اقتصادالشاشة الرئيسية

مصنع أردني رائد يحقّق أرباحا وفيرة من تصدير الطباشير إلى أكثر من 100 دولة

الغواص نيوز

الكرك (الأردن) – أ ف ب: قبل إدخال الشاشات البيضاء وأجهزة العرض الضوئي والكمبيوتر اللوحي إلى الصفوف المدرسية، اعتمد التعليم لفترة طويلة على الطباشير التقليدية بغبارها وما تصدره من صرير مزعج أحياناً على الألواح الخشبية السوداء الموجودة في غرف التدريس.
لكن ورغم التقلص التدريجي لاستعمال الطباشير في المدارس وتراجع أهميتها وصناعتها نجح أردني من مدينة الكرك الجنوبية في إنشاء أحد أكبر مصانع الطباشير العالم الذي يصدّر إنتاجه متعدد الاستعمالات إلى أكثر من 100 دولة.
وخلال عودته إلى منزله ذات يوم من العام 1995 في حافلة، سمع صلاح العقبي عبر الراديو أن الأردن يستورد كل حاجته من الطباشير، فحفزته الفكرة لينشئ مصنعاً صغيراً كان الأول في الأول والوحيد في المملكة.
ويقول العقبي (49 عاما) في مقابلة مع وكالة فرانس برس مبتسما وهو يتفقد سير الإنتاج في المصنع «عندما سمعت الفكرة، قلت في نفسي إن طاقة الفرج انفتحت».
ويشرح، وهو يتفقد عبوات طباشير بيضاء وأخرى ملونة، أنه كان يعمل آنذاك في شركة الكربونات الأردنية «وسمعت في الحافلة لقاءاً عبر الراديو ورد فيه أن مادة كربونات الكالسيوم التي تنتجها الشركة التي كنت أعمل فيها تدخل في صناعات متعددة كلها موجودة في الأردن إلا صناعة الطباشير».
بعد سبع سنوات، بدأ العقبي الإنتاج بعد رهن منزل والده ومنزل صديقه وبعد أخذ قرض لبناء مصنع من غرفتين بمساحة 60 متراً مربعا في الكرك (نحو 120 كلم جنوب عمان). وكان يعمل في المصنع خمسة عمال، واستُخدمت ماكينات فرم اللحوم بعد تعديلها لإنتاج الطبشور.
وبعد سنوات الجهود المتواصلة أصبحت «الشركة الأردنية لصناعة الطباشير» علامة فارقة على مستوى العالم ويمتد مصنعها على مساحة 7500 متر مربع ويعمل فيه نحو 150 عاملاً وعاملة.
ويصف العقبي، الذي يحمل شهادة جامعية في الهندسة الكيميائية، شعوره لدى إنتاجه الطباشير لأول مرة قائلاً «كان شعوراً رائعاً جداً أن ننتج شيئا بنجاح، لكن الطباشير التي أنتجناها حينها لم تعد تستخدم في العالم، لذلك توجهنا بعدها إلى إنتاج طباشير طبية لا تترك غباراً».
ويشير العقبي إلى أنه جرّب أكثر من 2149 عملية لإنتاج طباشير لا تترك غباراً بعد «تطوير التكنولوجيا والأسلوب محلياً»، وتوصّل إلى «معادلة تركيب طباشير طبية» ومعها إلى «فرصة تصدير قوية جداً بعكس الطباشير العادية». وبات يصدّر أمس عشرة مليارات إصبع من الطباشير سنوياً. ويقول مدير دراسات المصادر الطبيعية في وزارة الطاقة والثروة المعدنية هشام الزيود لوكالة فرانس برس «موجودات الأردن من الحجر الجيري (كربونات الكالسيوم) تتجاوز 1.3 مليار طن متري».
ويدخل الحجر الجيري، وهو أحد أشكال كربونات الكالسيوم، في صناعات عدة منها صناعة الإسمنت الأبيض والدهانات وصناعات التعدين والأدوية ومواد العزل والسيراميك، المادة الأساسية لصناعة الطباشير.
ويقول العقبي، وهو يتفقد مئات صناديق الكرتون المعدة للتصدير إلى ألمانيا وبريطانيا ومالي والمغرب «يتبادر للذهن أن هذا منتج مضى عليه الزمن، لكننا نعاني لتلبية الطلب الكبير».
ويوضح أن الطباشير تستخدم للألعاب والرسم في أوروبا وأمريكا واليابان، إضافة إلى التعليم في مدارس افريقيا ودول أخرى لم تنتشر في مدارسها أجهزة الأيضاًح الإلكترونية الحديثة.
وينتج المصنع أحجاما وألوانا وعبوات مختلفة من الطباشير الطبية وطباشير الألعاب، طبقا لمواصفات البلد المستورد، إضافة إلى معجون الطباشير المخصص للألعاب وأقلام تلوين للأطفال.
ويضمّ المصنع نحو 150 عاملاً من أبناء الكرك، نصفهم من الإناث، ويحمل معظمهم شهادات جامعية ويتقاضون رواتب أساسية تتراوح بين 300 دينار (423 دولاراً) في البداية وتصل إلى 3000 دينار (4230 دولارا) حسب الخبرة والمؤهلات.
وتقول سندس المجالي (28 عاماً) التي تحمل درجة البكالوريوس في إدارة رياض الأطفال والتي ارتدت معطفا أبيض تلطخ ببعض ألوان قوس قزح من الطباشير والمعجون «كانت هناك صعوبة أن يسمح الأهل للفتيات بالعمل في الماضي، (…) لكن الآن ليست لديهم مشكلة في عمل الفتيات، خصوصا لأن المصنع فيه أمان لا تجده في أماكن عمل أخرى».
وتؤكد مبتسمة أن «المصنع وفّر لنا فرص عمل بدل أن ننتظر الوظيفة الحكومية لعام و اثنين وثلاثة». أما علاء العقبي (33 عاماً) الذي يعمل في المصنع منذ 14 عاماً ويصل راتبه إلى 1800 دينار (نحو 2537 دولاراً)، فيقول «لا توجد فرص عمل في المنطقة، والمصنع وفّر فرص عمل كثيرة لأبناء الكرك»، مشيرا إلى أن العمل يتم «في ثلاث مناوبات».
ويضيف الشاب المتزوج ولديه ستة أطفال وهو يتفقد عمل إحدى آلات الإنتاج «المصنع أوجد فرص عمل في وقت أصبحت الحياة صعبة وانعدمت فرص العمل».
ويعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كورونا، فارتفعت نسب البطالة عام 2021 إلى نحو 25% وفقا للأرقام الرسمية، بينما ارتفعت بين فئة الشباب إلى 50%.
كما ارتفعت نسبة الفقر إلى 24% وتجاوز الدَين العام 47 مليار دولار، أي بنسبة تزيد عن 106% من الناتج المحلي الإجمالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى