منوعات

هل خفف “زووم” من وطأة رهاب الحديث أمام الجمهور؟

وجد الموظف سليم في تطبيق “زووم” فرصة للتخلص من رهاب الحديث أمام الجمهور المرئي، إذ لطالما كان التحدث في الاجتماعات التي تقيمها الشركة، يشكل مشكلة وأزمة كبيرة لديه، ويشعر بالتوتر الشديد وأحيانا كثيرة يتهرب من الحضور.
وبحسب سليم، فإنه استطاع أن يكون مميزا في عمله، ويقدم خططا كثيرة تسهم في تقدم الشركة، وذلك أمام مديريه والعاملين في فروع الشركة خارجا، ولم يكن يشعر بالتوتر ذاته الذي كان يشعر به في السابق حينما يطلب منه تحضير خطة للقسم الذي يعمل به، وعرضها في اجتماع كبير.
ومنذ بدء جائحة كورونا، وتحول معظم الأعمال عن بعد، اضطر موظفون لإقامة أغلب الاجتماعات عبر تطبيق “زووم”، ووجد العديدون أنه فرصة للتدرب على الظهور أمام الناس لاحقا، إذ كان التحدث أمام الكاميرا، أسهل على البعض من التواجد وجاهيا، وبالتالي التقليل من الخوف الذي ينتابهم.
والرهاب من التحدث أمام الجمهور، تظهر أعراضه بالتلعثم والشعور بالقلق الشديد وضيق في الصدر، وأحيانا الشعور بنوبات من الهلع، ويحدث أحيانا دوار في الرأس والتفكير بأصعب مواقف الحياة السلبية، ما يجعل المتحدث ينسى كل ما حضر له، ويكون صوته خافتا يتخلله الخوف والتردد، وفق اختصاصيين في علم النفس.
“أشعر بتوتر مخيف، ما إن يأتي دوري في الحديث عن القسم الذي أعمل به أمام مديري الشركة، يكون صوتي خافتا، ويداي ترتجفان، وقدماي لا تحملانني، وجسدي كله يتعرق”.. بهذه الكلمات وصفت رانيا الموظفة في إحدى الشركات حالة الرهاب والهلع التي تسيطر عليها عندما يجتمع المديرون مع موظفي الأقسام.
تؤكد رانيا “الهدوء في القاعة والنظر إلي وانتظار ما أنوي قوله أمور كفيلة بأن تخفي أي كلمة تدربت عليها من قبل”، مبينة أن هذه الحالة تعاني منها منذ الصغر؛ إذ كانت “تبكي وتمرض وتحاول أن تتغيب عن مدرستها عندما تعلم بأن دورها بإلقاء كلمة على الإذاعة المدرسية قد اقترب”.
اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي، يؤكد أن الرهاب والخوف من التحدث أمام الجمهور يشعران الفرد بالقلق الشديد، ويكونان بدرجات مختلفة منها البسيط ومنها بدرجة عالية.
ووفق الخزاعي، فإن جائحة كورونا قللت بعض الشيء من هذا الرهاب، إذ إن الاجتماعات انتقلت في معظمها لتكون عن بعد “أونلاين”، ما جعل الأمر أكثر أريحية لدى فئة محددة كانت تخشى التحدث وجاهيا.
ولكن أي مرض نفسي، وتحديدا ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، يحتاج إلى تغيير سلوك وتدريب وجلسات علاجية لتخطيه، خصوصا أن ما يحدث في هذا العالم من متغيرات لن تستمر جميعها، ومنها الاجتماعات عبر “الاونلاين” بعد انتهاء هذا الوباء وعودة الحياة لطبيعتها.
ويؤكد أن هناك عددا من الدورات يمكن أن تفيد في تخطي الحالات البسيطة من هذا الرهاب، وتغير من شخصية الفرد وجعله أكثر ثقة بذاته.
التربوي د.محمد أبوالسعود، يؤكد أن ما يتربى عليه الطفل ينشأ ويكبر معه، وعلى الأهالي أن يكونوا أكثر انفتاحا لما يحدث مع أبنائهم وإن كانت هناك مشاكل يعاني منها الطفل يجب متابعتها ومحاولة معالجتها بأسرع وقت.
ويمكن أن يتحدثوا مع مشرف المدرسة وكسر هذا الرهاب وزرع الثقة في نفس الطفل، عبر نشاطات ترفيهية مع مجموعات قليلة في بادئ الأمر كالتكلم عن قصة والدرس المستفاد منها، ومن ثم تخصيص فقرة صغيرة أمام الإذاعة المدرسية والإطراء على كيفية تقديمها وأنها خطوة جيدة تزرع الثقة بذاته.
اختصاصي علم النفس د.موسى مطارنة، يؤكد أن الخوف من الحديث أمام الجمهور يشكل مشكلة حقيقية للفرد الذي يعاني من هذا الأمر، في حياته الاجتماعية وبين أفراد عائلته وأصدقائه، كذلك في عمله، ما يمنعه من التطور المهني.
ومن يعاني من الرهاب الاجتماعي، حسب مطارنة، يحاول حماية نفسه من خلال الصمت والابتعاد عن الناس وتجنبهم وتجنب الخوض بأي حوار، ما يجعله مع الوقت شخصا انطوائيا.
ويقول مطارنة “تتعدد الأسباب التي تجعل الناس يخافون من التحدث أمام الجمهور، منها ما هو جيني وبيولوجي وبيئي ونفسي”؛ إذ إن أبرز المخاوف التي تصيب الشخص أمام الجمهور ليست مرتبطة بجودة الكلام أو قوة الحديث بقدر ما تتعلق بكيفية شعور المتحدث عن نفسه وتفكيره وتصرفاته عند التحدث أمام الجمهور، والقلق مما يعتقده الآخرون عنه.
ويضيف أن الخوف من التحدث أمام الجمهور قد يكون مرتبطا بتجارب سابقة، فالشخص الذي لديه تجربة سيئة قد يخشى تكرار هذه التجربة مرة أخرى عند محاولة التحدث أمام الجمهور.
ويضيف أن الذين يخافون من التحدث أمام الجمهور يخشون الشعور بالحرج أو الرفض، لذلك إن طلب من شخص ما التحدث إلى مجموعة من الناس على الفور دون أي فرصة للتحضير السابق، ولم يمر الحديث بالشكل المطلوب، من المرجح للغاية أن يبدأ هذا الشخص في الخوف من التحدث أمام الجمهور بمواقف لاحقة.
أما عن كيفية تخطي هذا الخوف، فيتحدث مطارنة أن التجربة والخبرة والعمل على تعزيز قدرات الفرد على الأداء الجيد وإبراز كفاءته أمور تزيد ثقته بنفسه، ويكون تجاوز هذا الرهاب أيضا بالتدريب والعلاج السلوكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى