الشاشة الرئيسيةمقالات

هل حقا الحكومات دائما على باطل؟

الدكتور عبدالمهدي القطامين
في المزاج الشعبي العام الاردني الحكومات دائما على باطل والشعب على حق وهذه الانطباعية الدرامية سادت في العقدين الاخيرين فما الذي حصل لتكون هذه السوداوية هي السائدة وهل تغير الناس ام تغيرت الحكومات ام الاثنان معا .
حاولت ان ابحث في هذا المشكل المستعصي او ان اجد له تبريرا مقنعا منطقيا وعقلانيا الا ان فسحة البحث لم تلهمني الى طرف الخيط لكنني وجدت امرا يكاد ان يكون مربط الفرس وهو مرتبط بما ساد العالم وانتشر وتطور بفعل ثورة الاتصالات والمعلومات وانتشار هذه الشبكة العنكبوتية الاخطبوطية التي تتسلل حتى الى فراش النوم وتحول بين المرء ونفسه .
لقد شكلت وسائل التواصل الاجتماعي الشعرة التي قصمت ظهر البعير ووسعت الفجوة بين الناس ومراكز صنع القرار واذا سلمنا ان ما يتدفق من معلومات وبيانات لا تخضع للفحص والتقييم من حيث صحتها او صدقيتها او عبثها او خلقها في اغلب الاحيان فأن المتلقي الملتقف للبيانات الواردة يميل الى تصديق ما يرى ويسمع ثم يتحول بعد ذلك الى الاقتناع بكل ما يصله من كافة الوسائل واذا حاولت الحكومات او اي متخذ قرار ان يأتي بالتصحيح والحقيقة المجردة فأن ما انطبع في ذهن المتلقي اول مرة يظل هو الاسلم حتى سادت مقولة لدى العامة تؤكد ان نفي الحكومات لأي بيانات هو بالتاكيد تاكيد لها .
في جائحة كورونا استقبل المتلقي كل ما تقوله الحكومات بتكذيب وعدم تصديق فاذا قالت ان الكمامة تقي من العدوى انبرى لها الناس وكذبوها على الرغم من ان اغلب المختصين في علوم الطب والمختبرات يؤكدون حقيقة ان الكمامة واقية .
المطعوم الذي تفرغ لانجازه علماء الارض كلهم في سباق محموم مع الزمن مواصلين الليل بالنهار لايجاده قوبل هو الاخر باستهزاء من قبل الناس مع عدم تصديق لفاعليته بل انبرى العامة ليقولون انه مؤامرة عليهم ينبغي وقفها بل حتى ان الفايروس نفسه طاله الشك وعدم الايمان بوجوده.
من طبعي ان انحاز للناس ضد الحكومات المتسلطة عليهم وهي موجودة وبكثرة في بلادنا وهي تخبص كثيرا في قضايا الناس والوطن بحيث تبدو للمراقب المتابع انها وعلى الرغم من ولوجنا المئوية الثانية ما زالت تعتمد مبدأ التجريب الذي يقود الى التخريب ولم تستقر بعد لدينا اعراف حكومية فطنة وذكية ولم تستقر المؤسسات في عملها بل ان مبدأ التجريب ما زال في تزايد والبرهان على ذلك واضح لا يحتاج الى بيان وتبيين فما زلنا كدولة عاجزين عن الاعتماد على الذات اقتصاديا وسياسيا وهذا امر يحتاج الى قول آخر ليس هذه المقالة مكانه .
عودا على بدء هل الحكومات لدينا تفعل خيرا احيانا بدون شك نعم وهي تسعى لتنجز لكن حسابات السرايا في الكثير من الاحيان لا توافق حسابات القرايا وفي اغلب الاحيان تتخذ قرارات تحت وطأة الضغط وتحت بند مكره اخاك لا بطل .
ملخص الموضوع بين حق الناس وحق الحكومات ثمة خيط رفيع لا يرى او شعرة تماما كشعرة معاوية لكن القوم لا يتقنون شدها حيث تحتاج الشد ولا ارخائها حين يستوجب الارخاء .
وكل حظر وانتم بألف خير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى