لماذا اختار مُنافس أردوغان الأخطر كليتشدار الخوض في كونه “علوي” و”مُسلم مُخلص” وهل يخدمه ذلك أمام “أغلبيّة مُسلمة”؟.. (12) استطلاع تُظهر تقدّمه فماذا عن استقلاليّة قراره وتدخّل الغرب بالانتخابات الرئاسيّة وجلب “زيلينسكي تركيا

الغواص نيوز
يحبس الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أنفاسه وحزبه الحاكم، مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة (أقل من شهر) على موعدها 14/أيّار مايو القادم، فتلك الانتخابات مصيريّة، وصعبة باعترافه، وقد تُفقده حُكم تركيا للأبد ويحشد لها الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” كل إمكانيّاته، ولكن الخصم المُنافس كمال كليتشدار أوغلو ليس سهلاً، ويُحسِن فيما يبدو إظهار أوراقه تِباعاً في حملاته الانتخابيّة، ولا يخشى الخوض في أصعبها، كان آخرها تعدّيه خُطوطاً حمراء بما يتعلّق بانتمائه للطائفة العلويّة، وحديثه في ذلك “علناً” بشكلٍ لافت أمام الأتراك.
علمانيّة كليتشدار أوغلو بصفته زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض، واحدة من العقبات التي قد تمنع تيّار المُحافظين الإسلاميين من انتخابه، وهو أمرٌ تنبّه له كليتشدار أوغلو مُرشّح المُعارضة التوافقي، فالرجل اعتذر عن ماضي حزب الشنيع مع التنكيل بالمُحجّبات، ومنع الصلاة، وتعهّد بحمايتهم في كل خطاباته الانتخابيّة حال وصول للسلطة، والعقبة الأخرى كونه “علويّاً”، وهذا أمرٌ لا يُريد كمال كليتشدار أوغلو التغاضي عنه، حيث قال الأخير وفي خطابٍ مُوجّه بالأكثر للمُحافظين الذي يُعوّل أردوغان عليهم بالفوز، ويُثير مخاوفهم من وصول كمال كليتشدار أوغلو كونه “علمانيّاً ثم علويّاً”، بأنه علوي ومُسلم مُخلص.
ad
وفي مقطع فيديو بثّه على حسابه في “تويتر”، قال كمال كليتشدار أوغلو، أعتقد أن الوقت حان لأناقش معكم موضوعًا خاصّاً وحسّاساً جدًّا، أنا علوي أنا مُسلم مُخلص”.
ولافتة هُنا العبارة التي قال فيها كمال كليتشدار أوغلو بأنه مُسلم مُخلص، حيث وفي حال فوزه، سيكون أوّل رئيس تركي علوي للبلاد، وفي بلدٍ ذات أغلبيّة مُسلمة.
يبدو أن تصريحات كمال كليتشدار أوغلو الدينيّة هذه، وهو يعد بوضع حدٍّ للخلافات الطائفيّة التي قال بأنها تُسبّب آلاماً، تُوحي بأن تركيا بنظامها الحالي الذي تقول أدبيّاته بأن قبل وصوله للسلطة كان ثمّة تمييز ضد الإسلاميين، يُميّز ضد خُصومه سياسيّاً، وطائفيّاً، والرئيس أردوغان كان هاجم في الماضي الأقليّة العلويّة، التي اتهمها بابتكار ديانة جديدة، والهيمنة على القضاء.
ويتمسّك كمال كليتشدار أوغلو بحديثه عن طائفته، بكونه علوي مُسلم، ولكن الرئيس أردوغان استثمر في كون خصمه “علويّاً”، حين استثمر في حادثة دوس كمال كليتشدار أوغلو على سجادة صلاة خلال التقاط صورة، بدون أن يخلع حذاءه، وأشار إلى ذلك مُبطّناً، مُتّهماً إيّاه بعدم معرفة الصلاة، حين قال أردوغان: “إن الذين لا يعرفون اتجاه الصلاة، يمشون بأحذيتهم على سجادة الصلاة، سيظهر لهم الاتجاه الصحيح يوم 14 مايو.
وفيما يُهاجم الرئيس أردوغان خصمه من بوّابة انتمائه الديني بالتلميح أو التصريح، وزير داخليّته سليمان صويلو، رفض من جهته حديث كمال كليتشدار أوغلو حول انتمائه الديني، واتّهمه بمُحاولة تقديم نفسه كضحيّة، وقال: “لسنا نحن من نقول إنه لا يُمكن انتخاب علوي، إنها ليست مُشكلة بالنسبة إلينا، تغلّبنا على كُل ذلك”.
ورحّب صلاح الدين دميرتاش الرئيس المُشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المُوالي للأكراد والمسجون مُنذ 2016 بتصريح كليتشدار أوغلو، وقال بأنه من الممكن العيش على هذه الأراضي بدون تمييز، وفي أجواء من المُساواة، والأخوة والسلام، أما حزب السعادة الذي أسّسه نجم الدين أربكان حليف أردوغان الوثيق في الماضي والمُعارض الأقوى له اليوم، أثنى على كلام كمال كليتشدار أوغلو، وقال: يُمكننا وضع حد لهذا النظام المشبوه معاً، من خلال اختيار الأخلاق والعدالة والصدق، بدلاً من الاستقطاب، وسياسة الهويّة.
ولا يبدو أن انتماء مرشح المُعارضة التركيّة الديني الذي تحدّث عنه علانية، قد يُبدّل في عقليّة الناخب التركي المُنزعج من التضخّم وتراجع قيمة الليرة التركيّة أمام الدولار، على الأقل وفقاً لاستطلاعات 12 شركة، ومركزًا، أظهرت تقدّم كيلتشدار أوغلو، على أردوغان فيها جميعها.
وفي استطلاع أورواسيا حصل كيلتشدار أوغلو على 53.5% مقابل 39.7% لأردوغان، أما ماك فجاءت نتائجه 47.8 % لكيلتش و43.7 لأردوغان وتقرير تركيا 54.5 % كيلتش و45.6 % لأردوغان ، البحث والتطوير 46.2 كيلتش و43.1 % لاردوغان وأكسوي 55.6 % كيلتش و44.4 % لاردوغان وبي آر 57.1 % لكيلتش و42.9 % لأردوغان ، وآل فا 55.1 % كيلتش و44.9 % لأردوغان وسيورس 42.6 % كيلتش و41.1 % لأردوغان ومتروبول 42.6 كيلتش و 41.1 لاردوغان العمليات 43.8 كيلتش و39.2 لأردوغان والمتحرك 53.4 % كيلتش و39.2 لأردوغان وأورك 48.9% كيلتش و41.5 لأردوغان.
يرد أنصار حزب العدالة والتنمية على هذه الاستطلاعات، ببث مقاطع فيديو، تُظهر تعرّض كمال كليتشدار أوغلو إلى الإساءة اللفظيّة، وأبرزها بعد أن زار كليتشدار أوغلو قبر الصحابة ساففان بن مُعتل بالقرب من سامسات وأثناء خروج الوفد من القبر، حاول شخص أن يأتي إلى جانب كيليجدار أوغلو وأساء إليه لفظيًا بعبارة “لا نريدك ولا تأتي إلى هنا، أنت لست رجل هذا المكان” وأظهرت لقطات فيديو بثتها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام مستقلة محاولة اعتداء جسدي، هذه مقاطع يرى أنصار تحالف المُعارضة بأنه غرضها إعلامي، وهؤلاء المُهاجمين مدسوسين من قبل الحزب الحاكم.
لافت بأن الاعتداءات اللفظيّة، والجسديّة، ومُحاولات اغتيال يتعرّض لها تحالف المُعارضة دون تسجيل مثيل لها تعرّض لها أردوغان والمسؤولين في تحالف الجمهور الحزب الحاكم مع الحركة القوميّة الذي يتزعّمه الرئيس التركي.
موقع “ميدل إيست آي” البريطاني يُؤكّد صُعوبة الانتخابات التي سيخوضها أردوغان مُنذ 22 عاماً، ويتقاطع هذا مع استطلاعات الرأي التي تُشير إلى تقدّم كمال كليتشدار أوغلو، لافتاً إلى رغبة الشعب التركي بالتغيير هذه المرّة، لا بالاستقرار، ويُؤكّد بأن هذه الانتخابات حقيقيّة بالفعل.
عزّز الرئيس أردوغان طِوال سنوات حُكمه فرضيّة المُؤامرة ضدّه، وحديثه عن تآمر الغرب للإطاحة به عُنوان لافت في تجمّعاته الانتخابيّة، حتى بعد انتخابه الماضي بستّة أسابيع أشار الرئيس والمسؤولين في الحزب الحاكم إلى مُؤامرة نتج عنها تراجع الليرة التركيّة، والتضخّم الذي وصل إلى 60 بالمئة، صحيفة “فزغلياد” الروسية نشرت تقريرًا للكاتب جيفورج ميرزيام، قال فيه إن إحدى الصحف التركية الشهيرة نشرت على الإنترنت معلومات عن “خطة قذرة” تنوي الولايات المتحدة تنفيذها في تركيا سمتها خطة جلب زيلينسكي إلى السلطة في هذا البلد، بما يعني البحث عمن يلعب دور زيلينسكي ليكون حليفًا لأمريكا في تركيا.
الإعلام التركي المُقرّب من الحزب الحاكم يُريد تعزيز بأن مرشح المعارضة التركيّة كمال كليتشدار أوغلو هو زيلينسكي تركيا، الذي يُريد أن يلعب دور الحليف لأمريكا في تركيا.
في المُقابل، وفيما يتحدّث أردوغان عن مؤامرة غربيّة للإطاحة به، رفض الحزب الحاكم طلب المُعارضة عن طريق رفض (المفوضيّة العُليا للانتخابات) باستخدام الحبر على الأصابع بعد أن يصوت الناخب لمنع التزوير، ما يطرح تساؤلات حول أسباب الرفض، وما سيجري مع أكثر من 200 ألف صندوق، وتعرّض العمليّة الانتخابيّة لعمليّة تزوير، وهذه مخاوف تطرحها المُعارضة التركيّة، التي قد تأخذ البلاد إلى منحنى خطير، إذا رفضت النتيجة، وشكّكت بفوز أردوغان، بخلفيّة القناعة بالتزوير.
التساؤل الأبرز، وهو مطروح في تركيا وأوساطها السياسيّة، حول سياسة المُعارضة التركيّة الخارجيّة حال فوزها، حيث برنامج انتخابي طرحته المُعارضة التركيّة يراه البعض أقرب لسياسات الغرب فيما يتعلّق بموقفها من الحرب الروسيّة- الأوكرانيّة، أو إيجابيّاً فيما يتعلّق بالانفتاح على سورية، والانسحاب منها، والاستفادة من الاستثمارات الخليجيّة (السعوديّة والإماراتيّة)، والتهديد بتأميم الاستثمارات القطريّة، ولكنّ الغرب لا يُريد أبدًا كما تعهّدت المُعارضة إعادة اللاجئين لبلادهم، فيما تعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مقابلة صحفيّة بإسقاط أردوغان عن طريق الانتخابات لا الانقلابات.
دول الخليج قد تكون معنيّة بفوز أردوغان، واستمرار استقلاليّة قرار أنقرة، ما يُفسُر وفق مراقبين الودائع السعوديّة، والاستثمارات الإماراتيّة مع قُرب الانتخابات الرئاسيّة، والبرلمانيّة.
يبقى السّؤال الأخير والعريض، هل سيحتاج الغرب بالفِعل إلى التدخّل في الانتخابات القادمة، إذا كان الشعب التركي قد اتّخذ قراره بالتغيير، بغض النظر عن مدى استقلاليّة قرار أنقرة بنظام أردوغان الحالي عن الغرب، وهو الحليف للغرب والولايات المتحدة بشكلٍ أو بآخر، ومع إشارة أغلب استطلاعات الرأي بتقدّم كمال كليتشدار أوغلو مرشّح المُعارضة على خصمه الرئيس الحالي أردوغان، أم أن عدم استقالة وزراء أردوغان من مناصبهم قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات كما يُفترض قانوناً، وبقاء الحصانة بالتالي، تشي بأن نهاية المشهد باتت معلومة، وبقي موعد التنفيذ؟!
رأي اليوم