مقالات

“سهمٌ دفن وأنبت وردة”

كتبت د/ زهور السعودي

بدايةً، اسمحوا لي في اليوم الأخير من عام 2020 أن أقول للجميع أن الحمد لله الذي جعلها سنة تطفو بالمتناقضات حتى نتعلم منها المزيد، فلو لم تكن سنة عجفاء لما عشنا فيها بعضاً من لحظات الخير والجمال، ولا رأينا فيها بعضاً من ترهات السوء والقبح. والحمد لله الذي جعلها سنة إختبار وإمتحان وتجربة مريرة لنا، وجعل نهايتها تمرّ وتولي بعيداً بكل ما فيها من ذكريات مؤلمة وسعيدة على حد سواء، سنة هي الأصعب في حياتنا رغم تذوقنا ما كان أصعب منها في سابقاتها، لكنها السنة التي جعلتنا نعيش في مجتمع متذبذب بخط بياني متعرج بين صعود ونزول، ربما ميزتها الوحيدة على الصعيد الشخصي أن زاد رصيد معارفنا من بعض البشر الجدد، منهم ما شاءالله، أناس أخيار لم نتوقع يوماً أننا قد نلتقي بنماذج منهم، فإستحقوا منا رفع القبعات لهم، ومنهم والعياذ بالله، أناس سلمنا الله بلطفه من شرورهم، فما إستحقوا منا أن نكتب ولو حرفاً زائداً عنهم.

برأيي المتواضع، أن في السنة المنصرمة تركزت بإكتشاف أن الله جلت قدرته كان يحطينا بإهتمامه ورعايته، ينقلنا من حال الى حال دون إختيار منا، حتماً لم يكن إختياراً ربانياً بقدر ما كان منحة لنا، كنا نعتقد للوهلة أن باب الفرج بعيد، وأن النجاح في حالتنا يصعب الوصول اليه، لكن، بكرم الله، جعلها سنة تحوي تجربة وفرصة للجادين بعمل الخير، مرّت كأنها طرفة عين، علمتنا الفهم الإنساني لمدلول سياسة القطيع بإعتباره مصطلح جديد شاع ذكره، أكدت لنا أن لكل انسان أجلٌ وكتاب علينا عيش تفاصيله، عرفتنا بوجود شيء إسمه “سعادةٌ بالأهداف” كعلم الإدارة الذي فيه “إدارة بالأهداف”، وأخبرتنا أن للحياة لذةٌ حين نحقق هدف نبيل أو نصنع فرحةً عند الأخرين، القناعة فعلاً “كنز لا يفنى” وفقط حين يكمن خلفها ” حسن ظن بالله” ثم “راحة نفس” ثم “راحة ضمير”.

نعم، فقدنا في سنة 2020 الكثير من الأحبة، لكن رحيلهم كشف مقدار حزننا عليهم وشوقنا إليهم ومرارة بعدهم عنا، وما يدرينا لعل الله تعالى إختار لهم الأحسن، لكن بلا شك، إختار لهم السعادة الأبدية الأجمل بإذنه. بالمقابل، أبقت سنة 2020 بعضنا بحمد الله بخير، نترافق مع نخبة الأصدقاء الذين دوماً كانوا معنا، شكرا لله على وجود هؤلاء في حياتنا، كم نتمنى لو يتمرد خجلنا ونذكر أسمائهم، وما فعله الخيرون للآخرين بعمل جاد ومعاملة طيبة ولكنهم يعرفون ذلك بقرارة أنفسهم، نعم عشنا لقطات من الفرح والحزن، وتجاوزنا أحداث السنة العصية، بالنتيجة، سيبقى الناجون عائلة كبيرة، ويستمر كفاح الإنسان في هذا العالم.

اليوم إذ نقول وداعاً لسنة 2020، لنكرر كم نحن ممنونين لها، لأن أحداثها علمتنا الشيء الكثير، فبالرغم من قسوتها على الإنسانية جمعاء وعلى الوطن، لكننا سنظل ننشد الأمل والحب والحلم بغدٍ أجمل وأرقى، كل عام وأنتم يا بني وطني بألف ألف خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى