الشاشة الرئيسيةمقالات

طوفان الاقصى (معركة الغاز)

اللواء المتقاعد صالح جدوع النصرات

ما أن نفذت قوات المقاومة الاسلامية ( حماس ) عملية طوفان الاقصى حتى ردت عليها اسرائيل بعملية عسكرية عنيفة تحت مسمى ( السيوف الحديدية ) عملية عسكرية معدة ومخططه مسبقاً ، ستنفذ بتوقيت محدد حتى وان لم تنفذ حماس عملية طوفان الاقصى .

ما ان بدأت الحرب الاسرائيلة على غزة رداً على طوفان الاقصى حتى وصل الى إسرائيل قادة و رؤساء الدول العظمى وبعض رؤساء الدول الصناعية السبع وبدأ السباق مع الزمن في تقديم الدعم العسكري والسياسي لها والاعلان بأن لها الحق الكامل في الدفاع عن نفسها وتم إعادة نشر حاملات الطائرات الامريكية ( جيرالد فورد و ديوات آيزنهاور ) في البحر الابيض المتوسط بالقرب من إسرائيل .

اعلنت اسرائيل وحلفائها الاهداف الرئيسية من العملية ( السيوف الحديدية ) التي تتمثل في القضاء على قوات المقاومة حماس و تفكيكها وانهاء سيطرتها على قطاع غزة بالرغم من معرفة القادة السياسيين والعسكريين بأن هذا الهدف من الصعوبة تحقيقه وفاتورة تكاليفه البشرية عالية جداً .

تحكم حركة المقاومة حماس قطاع غزة منذ عام ٢٠٠٧ الذي تبلغ مساحته ٣٦٠ كم مربع وعدد سكانه حولي ٢ مليون نسمة ، عام ٢٠٠٠ تم اكتشاف احتياطات كبيرة جداً من الغاز قُبالة سواحل غزة في حقلي الغاز ( مارين ١ ، مارين ٢) وعلى بُعد ٣٦ كم من الساحل الشرقي للبحر الاحمر المتوسط ويبلغ احتياط الغاز في الحقلين حوالي ١.٤ ترليون متر مكعب هذه يكفي الشعب الفلسطيني لمدة ١٥ عام ،ويبلغ الدخل السنوي التقريبي حوالي ٨٠٠ مليون دولار وهو ما يؤمن دخل مناسب للعيش الكريم للشعب الفلسطيني .

عارضت اسرائيل ومنعت استخراج غاز غزة والاستفادة منه بالقوة العسكرية ، وقامت بعمليات عديدة للقضاء على حماس وحصارها والضغط عليها كُونها تشكل تهديد وعائق كبير يحول دون استفادة إسرائيل من حقول غاز غزة حسب شروطها و مصالحها الخاصة في المقام الاول ، واخذت تحاول في كل عملياتها العسكرية المتعددة الخلاص من حماس والقضاء عليها لتتمكن من السيطرة والاستفادة من الغاز لوحدها .

وهنا لا بد من العودة الى الحرب الروسية الاوكرانية وانقطاع الغاز الروسي عن دول اوروبا الصناعية وتفجيرات انابيب الغاز ( نورد ستريم ١ ، نورد ستريم ٢ ) وحرمان هذه الدول من الغاز مما أدى الى بروز الحاجة الاوروبية الملحة للغاز والطاقة بشكل عام .

نلاحظ مما تقدم أن الحاجة الملحة للغاز هي المحرك الأساسي لسرعة الاستجابة الدولية و وصول القادة والرؤساء لاسرائيل في ثاني ايام الحرب اذ وصل الرئيس الامريكي و وزير خارجيته و وزير دفاعه والمستشار الالماني والرئيس الفرنسي و رئيس الوزراء البريطاني واعلنوا جميعاً الدعم والمساندة بالسلاح والمعدات والاموال لاسرائيل ومنحها الشرعية وحق الدفاع عن نفسها .

بعد مرور شهر من الحملة العسكرية الاسرائيلية الجوية والبرية على قطاع غزة والقصف الجوي العنيف الذي استهدف البنية التحتية الرئيسية والمشافي ودور العبادة مما أدى الى وقوع خسائر بشرية كبيرة جداً في صفوف المدنين العُزل من ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، فأن لم يحقق اي سيطرة او نصراً عسكرياً يقترب من تحقيق هدف الحرب الذي خطط له او يرقى لمستوى حفظ ماء الوجه وإعادة الهيبه لاسرائيل و قواتها المسلحة بعد الذي تعرضت له يوم ٧.اكتوبر ( طوفان الاقصى ) واعتراف القادة الاسرائيليين بان قوات المقاومة حماس لا تزال تحتفظ بمعظم قوتها القتالية .

نستطيع الاستنتاج والقول بأن سبب الحرب الرئيسي ليس القضاء على حماس وإنما ما وراء حماس وهو فرض السيطرة الكاملة على غاز غزة واستغلاله بعد القضاء على حركة المقاومة حماس وهذه بالطبع يقودنا تلقائياً الى أن قطاع غزة بشكل عام وقوات المقاومة حماس اصبح هدفاً عالمياً وليس هدفًا لاسرائيل لوحدها وهنا يبدأ الرهان على صمود شعب غزة الحاضنة الرئيسية للمقاومة وصمود قوات المقاومة حماس أمام هذهِ الهجمة والتحالف العالمي .

بغض النظر عن موازين القوة فأن القتال ضد القوات شبه النظامية ( حماس ) داخل قطاع غزة يعتبر قتالاً صعباً ، إضافةً لذلك فأن القوات الاسرائيلة تقاتل في مناطق مبنية تعتبر كل ميزاتها لصالح المدافع ( المقاومة حماس ) وضد القوات المهاجمة ( اسرائيل ) .

يتمتع مقاتلي المقاومة حماس بالعقيدة الراسخة والايمان العميق بقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعه مما يعزز من صلابة صمودهم وامكانية دحرهم للقوات الاسرائيلية وايقاع خسائر كبيرة فيها ومنعها من دخول القطاع وتحقيق اهدافها ، فأن الشكل الحالي للقتال والمناورة الاسرائيلية قد لا يكون قادراً على تحقيق وانجاز الهدف الاستراتيجي من الحرب وهو القضاء على حماس و تفكيكها رغم ما تمتلك اسرائيل من عدة وعتاد وفائض كبير جداً من القوات والمعدات .

قد يكون من المتوقع ان تلجأ اسرائيل وحلفائها الى الأصرار على تحقيق اهداف الحرب وتقوم بشن حرب نوعية تختلف شكلاً ومضموناً عما هو مألوفاً في الحروب الحديثة تجبر قوات المقاومة على الهزيمة والاستسلام ، او أن يكون الصمود والعنفوان لغزة ولقوات المقاومة حماس لِيُسطر هذا الصمود نصراً مؤزراً يساهم بشكل كبير في احياء قضيتهم العادلة القضية الفلسطينية والحصول على كافة حقوقهم المشروعة السياسية والاقتصادية وبدعم دولي في ظِل بيئة محلية واقليمية ودولية آمنة ومستقرة …. والايام المقبلة حبلى بالمفاجآت السارة أن شاء الله

قال تعالى : ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى