فكر وثقافة

“حكاية مثل شعبي” للنوايسة.. الأمثال كمصدر تراثي للأدب

يرى الباحث الاردني نايف النوايسة أن المثل يعد أحد أهم أعمدة الأدب سواء الفصيح منها أو الشعبي، وهو من أقواها تأثيرا وأكثرها شيوعا لعبارته الوجيزة وملامسته لحياة الناس وتجاربهم وخبراتهم وسهولة حفظه، والمثل الفصيح هو مستقر بقالب لغوي سيار عند كل الاخباريين الذين تناقلوه في كتبهم كالميداني وغيره، والمثل الشعبي لا يختلف عن الفصيح، إلا أنه يرد في صيغ لهجية مختلفة داخل الأردن وخارجه، ودلالة هذه اللهجات متقاربة مع التقائها في مضارب واحدة، وهذا ما يعطي للمثل مرونة فريدة في الانتقال وقدرة على أحداث التواصل بين أفراد المجتمع الواحد أو المجتمعات في هذه الدولة وتلك.
ويقول النوايسة في مقدمة كتابه “حكاية مثل شعبي”، الصادر بدعم من وزارة الثقافة، من خلال متابعتي للجهود التراثية الشعبية في الأردن والوطن العربي تبين لي قلة الباحثين الجادين في أبواب التراث المعروفة، وإذ وجدوا فإنهم لا يلقون من الاهتمام والرعاية ما يلقاه باحثون آخرون في المجالات الثقافية الأخرى.
ويهدي النوايسة “حكاية مثل شعبي” كما ورد في الكتاب، إلى الاقمار الجميلة الذين زينوا حياته بحضورهم الندي، وهم ابنه عمر، وزوجته علا، التي قامت بطباعة مادة الكتاب ونسقتها كإضمامة ورد، وحفيديه عصام وعبدالله.
ويقول المؤلف ان كتابه الصادر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، عمان، هو وليد تجربة ثقافية ممتدة على دروب التراث والأدب والتاريخ بدأت من منتصف ستينيات القرن الماضي، وعايش فيها الجهود المبذولة لدراسة تراثنا الشعبي وما قدمه الباحثون فيه من كتب ودراسات ومقالات سواء بالجهود الفردية أو الرسمية او الاكاديمية.
يحتوي الكتاب على العديد من الامثال المتداولة بين الناس وهي:”ابن البط عوام”، “إجا إيد من ورا وإيد من قدام”، “أجاك يا بلوط من يبلطك”، “أجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”، “إدخول الحمام مش مثل الطلوع منه”، “آذار يبن عمي هات ثلاثتك مع أربعي خلي العجيز بالواد تقرعي”، “أصابعك بأديك ما كلهن واحد”، “اعط الخُبز خبازُه لو أكل نُصُه”، “إن فاتك الميري اتمرغ ف ترابه”، “بعد خراب البصره ما اتفيد الحسره”، “بساط أحمدي”، “بفرغ زير- بعبي زير”، “تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي”، “ثلثين الولد لخاله”، “جا يكحلها عماها”، “الجار قبل الدار”، “جحا أولى بلحم ثوره”، “الجود من الماجود”، و”حُط ف الخُرج”.
و”حقه ما بوخد، مثله ما بوخد، لازم يقوم يمشي”، “حُكُم قراقُوش”، “دلة جلحد”، “رمانه وقلوب مليانه”، “زمر ابنيك”، “الصبر طيب”، صُوفك وخروفك وعيني ما تشوفك”، “الضره مره ولو كانت إذن جره”، ضرب الفشك لبو موزه”، “طاسة وضايعه”، “طز يا حمد”، “العز للرز والبرغل شنق حاله”، “على قد الحافك مد رجليك”، “على هامان يا فرعون”، “عنز ولو طارت”، “عيش رجب بتشوف العجب”، “عيش يا قديش لما يجيك الحشيش”، “فقوسة عفرا”، “كل واحد بزيح النار ع قرصه”، “اللي استحوا ماتوا”.
و”اللي بحكي الحق طاقيته مخزوقه”، “اللي بدري بدري واللي ما بدري بقول كف عدس”، “اللي على راسه ريشه بحسس عليها”، “اللي ما بعرف الصقر بشويه”، “لما يجي الصبي انسميه عبد النبي”، “ما احنا دافنينه سوا”، “ما بين حانا ومانا ضاعت الحانا”، “ما كل الوقعات زلابيه”، “المتعوس متعوس لو حطوا ع راسه فانوس”، “مثل تيس عاهره، ومن كثر عليه الهداد شرد”.
و”مثل قدر البهلول”، “مسمار جحا”، “مطرح ميسري يمري”، “من شاف مصايب الناس هانت عليه امصيبته”، “الناس بالناس والكلب حامل راس”، “الناس مع الواقف”، هالقبع إبها لربع”، “هالمقصوفه بلبق إلها”، “الولد ولد ولو صار قاضي بلد”، يا بنهد زاوية البيت يا بنقطع راس العروس”، و”يا مكسر الجمل بطيخ”.
ويرى النوايسة أن رفوف المكتبة الثقافية في الأردن تكشف عن ضعف مصادرها من كتب التراث؛ وهذا الأمر دعاني لأطرح السؤال التالي: لماذا الاهتمام بالتراث ضعيفا، ولا نكاد نسمي بضع عشرات فقط من الباحثين المهتمين بهذا الموضوع؟ وقد وقفت على عمق هذه القضية في فترة رحلتنا البحثية لأعمال المكنز الوطني للتراث الأردني التابع لوزارة الثقافة مع اعضاء اللجنة العليا طوال العشر سنوات الماضية.
ويؤكد المؤلف انه حاول أن يسلط الضوء على موضوعات التراث لعل من يلتقطه من الباحثين يدرك الغاية التي أرمي إليها والهدف الذي نسعى إليه جميعا وهو الالتفات المسؤول إلى مكونات هويتنا الثقافية وصيانتها وحراستها بالبحث الجاد والدراسة المعمقة امام الطوفان الطاغي للعولمة، وتراثنا الوطني على رأسها.
ويلفت النوايسة إلى أن د. هاني العمد لم ينشغل في موسوعته، “الأمثال الشعبية الأردنية”، بحكايات الأمثال لأن المنهج الذي اتبعه لا يشمل ذلك، بينما اعتمد النوايسة كما يشير في كتابه الى بعض الامثال التي أوردها في كتابه بعد أن وجد لها حكايات في مصادر اخرى، بينما استفاد في كتابه الثاني “مضرب الأمثال”، من مصطفى حيدر زيد الكيلاني، الذي جمع فيه طائفة من الأمثال الشائعة في المجتمع الأردني ونظم بكل مثل أبياتا شعرية على نحو ما فعل عرار “مصطفى وهب التل”، في ديوانه “عشيات وادي اليابس”، ولقد عثر النوايسة على حكايات بعض الأمثال عند الكيلاني.
ويؤكد المؤلف انه بعدما جمع ستين مثلا بحكاياتها قام بترتيبها هجائيا واستعرض الصيغ الأخرى التي يرد بها المثل وسرد الحكايات، واكثرها مطابقة للمراد من المثل، وانتهت كل حكاية بالدلالة التي يضرب المثل من اجلها، لافتا الى أن هذا الكتاب هو عبارة عن جهد في مجال التراث ويطمح الى ان يكون قد قدم شيئا يخدم تراثنا الشعبي في الأردن.
ويذكر أن نايف النوايسة أديب أردني مواليد الكرك، حصل على شهادة الجامعية الأولى في اللغة العربية وآدابها، عمل في وزارة الثقافة حتى تقاعده عام 1987، عمل محررا لمجلتي الفنون وأفكار، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعضو مؤسس لمنتدى اربد الثقافي، وعضو مؤسس للملتقى الثقافي في الكرك، وعضو مؤسس لبيت الأنباط “الهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري”، ورئيس منتدى جماعة درب الحضارات الثقافي، وممثل الأردن في اجتماع خبراء التراث في القاهرة، وعضو اللجنة الخبراء لـ”حكاية جدتي”، وعضو اللجنة العليا لمكنز التراث الشعبي الأردني، والمنسق العام للكرك مدينة الثقافة الأردنية.
وعضو لجنة تحكيم في منظمة اليونسكو على مستوى الأردن، ورئيس مجالس التطوير التربوي في مديرية التربية والتعليم للواء المزار الجنوبي لمدة سنتين، ورئيس منتدى الإبداع الشبابي في الكرك، وأمين سر مؤسسة أسامة المفتي الثقافية والاجتماعية.
صدر له العديد من المؤلفات الادبية والابداعية ففي مجال القصة القصيرة صدر له “المسافات الظامئة”، “خرمان”، “رحيل الطيار”، “ذات الوداع”، “فرج نافذة النهار”، وفي مجال المسرح “الرياحين”، مسرحية –مأخوذة عن مقامة الرياحين للإمام السيوطي، وللاطفال والفتيان صدر له “الأولاد والغرباء)، “أبو المكارم”، رواية للاطفال “حكاية الكلب وردان”، “الطفل في الحياة الشعبية الأردنية”، كما صدر له “معجم أسماء الأدوات واللوازم في التراث العربي”، “السجل المصور للواجهات المعمارية التراثية في الأردن/ قسم الكرك”، “الوطن في المأثور الشفاهي العربي”، “فلسطين في الشعر الأردني”، دراسة نقدية “من دفاتر المساء”، “وشم الصباح”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى