الشاشة الرئيسيةمقالات

حتى لا تسبب وسائل التواصل الاجتماعى فوضى لا نستطيع ايقافها

بقلم الدكتور جميل الشقيرات

الزخم الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، أوجد لدينا سلوكات جديدة بعضها إيجابي واغلبها سلبي وتلك هي ضريبة كل ما هو جديد في حياتنا اليومية، مع اختلاف الثقافات وأسلوب الحياة والتفكير، ولا تقتصر هذه السلوكات على مجال معين، فالقاعدة تنطبق على جميع المجالات، الرياضية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية منها، حتى اصبح الجميع في هوس وتهافت في نشر الأخبار واحتلال قصب السبق حتى وإن كانت أخباراً بلا مصداقية وتحمل بين جنباتها الإساءة أو تعكير صفو حياة أسرة أو مجتمع بأكملة.
من بين تلك السلوكيات ظاهرة التصوير سواء كان الفيديو أو الفوتوغرافي، فأنا شخصياً لست ضد التصوير والتوثيق، بل على العكس تماماً، ولكن وفق ضوابط سلوكية، فليست حياتنا اليومية بكل ما فيها قابلة للتصوير أو النشر والمشاركة، فهناك ما يسمى بالخصوصيات، التي بدأنا نفقدها بسبب الواقع المعيشي وكثرة البرامج المتعددة التي حثت الجميع على نشر تفاصيل حياتهم، حتى بات المتابع لهم يصف أدق تفاصيل تلك الأيام وكأنه فرد من أفراد الأسرة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى أبعد من ذلك، فبتنا نشهد نشر الحوادث المرورية والحرائق والمشاكل الزوجية والعائلية وحتى الخلافات الشخصية على وسائل التواصل، حتى باتت الحسابات التي تنشر الأخبار التي على تلك الشاكلة حسابات تحظى بمتابعة منقطعة النظير، وهذا مؤشر خطير على تغير سلوك الأفراد بل وحتى المجتمعات، ويستدعي تدخل المهتمين بالبحوث والجوانب الاجتماعية، وحتى من يتولون مسؤلية التشريع عليهم التدخل.
لك أن تتخيل وأنت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لتتفاجأ بصورة مقززة لحادث مروري شنيع وجثث ملقاة هنا وهناك لضحايا ذلك الحادث، لك أن تتخيل ردة فعل ذوي المصابين والجرحى، لك أن تتخيل ذلك الشعور المؤلم، ناهيك عن الازدحام المروري وتعطيل المصالح الذي يتسبب فيه من رافقته لعنة التصوير وهوس السبق في النشر، وكأنه ينشر قصص نجاح وخبراً مفرحاً، للأسف بات الهاتف الذكي اليوم منصة لنشر الأخبار المزعجة، وبات لقباً إعلامياً يطلق على كل من يتسبب في أذى المتصفح والمتابع.
إننا اليوم في فوضى إعلامية تسبب بها مجموعة من المرضى المصابين بتلوث في المفهوم الحقيقي للإعلام، فهناك من يلتقط صور فيديو لأقسام الطوارئ في المستشفيات، أو لمشادة كلامية في المدرجات الرياضية او لخلافات عشائرية تتخللها ألفاظ غير محمودة والتي يجب أن لا تصل لأبناءنا الصغار حتى لا نورثهم اسواء ما لدينا.
أرى أن الوقت قد حان لوضع حد لتلك الفوضى الحاصلة خصوصا وأن هنالك إعلاميين محليين نادوا لعقد ورشة حول هذا الموضوع فهل هم على ما عاهدوا به ام كلام الليل يمحوه النهار.
يكفينا ما وصلنا إليه من خراب للغة الأم على منصات التواصل، ويكفينا التلوث النظري والفكري الذي مشاهدة عبر كافة وسائلنا.
دعوة نطلقها لعلها تجد من يلتقطها ويتعامل معها بصدق وبإحساس المسؤول، وبإحساس رب الأسرة الغيور على أبنائه، وبإحساس من يهمه سلامة المجتمع واجياله القادمة.
مسك الختام!! الإعلام رافعة مهمة لنهضة الوطن والسهو عنه وترك الحابل على النابل سيسبب فوضى نحن بغنى عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى