مقالات

محمية العقبة البحرية بوصلة الاهتمام الملكي

أ. د إبراهيم بظاظو / عميد كلية السياحة والفندقة/الجامعة الأردنية فرع العقبة

تعد محمية العقبة البحرية واحدة من أهم المحميات الطبيعية البحرية على المستوى الدولي، وذلك لخصوصية البحر الأحمر، الذي يعد جزءاً من حفرة الانهدام الفاصلة بين الشق الآسيوي والإفريقي،لذا تتمتع مياه البحر الأحمر بتنوع حيوي فريد من نوعه وخاصة في ساحل خليج العقبة، الذي بعد نقطة التقاء اليابس مع الماء مما يشكل نقطة حيوية مهمة في تنوع الساحل الأردني بالموارد الطبيعية والكائنات البحرية النادرة على المستوى الدولي.

يسهم إدراج محمية العقبة البحرية ضمن قوائم التراث الطبيعي العالمي في اليونسكو كأحدى هيئات الأمم المتحدة، إلى المحافظة على البيئات البحرية الغنية في الساحل الأردني، للحفاظ على ديمومة واستدامة التنوع الحيوي. وقد كانت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه دافعاً قوياً للحفظ المستدام للموروث البحري الطبيعي في محمية العقبة البحرية كتراث طبيعي عالمي ملك الإنسانية جمعاء.

كما يسهم ذلك في تسليط الأنظار على المحمية وتحويلها إلى منتج سياحي مستدام في مجال السياحة البيئية البحرية، حيث يعد هذا المنتج عنصر جذب سياحي مهما على المستوى الدولي وخاصة بعد الانتهاء من جائحة كورونا التي أدت إلى تغير خريطة الطلب السياحي العالمي، والتوجه نحو المناطق السياحية المحمية وذات البعد المستدام البعيد عن مظاهر التلوث كافة.

تساعد التوجيهات الملكية في إدراج محمية العقبة البحرية في قوائم التراث العالمي إلى زيادة حصة العقبة في مجال سياحة الغوص، خاصة وأن العديد من الأقاليم المصدرة للسياحة تشترط على وكالات السياحة لديها عدم ارسال المجموعات السياحية إلى دول وأقاليم لا تتوفر فيها محميات بحرية لممارسة سياحة الغوص، لذا يؤمل من محمية العقبة البحرية أن تصبح واحدة من أهم الوجهات السياحية على مستوى الإقليم والعالم في استقطاب هذا النوع من السياحة ضمن أقاليم سياحية تندرج تحت مظلة المحميات البحرية إلى جانب ضرورة الإهتمام بالحصول على شهادات الأيزو الخاصة بالمحميات البحرية وسياحة الغوص مما يضيف العديد من المزايا التنافسية والنسبية لمحمية العقبة البحرية.

كما ويسهم ذلك في تمكين جميع المؤسسات العامة والخاصة مثل محطة العلوم البحرية وجمعية العقبة للغوص وقدرتها على التواصل مع المؤسسات الدولية المانحة بهدف الحصول على التمويل المادي والعيني للمحافظة على البيئة البحرية في محمية العقبة البحرية، وتمكين جميع القطاعات التي تعمل في مجال السياحة البحرية، واستثمار سمعة وعلاقات الأردن الطيبة التي أسهم فيها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه من الوصول إلى جميع منصات التواصل الدولية في هذا المجال.

تتمتع محمية العقبة البحرية بخصائص تجعلها أهم المواقع البحرية على المستوى الإقليمي والدولي بسبب تكامل إقليم المحمية البحرية مع محمية رم الطبيعية ومحمية البترا الأثرية مما يسهم في تكامل المنتج السياحي الطبيعي، ويضيف العديد من المزايا التي تجعل محمية العقبة البحرية اكثر أهمية من المحميات التي توجد في دول إقليم البحر الأحمر، إضافة إلى توفر مجتمع محلي فسيفسائي غني في مدينة العقبة يتقبل السائح على اختلاف العادات والتقاليد ويحترم الضيف. كما نضيف هنا الى أن مياه المحمية تخلو من الشوائب لانعدام مجاري الأودية والفيضانات التي قد تؤدي إلى تدمير البيئة البحرية.

تتنوع مختلف مظاهر الحياة البحرية في المحمية التي تتمثل بوجود العديد من أنواع المرجان والأسماك والكائنات البحرية الأخرى التي لا تتواجد في أوروبا حيث أن العقبة هي الحد المرجاني ولا يتوفر هذا في أوروبا، مما يشكل قيمة مضافة عالية تسهم في زيادة استقطاب السياح من الدول الأوروبية إلى المحمية إلى جانب المياه الدافئة على مدار العام تقريباً.

يعد اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه بمحمية العقبة البحرية وإنشاء المتحف العسكري تحت المياه الذي يعد الأول من نوعه على المستوى الدولي، كما يجب الإشارة إلى مدينة ايلة الأثرية الغارقة تحت المياه، وغيرها الكثير مما يسهم في ايجاد خريطة طريق لكافة المؤسسات للعمل بجدية للاستثمار في المزايا النسبية والتنافسية للموقع مما يشير إلى ضرورة انتهاج سياسة استقطاب المستثمرين والسياح من جميع الأقاليم على المستوى الدولي وإنشاء المشاريع الصغيرة َالمتوسطة للشباب في مجال استحداث شركات سياحية في مجال السياحة البحرية بهدف زيادة الحصة السوقية العقبة وفق أسس ومعايير مستدامة.

يتضح لنا ما سبق ضرورة وجود استراتيجية واضحة المعالم بين كافة المؤسسات لتنفيذ الرؤية الملكية من خلال التشاركية بين الجامعات في العقبة ومحمية رم ومحمية البترا ومفوضية العقبة في قالب واحد من حيث التخطيط والتسويق حتى تكون محمية العقبة البحرية بوصلة وقبلة السياحة البحرية والغوص على المستوى الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى