الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

فلسطين يا  وجعي ….  ويا  وجع السنين

 

فلسطين يا  وجعي ….  ويا  وجع السنين

الدكتور عبدالمهدي القطامين

اثنان وسبعون عاما وما زال المفتاح معلقا هناك قرب الباب تتلمسه يداها كل فجر تضمه الى الصدر المتعب ثم تهتف سنعود  ….  نعم سنعود

 

“وسوى الروم خلف ظهرك روم  ….. فعلى اي الجانبين تميل

 

فعلى من تتكئين ايتها الوضاءة الموغلة في الدهشة والحنين وعروق اليدين المتعبتين باتتا كعرجون قديم ، ومن امامك عدو يتجهمنا ، ومن خلفنا صديق يتوعدنا ، وما بين البينين ، بين الزمن وبين الفعل ثمة وطن ينتظر ، تناهشته عوادي الزمان وجف الضرع فيه او كاد وظلت عيون الاهل معلقة بامل لا يجيء وقد بنى الحراس دون وصوله سدا منيعا وشدت نشمية مقدسية  بظفائرها زناد البندقية واقسمت حين لاحت شمس الغروب ان لن يمر الغزاة .

 

يا صاحبي لقد ضاقت حلقاتها وبنى الاغراب الف مصيدة ومكيدة وبنى الاعراب مثلها واكثر وما زال ثمة طلل هناك ينشد مع تباشير الفجر الاولى من كل يوم تطلع شمسه :

 

 يا ربي يا جايب الغياب ….. وتجيب للدار راعيها

 

وتعيدي لينا كحيل العين …  يا دموع قلبي يداريها ”

 

اي زمن هذا المغروس فينا حد الدهشة وحد الالم حين تغوص خنجر بين الاحشاء ولا يعرف اليد التي دفعت بها لتستقر حيث اللب والرعب والموت ،  ونحن بين حين وآخر نلتفت لعلنا نرى او نسمع خبب الخيل القادمة تدك بسنابكها رمل الصحراء ….  لكن الخيل لم تجيء ولم يكن هناك سوى رجع صدى ” ابو الطيب ” ينده في صحراء الكوفة :

 

“نامت نواطير مصر عن ثعالبها  …. فقد بشمن وما تفنى العناقيد

يا ساقيي اخمر في كؤوسكما  ….       ام في كؤوسكما هم وتسهيد “

 

سنجبر مرة اخرى ان نقرأ التاريخ فقد كتبه الاوغاد هناك مجددا ،  ومن سطوره ان جيوشنا التي هزمت على ابواب القدس كانت غازية وكان المحتل صاحب الارض والعرض وسيد الارض وفارسها ،  وكان …. وكان ….. ” وغص القلب بالاحزان ، ما فعلت بك الايام يا دار، واين القاطنون هنا ؟ وهل جاءتك بعد النأي هل جاءتك اخبار؟  لم يجيء يا  ” فدوى ” الراحلة سوى خبر ” ترامب وبيبي ”  يتقاسمان قدح المودة بينهما بشهادة اعراب منا جاءوا ليشهدوا زورا وبهتانا  …

 

وطني لم يشهد بالزور …. ولكن شهدوا بالزور عليه

 

يا الله  ، ما ابشع الهزيمة حين ترى الانتصار في عيني شقيقك وعدوك معا ،  تلملم كل مواجعك تخبىء ما ظهر منها وما بطن ،  وتكتم صيحة في القلب كادت ان تدوي فتداريها وتهمس لذاتك المتعبة …” خليها في القلب تسطح ولا تظهر على الناس تفضح ”

 

هي الفضيحة اذن ان قلت آه  ، وهي الفضيحة اذن ان صمت ،  وهي الفضيحة ان بحت ،  لكنه وايم الحق عصر الفضائح كلها والفضائع .

 

وها انا اليوم الجأ اليك يا  ” كايد المفلح العبيدات ” ، قم يا صاحبي وانظر ماذا فعلنا من بعدك ، وكيف وسدنا جبينك الاغر للغرباء ، وانت يا “حابس ” ايها المتسربل بوجع الامة والوطن هل وصلك النبأ العظيم ، وانت يا ” عبدالقادر الحسيني ”  يا صاحب النخوة قتلوك ولم يدروا ان دمك سيكون شلال دماء …تعسا يا صاحبي للغرباء وطوبى لنا ونحن نوسد جبينك الاغر ارضا لم نحافظ عليها كما اردت فاستباحها الغرباء.

 

“بكى صاحبي لما رأى الدرب بيننا …. وايقن انا لاحقان بقيصرا”

 

فقلت …. ” كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل ”

 

هي محطة اخرى من محطات العمر  … اتذكر … اتذكر اننا منذ فتحنا اعيننا على هذه الدنيا اوجعتنا النكبة والنكسة وثالثة الاثافي ها هي الصفقة تأ تي فقل لي بربك اي قلب هذا الذي نحمله بين الضلوع ، يا صاحبي غذ الخطى فالدرب موجعة وليس فيها من انيس ، واقبض على جمرة القلب كي لا تخاف واعلم ان الشجاع يموت مرة واحدة وان الجبان يموت الف ميتة وميتة.

 

تسألني ” كنده ” ابنتي الصغرى بدهشة اعوامها التسع وهي تراقب عن كثب معي شاشة التلفاز حيث “بيبي وترامب ” : لماذا يا ابي يأخذون ارضنا شو بدهم فيها عندهم ارض كثيرة ” فاجأني سؤالها فاغضيت ، كتمت الدمعة التي اوشكت وخشيت ان ترى ضعفي وقلة حيلتي … نهرتها امها وقالت : حلي واجباتك احسن لك فكينا من السياسة …. ذهبت وبعد حين عادت وهي تحمل في يدها ورقة مرسوم عليها خريطة فلسطين وكتبت عليها بخطها المتعثر …فلسطين من النهر الى البحر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى