الشاشة الرئيسيةدولي

مونديال قطر أعاد التذكير بوجود الفلسطينيين.. كاتبة إسرائيلية العرب ركلوا الكرة في وجوهنا

الغواص نيوز
مع الارتباك الإسرائيلي أمام الالتفاف الجماهيري العربي حول القضية الفلسطينية في مونديال قطر، عنونت الإعلامية الإسرائيلية ميخال أهروني مقالها بصحيفة “يسرائيل هيوم”، بجملة “الفلسطينيون كلهم في قطر، الواقع محرِج”. وتحدثت فيه عن حالة من التفوق الفلسطيني خلال كأس العالم.

وفي رسالة بعثت بها للمجتمع الإسرائيلي، كتبت أهروني “ها نحن نكتشف أن هناك شعبا فلسطينيا ينبض بالحياة، ولندرك ذلك كان يتعين على وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تطير حتى قطر لنتذكر هذه الحقيقة”.

وأردفت “صحيح أن الفلسطينيين يعيشون على مسافة ساعة سفر من بيوتنا وبلداتنا، لكنهم ما عاد لهم ومنذ سنوات خلت، أي حضور ووجود في الذاكرة وفي الواقع الإسرائيلي، إذ تم تغييبهم بشكل متعمّد وممنهج عن الإعلام الإسرائيلي”.

وأوضحت أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعمّدت تهميش الفلسطينيين وقضاياهم وحياتهم اليومية، وعدم تغطية وتوثيق معاناتهم وواقعهم، حيث لا يوجد أي تفاعل يذكر من قبل الإسرائيليين مع من وصفتهم بـ”الجيران” الفلسطينيين، “لا تفاعل يوميا، لا تضامن، لا مسيرة سلمية، وأيضا لم تندلع هناك انتفاضة شعبية”.

تغييب القضية الفلسطينية
تقول الكاتبة الإسرائيلية “نحن نعيش وكأن ملايين الفلسطينيين خلف الجدار قد اختفوا، حيث من المريح والسهل لنا (الإسرائيليين) حشرهم وقمعهم وتجاهل وجودهم”. ليس هذا وحسب، بل تضيف “لم يكن هناك حوار معهم منذ سنوات والمفاوضات ليس على جدول الأعمال”.

وفي دلائل تشير إلى أن القضية الفلسطينية والصراع مع الفلسطينيين غُيّبا في السنوات الأخيرة عن أجندة الأحزاب اليهودية وبرامجها الانتخابية، استذكرت أهروني الشعار الانتخابي الذي رفعه سابقا حزب الليكود وكان “نتنياهو.. نصنع سلاما آمنا”. بيد أنه في الحملات الانتخابية منذ عام 2019 لم تكن القضية الفلسطينية حاضرة، ولم تكن إطلاقا على جدول الأعمال للمعسكرات والأحزاب المتنافسة الإسرائيلية.

“الكراهية والبغضاء للفلسطينيين دُفنت في داخلنا”، تقول أهروني “لكن هذا الحقد الدفين للفلسطينيين تحول إلى حقد مقيت تجاه مواطني إسرائيل من العرب (فلسطينيي 48)، واليهود اليساريين”.

وقالت إن كلمة “الاحتلال” أضحت من الماضي الغابر، وباتت بمثابة هذيان وهراء عندما يذكرها يساري أو تقدمي.

بدعم أميركي
أمام هذا التهميش الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، تقول الكاتبة الإسرائيلية، “كان من السهل نسبيا النسيان وطي الملفات -(بالإشارة للقضية الفلسطينية)- لقد كان في الولايات المتحدة الأميركية رئيس نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وبذلك منحنا الشعور بأننا محصّنون ونحظى بحماية إلى الأبد”.

وأضافت أن “الدعم الذي حصلنا عليه من الإنجيليين مؤيدي إسرائيل والعلاقة الوطيدة بينهم وبين نتنياهو وعائلته، أضحت بديلا عن دعم وتأييد يهود الولايات المتحدة الذين تدعم غالبيتهم الحزب الديمقراطي وتؤمن بالحوار وبالتسوية السياسية (مع الفلسطينيين)”.

وأشارت الكاتبة الإسرائيلية إلى أن تل أبيب وظفت جائحة كورونا من أجل تعميق التهميش للقضية الفلسطينية، إقليميا وعالميا، قائلة “عامان من كورونا جعلتا العالم بمكان آخر، أزمة عالمية صحيّة دفعت العالم لوضع الكمامة وليصمت وينطوي على نفسه”.

“العرب الأخيار” و”العرب الأشرار”
وفي مقالها، تعبّر الكاتبة الإسرائيلية عن اعتقادها بأن “الاتفاقيات الإبراهيمية” (اتفاقيات التطبيع مع دول عربية) كانت بمثابة رمز لشطب القضية الفلسطينية من الوعي والوجدان، فقد قامت بفرز وتقسيم العرب في منطقة الشرق الأوسط والخليج، بين “العرب الأخيار” و”العرب الأشرار”.

وتعتقد أن هذه الاتفاقيات مكّنت نتنياهو وحكومته في حينه من سرد روايات إقليمية مثيرة، إذ احتسى القهوة العربية دون “أبو مازن”، (في إشارة لتجاوز المفاوضات مع الفلسطينيين وتبادل الزيارات مع الدول الموقعة على اتفاقيات التطبيع).

تقول أهروني “لقد أصبح بالإمكان الطيران من مطار بن غوريون في اللد إلى أبو ظبي بمال زهيد، ومرافقة عرب بجلابيب بيضاء والتقاط صور سيلفي مع برج خليفة”.

وأشارت إلى أن الواقع الذي خلقته اتفاقيات التطبيع، ومساهمتها في تغييب الصراع من الوعي الإسرائيلي، أثار أسئلة كثيرة عن جدوى الذهاب إلى مفاوضات مع الفلسطينيين و”تقديم التنازلات” لهم.

بين الصدمة والحقيقة
عبّر الإسرائيليون عن إحباطهم من تصريحات الجمهور العربي أمام وسائل الإعلام العبرية، والتي جاءت داعمة ومساندة للشعب الفلسطيني. وجاء في مقالة الكاتبة الإسرائيلية “هي المشاعر التي عبر عنها الناس العاديون أو المسؤولون على حد سواء. وبعضهم عرفوا أنفسهم كفلسطينيين.. وبعضهم ببساطة يتذكر علاقته بالشعب الفلسطيني، وذلك خلافا لنا نحن الإسرائيليين الذين نسينا أصلا بأنه خلف الخط الأخضر يوجد هناك بشر”.

وهذه المشاهد تصفها مقال الكاتبة بـ”الصدمة، والدهشة”. وقالت “هؤلاء هم الناس الحقيقيون -(بالإشارة للجمهور العربي)-.. لا يحبون إسرائيل، ويتضامنون مع إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولن ينجح أي اتفاق، مهما كان احتفاليا وناجحا، أن ينسيهم واقع الصراع”.

وتذكر الكاتبة رواية أحد المراسلين الإسرائيليين الذي قال إن سائق سيارة أجرة في الدوحة طلب من اللاعب السابق بالمنتخب الإسرائيلي، إيلي أوحانا، النزول، ورفض نقله. فكان رد اللاعب مذهولا “لماذا؟!”. وتلقى الإجابة من السائق “لأني فلسطيني” و”بلا تردد، وبشكل واضح وحاد”.

أسئلة للإسرائيليين
وتستحضر الكاتبة الإسرائيلية ما تناولته وسائل إعلام إسرائيلية حول مونديال قطر، وخاصة ما كتبه الصحفيان راز شيكنك وعوز معلم “نشعر بأننا مكروهون، محاطون بالعداء، غير مرغوب وغير مرحب فينا، في الشارع يرافقنا فلسطينيون، وإيرانيون، وقطريون، ومغربيون، وأردنيون، وسوريون، ومصريون ولبنانيون بنظرات كراهية وحقد”.

وأضافت الكاتبة في تعبير عن الصدمة الإسرائيلية “كم كان مفاجئا ألّا يحب الفلسطينيون الإسرائيليين، ولا يحتضن الإيرانيون الإسرائيليين بحرارة، فبعد السلام والاتفاقيات الإبراهيمية، وفتح المنطقة أمامنا، كيف يعقل أن لا تسمح المنطقة لنفسها بأن لا تفتح لنا قلبها؟!”.

وردا على هذه التساؤلات، كتبت أهروني: “هل فكر الصحفيون الإسرائيليون الذين يشتكون من الكراهية والعداء ما معنى أن يكون المرء صحفيا فلسطينيا في إسرائيل؟”.

وتساءلت: هل يتذكرون (الصحافيون الإسرائيليون) شيرين أبو عاقلة المرأة والرمز، التي حسب تحقيق الجيش الإسرائيلي نفسه، قُتلت “باحتمالية عالية” بنار قناص من وحدة “دوفدفان”.

“هناك من ركل الكرة في وجوهنا”
كما تساءلت أهروني مخاطبة الصحفيين الإسرائيليين “هل حاولوا أن يكونوا مجرد عرب في الحيز العام في المجتمع الإسرائيلي؟ هل نسوا أن إسرائيل لا تزال تسيطر على شعب آخر أو أنهم يتمسكون بمفهوم (لا يوجد شعب فلسطيني)؟”.

وخلصت الكاتبة الإسرائيلية للقول “لقد نجح اليمين الإسرائيلي على مدى سنوات طويلة جدا في أن يُنسي الجمهور الإسرائيلي الفلسطينيين. وفي المونديال جاءت الصدمة وتذكّر الجميع، بما فيه الإعلام الإسرائيلي، بأن الفلسطينيين لا يزالون هنا خلف الجدار. وفي قطر الكثير جدا من الناس الذين يركلون الكرات، لكن اتضح أن هناك من يركل الواقع المحرج في وجوهنا”.

المصدر:الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى