثل نفط مأرب، يكون التعامل معه غاية في الصعوبة حتى في الظروف العادية، أما في ظروف الكورونا التي تحد من القدرات اللازمة للتعامل مع أي تسرب، فإن التعامل معه وإزالة أثر التلوث يصبح مهمة مستحيلة.
ويقولون كذلك إنه إذا لم يتم القيام بما يجب فإن منطقة غاية في الأهمية هي منطقة البحر الأحمر، سوف تواجه كارثة بيئية وإنسانية خطيرة، وهي كارثة لم يتم العمل على تجنبها في السنوات السابقة، وهي كارثة يزداد الخوف منها الآن لأنها تأتي في هذا الوقت السيئ وفي هذه الظروف القاسية على المستوى العالمي، لتدشن بداية عقود قادمة من المشقة والمعاناة.
وباب المندب هو ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وإريتريا في أفريقيا، ومنذ افتتاح قناة السويس العام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، تحوّل باب المندب إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وتزداد مع مرور كل يوم تحديات الباخرة صافر بسبب تآكل جسم السفينة وهيكلها ومكوناتها، تحت الظروف البيئية للبحر البحر الأحمر من ملوحة وحرارة ورطوبة عالية جدا بالإضافة إلى خطورة أخرى محتملة تتعلق بالغازات الطيارة التي يمكن أن تكون قد تجمعت في الخزانات (بعد أن تم معالجتها بغاز خامل عام 2017)، ويمكن أن تشتعل في أي من خزانات النفط الـ 34، فتشعل النار في السفينة وتحدث انفجارا يدمرها تدميرا كاملا.
ويشير أبو هلال إلى أنه وفي حالة السفينة صافر يحدث في البحر الأحمر كم كبير من التدفق واضطراب حركة مياه البحر، وفيه نوعان من التيارات البحرية من حيث اتجاهها. الأول يحدث في الشتاء، حيث يسود اتجاهها الى الشمال نحو خليج العقبة، ومع أن انتقال النفط إلى الشمال يمكن أن يكون محدودا بسبب التيارت الساحلية أو طبيعة الانتقال بين لسان البر وجزيرة كمران، ومع ذلك فإن التيارات البحرية المحاذية للشاطئ الشرقي يمكن ان تحرك معظم النفط وتنقله على طول الشاطئ السعودي على الأقل.
أما في الصيف، فتنعكس حركة المياه السطحية بسبب حركة قوية من التيارات في جنوب البحر الأحمر التي تعمل على خروج المياه جنوبا من خلال باب المندب إلى خليج عدن ثم إلى خارجه، وفي هذه الحالة سينتقل قليل من النفط شمالا نحو العربية السعودية ولكن معظم النفط سينتقل من منطقة السفينة صافر
إلى الجنوب على طول الساحل اليمني ليصل ميناء الحديدة اليمني- وهو البوابة الرئيسة للمعونات الدولية خلال حرب اليمن- في طريقه إلى الممر الضيق في باب المندب جنوبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى