الشاشة الرئيسيةمقالات

البوح في محراب الكرامة والام

د. عبدالمهدي القطامين
صباح الكرامة والام ، صباح الندى المتسلل على غفلة صوب شاهقات الجنوب الذي ما انثنى ، وما كان له ان ينثني ، صباح الشمال المتسربل بدم الشهادة منذ كايد العبيدات وحتى اخر شهيد روى الارض بدمه وحلق في السماء عاليا …. عاليا حيث لا حد يحد ولا زمن يتسع .
صباح الكرامة يا اقمارها الذين ما زالت صورهم تدق على جدران القلب ، وترقد تماما قرب رفيفه وتعلن ان الشهداء اول الكون ومنتهاه ، وان دمهم الزكي الارجواني ما زال اخضر يورق كلما دقت الساعة فجر الحادي والعشرين من اذار حين قال الجند يومها : حي على القتال .
صباح الكرامة والام التي قدمت فلذة الكبد ” فدوى لعيون الوطن ” واقسمت ان وليدها سيعود اما منتصرا واما محمولا على اكتاف رفاقه وهم يرددون …. سبل عيونه ومد ايده يحنونه .
يا فجرالحادي والعشرين من اذار المتضوع مسكا ودما اردنيا ماذا صنعت بنا يا صديقي الموغل في عنفوانه وكبريائه ؟ واي روح نفختها في اجسادنا وارواحنا التي تشظت من هزائم موجعة ، ضربت بعيدا في الوجدان ، حتى اقبلت فازدهت بقدومك ارواحنا وكان لصوت المدفعية التي انطلقت من ربى السلط ان تداعب ما خفت في الروح ، وما تسلل اليها من وهن ، وكنا يومها صغارا نتأرجح بين شك ويقين ، بين هزيمة وانتصار ، بين وجع العائدين مسربلين بهزيمتهم قبل عام وبين الواقفين على الحد ممتشقين خناجرهم مقسمين بشواربهم ان العدو لن يمر حاملين على اكفهم بعض روح متوثبة وبعض روح متمردة راحت تغني :
يا هلا ويا مرحبا منين الركب من وين
واقبل علينا الضحى ويا زينة قباله
حيهم نشامى الوطن.. جيشك يا أبوالحسين.
ربع الكفاف الحمر والعقل ميالة.
حنا ذعار العدا طلابة للدين
والجور ما يقبله إلا الردي خاله
والثار كارا لنا يا ثارنا بثارين

يا غاصبا حقنا لا بد ما نناله
صباح الكرامة ايها المتوجون بغار الشهادة منذ خمسين عاما ونيف ، وانتم تحملون وشم الجيش الذي ما اسلم ضرع الوطن لغريب ، ولا استسلم لوجع ولا استدار الا لقتال ، ولا توجع الا لأم الشهيد التي حضنت ابنها ولفته بالعلم وراحت تنشج قرب قبره وعيناها تنظران الى السماء في رحلة الوداع الاخير للقلب المتفلت من بين ضلوعها .
صباح الكرامة والام وما بينهما من حبل سري يرتبط بوريد لا ينضب ، وقلب لا يعرف الوهن ، وعقيدة تتجول بين اروقة الروح تيها وفخرا ، وقصائد عشق لوحت وجهها شمس المحب الغائب في رحلة موجعة .
صباح الوطن الذي ما انحنى ….صباح الوطن الذي انتخى كلما قال المنادي : خيل الله الا اركبي .
صباح الخير للذين حملوا وهج الوطن وكبريائه واودعوه في غيابة القلب لا في غيابة الجب .
صباحك اذاري جميل ايها الجيش الذي شد بعزمه جدائل حرة اردنية ، واقسم بزناد البندقية يوم انطلقت في غور الصافي وداميا والشونة والكرامة لتعلن نهاية اسطورة الجيش الذي لا يقهر ، يومها ارتد خائبا يكبو على عقبيه وكان الاردني يلاحقه بسلاحه الابيض وهو يردد :
لعيون ” مشخص ” والبنات ….. قتل العساكر كارنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى