الشاشة الرئيسيةمقالات

حكم وحكومات …. اين الخلل ؟

 

الدكتور عبدالمهدي القطامين

من يعتقد ان  في الأردن “هذه المملكة التي دخلت  عامها الأول بعد المئة ” حكومة واحدة تدير شؤون البلاد والعباد هو واهم حقا فهناك على الدوام حكومة تظهر وتصرح امام الناس وهناك حكومة أخرى في الظل تطبخ وتنفخ وتصنع القرار وتدفعه للإمضاء من الحكومة الظاهرة  …. حكومة الظل دائما بعيدة عن النقد متوارية لا تظهر …. اما الحكومة الظاهرة فتعرف من مدى سطحيتها حين تتخذ قرارا ويواجه باللغط من الناس تعجز عن الدفاع عن قرارها امام الجمهور وتنال هي اللوم والتقريع من الجمهور لإنها بكل صراحة لم تصنع ذلك القرار ولكنها وقعته وشتان بين الحالتين .

حكومات الظل او خلايا صنع القرار هي ظاهرة صحية حالة ان تستند الى مراكز أبحاث ودراسات تحلل وتناور وتضع السيناريوهات وتأخذ بالحسبان كل شاردة وواردة ثم تصل الى القرار المطلوب والصحيح لكن الوضع الأردني مختلف تماما عن هذا التعريف ولا يتفق مع ما ذكرنا سابقا فقد يدلي شخص ما برأيه ويصبح ذلك قرارا نافذا ولكن كيف توصل اليه وكيف سيخرج وما هي ردات فعله تلك مسألة أخرى فالحكومة الظاهرة تتولى التبعات وتتحمل النتائج .

امران مهمان حدثا في اخر حكومة اردنية والتي يرأسها د .بشر الخصاونة   الامر الأول حين صحا الجمهور ذات يوم على قرار من رئيس الحكومة يطلب فيه من وزيري  وزارتين سياديتين العدل والداخلية ان يقدما استقالتيهما وكان مبرر الرئيس في ذلك ان الوزيرين اخلا بقرار الدفاع لكن الجمهور لم يقتنع تماما بما ذكر الرئيس وظلت أسئلة الاستقالة تدور في الفضاء الأزرق بحثا عن إجابة مقنعة لكنها لم تأت  في حين اكد الوزيران ان الاخلال بقرار الدفاع ليس هو السبب وان وراء الاكمة ما وراءها الى هنا وسكتت شهريار عن الكلام المباح وغير المباح أيضا .

بعد إعادة تشكيل الحكومة لأسباب لا يعلمها الجمهور أيضا شكلت استقالة الوزير الشاب د. معن القطامين حكاية جديدة ولطمة للحكومة التي لم تفق بعد من لطمة استقالة الوزيرين ساد الهرج أروقة الحكومة ووقف الرئيس عاجزا عن ثني الوزير عن استقالته على الرغم من تكثيف الاتصالات معه وهنا اصبح الرئيس والوزير معا كما يقول المثل الشعبي كبالع الموس الرئيس كان يمارس كل قوته ليعود الوزير المستقيل الى الحكومة ولو لبرهة قصيرة ريثما يتم ازاحته  والوزير يدرك انه لو عاد وقبل التوسط سيضحى به في ليلة ليس فيها نجمة او قمر وسيرد له الصاع صاعين وهنا انقسم الجمهور الى فئتين فئة أعلنت تضامنها مع الوزير في وجه رئيسه على اعتبار انه جرد الوزير من وزارة كان يطمح في تفعليها وتطويرها لإنجاز شيئا من اطروحاته التي كان ينادي بها وعرف بها امام جمهوره  وفئة رأت ان تصرف الوزير كان في غير مكانه وانه كان بإمكانه ان يعتذر عن الدخول في الوزارة المعدلة دون المرور بالموافقة وحلف اليمين ثم الاستقالة وهكذا يحفظ عودة ميمونة الى جمهوره المتابع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويعود منتصرا لا مهزوما كما ترى الفئة الثانية .

الجمهور يدرك تماما ان اليات تشكيل الحكومات في المملكة هي الية معطوبة وعفا عليها الزمن وصانع القرار يعرف كل هذا لكن ما من بديل امامه في ظل ان الانتخابات النيابية توصل الى النيابة شخصيات ضعيفة بائسة لا تمتلك في اغلبها مقومات تشكيل الحكومات والأحزاب ضائعة هي الأخرى بين جمهور لا يؤمن بها وحكومات ظلت تحاربها عبر تاريخ البلاد الحديث حتى محتها عن الوجود او ابقتها حية اقرب الى الموت السريري منها الى الحياة الطبيعية .

الكثير يتساءلون ما هو العمل ؟ والبعض يقدم بعض الحلول المنطقية ومنها اصدار قانون انتخاب جديد يضع شروطا مشددة لمن يرغب الترشح للانتخابات النيابية بحيث يتم ضمان سوية وفاعلية من يصل الى القبة ودون أي تدخلات مخلة باليات اجراء الانتخابات ونتائجها ومحاربة شرسة للمال الأسود المعتاد في كل الانتخابات السابقة ثم الوصول بعد ذلك الى حكومات برلمانية تضع برامجها امام الناس وهي مسؤولة عن تحقيقها امامهم وامام الملك رأس السلطات كافة  وهنا يتشكل لدينا حكومة برلمانية مسؤولة عن اعمالها وحكومة ظل هي في خانة المعارضة تترصد للحكومة التنفيذية وتراقبها وتطيح بها ان لزم الامر ان اخلت ببرنامجها التنفيذي .

أخيرا اجزم ان تشكيل حكوماتنا منذ تأسيس الدولة الحديثة قبل مئة عام اثبت عدم جدواه بهذه الطريقة وان على الدولة ان تعيد حساباتها لتضع قدمها على الطريق الصحيح في المئوية الثانية والا فأننا سنظل ندور في ذات الحلقة المفرغة عند تشكيل أي حكومة جديدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى