الشاشة الرئيسيةمقالات

انها جماجم جنودنا الشهداء

د. عبدالمهدي القطامين

ليست جماجم معروضة في متحف لينظرها الزائرون لكنها القصة التي تروي حكاية الاردنيين حين بذلوا دمهم رخيصا من اجل عيون فلسطين … خلف كل جمجمة حكاية وخلف كل حكاية طفلة وطفل وام ظلت ترقب عودة الغائبين لكنهم لم يعودوا كانت كل فجر تشد مئزرها وتتجه بنظرها غربا لعل ما ينبي ان الفارس الذي غاب قادم كانمت في كل صباح بعد ان تستعذ من الشيطان الرجيم تتمتم لذاتها
يا ربي يا جايب الغياب وتجيب للدار راعيها
وتجيب حبي كحيل العين يا جروحي قلبي يداويها
منذ اكثر من نصف قرن وهي تشد حبال صمتها تلاعب احفادها الذبن انتظروا معها عودة والدهم من القتال وفي كل فجر كانت تأوي الى زاوية غرفتها كلما سمعت دقا على الباب كانت تقول لقد عاد وفي كل مرة كانت الريح وحدها تخبرها انه لم يعد بعد .
هي ليست جماجم معروضة في متحف لكنها قصة الوطن الذي وعد فانجز وقصة الجندي الذي وقف في باب الواد وعلا اسوار القدس وقال لن تمروا الا على جثتي … كانوا هناك يرسمون مواجع الامة التي اربكتهم بحرب لم ياتي بعد موعدها وكانوا يتقاسمون الخبزة والرصاصة والبندقية …. وكانوا يندهون من بين الخنادق المنية ولا الدنية .
هي ليست جماجم معروضة في متحف لكنها قصة الجيش العربي الاردني الذي لم يساوم ولم يكن بينه والموت سوى التفاتة عين او رمشة هدب فلم يجزع ولم يهرب بل ظل وحده هناك يقاتل واذ نفد الرصاص كان لرصاص البغات ان يستقر في اجسادهم تماما وسط هذه الجماجم التي ترون ومن خلف كل جمجمة قصة شعب لم يستسلم وظل يقاوم حتى اخر نفس .
انها الجمامجم التي تدحض قول كل من افترى على جيشنا وقال انه لم يقاتل وانه استسلم عند اول مواجهة وانا لقولهم ان يصح وفي كل يوم نلم من ارض فلسطين رفات جنود لنا هناك ظلوا مجهولين حتى يومنا هذا وانى لقولهم ان يصح والدم الزكي ما زال فوحه الارجواني هناك يعانق تراب القدس كلما هطلت غيمة سكوب اوسكبت ديمة بعضا من ودقها ليعانق الثرى الشريف .
ليست جمامجم معروضة في متحف لكنها جماجم اخرجت بالامس من ثرى القدس تعود لجنود اردنيين قضوا هناك وهم يدافعون عن شرف الامة وقدسية ترابها فهناك زرع 669 جنديا وضابطا اردنيا اجسادهم في قلب فلسطين وعاد مثخنا بجراح لا تمحى 421 جريحا يروون لاحفادهم قصة الوطن الذي لم يساوم وقصة الجيش الذي ظل صامدا على ثغور الاقصى وساحاته وباحاته وفي بيت حنينا وفي باب الواد وفي تل الذخيرة وفي كل قرية من ضفة النهر الغربيه .
فطوبى للشهداء طوبى لمن قالوا لا طوبى لمن قاتلوا واستشهدوا وما زالوا احياء عند ربهم يرزقون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى