الشاشة الرئيسيةمحلياتمقالات

حين يكونُ الكلامُ عنِ الملِكِ

د.عبدالمهدي القطامين

حين يكونُ الكلامُ عنِ الملِكِ ولِلْمَلِكِ وفي حَضْرةِ حُضورِهِ البَهِيِّ تَقِفُ الكَلِماتُ حَيرَى فَمِنْ أَيِّ أَبوابِ البَلاغَةِ تَلِجُ وأَيِّ الطُّرُقِ تَسْلُكُ وَهِيَ تَصِفُ هذا الهاشِمِيَّ النَّبيلَ المُوغِلَ في النَّسَبِ والحَسَبِ والقابِضَ على جَمْرِ الوَطَنِ في لَحَظاتِهِ الفارِقَةِ .

فيا سَيِّدي المَلِكُ إنَّها التسع والخَمْسونَ حَيْثُ تَتَوَّجَ رَأسُكَ بِبياضِها وتَسْتَرِقُ الخُطى نَحْوَ وَجْهِكَ الطَّيِّبِ مُعْلِنَةً عَلَيكَ الحُبَّ مُزْدَحِمَةً بِأوْاجاعِها وَعِبْءِ السِّنينَ القاسِياتِ وإِكْمالِها مُشْرِقَةً بِبهاءِ وَجْهِكَ وعَلى جبينِكَ الوضَّاءِ يَزْدَهِي التَّاجُ الهاشِمِيُّ الذي ما فَتِئَ يَزهُو بِنا وَنَزْهو بِهِ ونُعْلِنُ لِكُلِل الدُّنْيا أَنَّنَا رغْمَ الوَجَعِ وظُلْمِ ذَوي القُرْبَى وغَدْرِ الصَّديقِ والعَدُوِّ مَعًا لمْ نُسَلِّمْ ضرعَ الوَطَنِ للغَريبِ ولا سامُونا يَومًا عَلَى وُجودِهِ حُرًّا أَبِيًّا يُنافِحُ عَنْ شرَفِ الأُمَّةِ ويُقْسِمُ أَنَّ الرّايَةَ لنْ تَطيحَ كمَا حَمَلَها جعْفَرُ حَمَلْناها وأَقْسَمْنا ذاتَ آذارَ أَنْ لنْ يَمُرَّ الغُزاةُ .

اليومُ فاتِحَةُ التاسعة والخَمسينَ ولا زالَ الوطنُ ولا زِلْتَ أيُّها المَلِكُ البَهِيُّ تَنْدَمِجانِ رُوحًا بِروحٍ ونَفْسًا بِنَفْسٍ وقَلْبًا يَشُدُّهُ قَلبٌ وسَارِيَةٌ تَخْفِقُ بَيْنَ الصَّدرِ والصَّدْرِ ومَسيرَةٌ تَمْتَدُّ منْ جيلٍ إلى جيلٍ تُطَوِّقُها هذي السَّواعِدُ السَّمْراءُ تِلكَ التي ما زالتْ عَلى الحَدِّ تَقْبِضُ زِنادَ بُنْدُقِيَّتِها وتُسامِرُ نَجْمًا بَدا في حالِكاتِ اللّيالي حَيْثُ تَأتِي الرَّصاصَةُ ما بينَ إغْماضَةِ عَينٍ وانْتِباهَتِها وتَهْتِفُ حُرَّةً أُردنيَّة ًكُلّما ضاقَتْ واسْتَحْكَمَتْ حَلَقاتُها …. لِعُيونِ عبدِ اللهِ والوَطَنِ ضَرَبَ العَساكِرُ كارَنا .

فيا عبدَ اللهِ الثَّانِي أيُّها المَلِكُ الحامِلُ هَمَّ هذهِ الجُموعِ القابِضَةِ على جَمْرِها ونارِها وهَمَّ هذا الوَطَنِ المُمْتَدِّ مِنَ النَّسَغِ إلى النَّسَغِ ومِنَ الوَريدِ إلى الوَريدِ ها نَحْنُ نَهْتِفُ في صباحاتِ عيدِكَ المُزَيَّنِ بِعِطْرِ الشَّهادَةِ ووَجَعِ الذينَ مَضَوْا قَبْلَ الأَوانِ ونَهْتِفُ باسْمِ مَنْ قَضَوْا عَلى الدَّرْبِ لِكَي يَبْقَى الوطَنُ إنَّنا على العَهْدِ باقُونَ وإنَّ الوَطَنَ الذي خَبَّئناهُ عنِ الحُسّادِ في رُفاتِ الأَعْيُنِ وبينَ أهْدابِ العُيونِ ها هُوَ يُقْرِؤُكَ السَّلامُ اليومَ ويَمْضي مَعَكَ يدًا بِيَدٍ وأَلَمًا بألَمٍ وفَرَحًا بفَرَحٍ وحِكايَةً تِلوَ حِكايةٍ يَهزُجُ بِها الصِّغارُ والكِبارُ نَعْلَمُ أنَّ المَسيرَةَ مُتْعِبَةٌ وأنَّ المَسافاتِ الظامِئَةَ أتْعَبَتِ الجَميعَ لكِنّنا لمْ نُسَلِّمْ ولنْ نُسَلِّمَ بعْضَ أريجِ هذا الوَطَنِ وكِبْرِيائِهِ وهَوَسِهِ وجُنونِهِ وحَنانِهِ ودِفْئِهِ وبَرْدِهِ لنْ نُسَلِّمَ كُلَّ هذا لِلْغُرَباءِ حتّى وإنْ قالوا لَنا طُوبَى لِلْغُرَباءِ ولَنْ نُسَلِّمَهُ للتُّجّارِ المُتاجِرينَ بِسُمْعَتِهِ وطِيبَتِهِ ولنْ نُسَلِّمَهُ لِمَنْ عاثُوا فَسادًا فيهِ وأكَلوهُ لَحْمًا ثُمَّ أَدْبَروا فَأهْلُ الدِّيرَةِ هُمُ الأَهْلُ والعِزْوَةُ وهُمُ الذينَ أقْسَموا ذاتَ رَصَاصَةٍ عَربِيَّةٍ حُرَّةٍ أنَّ المَنِيَّةَ ولا الدَّنِيَّةَ وأنَّ الأوطانَ لا تُباعُ ولا تُشْتَرَى .

في عيدِ مَولِدِكَ اليومَ يا سيِّدي المَلكُ سلامٌ عَليكَ مِنَ اللهِ وسلامٌ عليكَ مِنَ النّاسِ وسَلامٌ على أبيكَ المَلِكُ الذي رَحَل وَهُوَ يَقولُ: لَقَدْ تَرَكْتُ فيكُمْ عبدَ اللهِ . فَأنْعِمْ بِمَنْ رَحَلَ وأَكْرِمْ بِمَنْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى