الشاشة الرئيسيةمقالات

ويسألونك عن غزة

د. عبدالمهدي القطامين
ويسألونك عن غزة فقل لهم انها المدينة التي لا تموت وقل لهم انها المدينة التي ظلت تقاوم وهي واقفة رافعة الرأس شامخة القامة وقل لهم انها مدينة صلت الفجر وأعلنت باسم الله طوفانها المقدس وكان الفتية يتدافعون من كل الجهات يحملون وطنا وحلما وصبرا وتضحية وروحا تتراقص فوق اكفهم …كانوا هناك فهم يعرفون الدروب المفضية الى القدس ويعرفون الدروب التي تتجه بوصلتها صوب ساحاتها العتيقة وباحاتها القديمة ومسجدها الذي ما زال منذ خمسين سنة ينتظر قدوم المكبرين على اسواره .
ويسألونك عن غزة فقل لهم انها بقية عزة ما زالت تجري في دماء الامة وانها حين ارتدت درع الحرب لم تشاور أحدا فهي تعلم ان لا احد في الحرب يستشار وهي تعلم ان الدم النازف منها لن يلتفت اليه احد فالأعراب في غيهم سادرين والاغراب يستلذون بطعم الدم المراق على حيطانها لكنها تعلم انها وثبة كانت قدرا مكتوبا وانها معركة لاجل عيني الاقصى التي طال سهادهما وطال انتظارهما للزاحفين اليه بعد ليل طويل لم يبدو له آخر .
ويسألونك عن غزة فقل لهم انها بعينيها ما زالت تقاتل بصدرها بتاريخها بصبرها بزنود فتيتها المقبلين على الردى كي يهبوا الحياة لأرض خلقت للسلام فلم ترى سوى الحرب عبر تاريخها الطويل .
كان فجر السبت فجرا جديدا فيه نضت الامة بعض نعاسها وانتفض الناس وهم يرون كيف تتهاوى اسطورة الجيش الذي قيل انه لا يقهر وكان فتية غزة يجرونهم من دباباتهم بسواعد مؤمنة مدربة عرفت من اين تؤكل الكتف وعرفت ان الله حق وان الوطن حق وان القوة اولى خطوات النصر المعقود بجباه ساجدة عابدة .
ويسألونك عن غزة فقل لهم انهم قد يحطمونها لكنهم ابدا لا يهزمونها وذاك شاهد من اهلهم قد قالها فما زال الشيخ يصارع البحر لكنه لم يستسلم وظل المجداف في يديه وظل صيده الثمين مشرعا على اطراف زورقه ليصل الى بر الأمان .
للبحر في غزة ان ينتشي الان فقد رأى بعد صبر طويل شراعياتهم تحلق فوقه ثم تنقض وتدك اوكارهم وترسانتهم وتأسر ما استطاعت وتجر من العسكر الكثير وتعود الى غزة معلنة نصرها الجميل المؤزر .
ويسألونك عن غزة فقل لهم انها وحدها تقاتل وكان الاقربون وبنو العمومة يعدون كم شهيدا ارتقى وكم حمما اسقطت على قلب غزة وكم بيت تدمر على اهله وكم عائلة ابيدت وكم طفل لم يرى من الحياة سوى ومضة خاطفة وكم حلم تهاوى وكم صبية ظلت تجوب الدروب بحثا عن اهلها فالتقتهم تحت انقاض البيت مفعمون بالموت الذي جاء خلسة ومحى ما ارد له الله ان يمحو .
وحين ارتفع صوت الحرة الغزاوية تناشد وامعتصماه كان صدى صوتها يرتد وحده وثمة صوت قادم من بعيد …. لا تندهي ما فيه حدا .
ويسألونك عن غزة فقل انها سيدة المدائن المقاومة عصفورة الروح اذ تثب من جوات الضلوع فرس تحمحم وتردد : يا رايحين على القدس … قلبي معاكم راح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى