الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

شعرية الصراع ( مقاربة نصية في شعر المتنبي )

الدكتور جميل الشقيرات

أهداني صديقي العزيز الدكتور مفلح الحويطات عميد كلية اللغات في الجامعة الاردنية/العقبة مشكورا نسخة من كتابه (شعرية الصراع) الصادر حديثا عن هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة دار المكتبة الوطنية والذي كتب مقدمته الدكتور خالد الكركي المسكون بشعر المتني ورونقه العجيب – احتوى الكتاب على ٢٥٥ صفحه توزعت على خمسة فصول تناول کل فصل منها أحد تجليات الصراع في شعر المتنبي.
الفصل الاول تناول صراع الأنا والاخر والذي يشغل حيزا واسعا في شعر المتنبي والدليل انه كثيرا ما يكرر ضمير المتكلم في قصائده
انا ابن الفيافي أنا ابن القوافي أنا ابن السروج أنا ابن الرعان
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي
فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

في الفصل الثاني يعرض الدكتور مفلح تجليات ظاهرة صراع الشعر والسلطة حيث بين علاقة المتنبي مع سيف الدولة وكافور وكيف امتازت العلاقه بينهما بالحدة والمواجهة والدليل على ذلك قصيدته في سيف الدوله المشهورة
وأحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي ومالي عنده سقم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم

وكذلك قصيدته في كافور التي توضح مدى الصراع بينها
ولولا فضول الناس جئتك مادحا بما كنت في سري به لك هاجيا
فأصبحت مسرورا بما أنا منشد وان كان بالانشاد هجوك غالبا

في الفصل الثالث توقف الدكتور مفلح عند صراع الأنا والزمن وعلاقتهما بالمتنبي حيث اتسمت هذه العلاقة بالتوتر والقلق لكنه دائماً كان يبدي قوته في مواجهة الزمن بالشجاعة والإقدام.
مت عزيزاً أومت وانت كريم بين طعن القنا وخفق البنود
روي حياض الردى يا نفس واتركي حياض فوق الرؤى للشاء والنعم

الفصل الرابع تناول صراع الأنا والمكان عند المتنبي حيث كانت علاقته بالمكان تتسم بالتوتروعدم الانسجام وهذا ما يعززه كثرة الأماكن التي توزعت عليه رحلته ما بين الكوفة وبغداد وبلاد فارس ومصر ومدن الشام .
لقد عانى المتنبي في صراعه مع الأنا والمكان من الغربة والقيد وتجاوز المكان والإحساس بالفقد والضياع
بم التعلل ؟ لا أهل ولا وطن ولا نديم ولا كأس ولا سكن؟
شر البلاد مكان لا صديق به وشر ما يكسب الإنسان ما يصم

اخر انواع الصراعات في شعر المتنبي في دراسة المؤلف هو صراع البنية الشعرية وكيف أن كل قصيدة من قصائده تتضمن مجموعة من العناصر المتصارعه والموضوعات المتضادة التي تشكل في مجموعها بنية القصيدة فقد لستخدم المنتبي بلاغة التضاد في شعره
الحزن يقلق والتجمل يردع والدمع بينهما عصي طيع
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

كما استخدم المتنبي بنية المفارقه فى شعره وهى مهارة لغوية وذكية بين طرفي صانع المفارقة وقارئها ولعل قصيدته الشهيرة في العيد تعد مثالاً واضحاً على هذه المفارقه
عيد بأي حال عدت يا عيد ؟ بما مضى أم لأمر فبك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيدا دونك بيد

في الختام أقول بأن هذه الدراسة من الدراسات النقدية المتميزة لشعر المتنبي حيث توغل المؤلف في قصائد المتنبي وما تضمنته من صراعات مختلفة والتي اضافت لبنه الى عمارته الشعرية التي تزداد شموخاً مع الأيام وإن شعره ومضامينه ستبقي أبد الدهرفهو الذي قال:
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم

كل الشكر للدكتور مفلح الحويطات على هذا الجهد الأدبي الرصين وعلى ايقاظه للمتنبي عبر شعاب ديوانه وقصائده العظيمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى