الشاشة الرئيسيةمقالات

انهيار وعدمية منظومة الاخلاق الغربية

د.عبدالمهدي القطامين
في مواجهة “طوفان الاقصى ” تبين كم هي هزيلة منظومة الاخلاق في معسكر ومجتمع الغرب الذي طالما تغنت اجيال عربية كثيرة بتلك المنظومة التي كانت تشكل طموحا للبعض محاولين الوصول الى نظامها واليات تطبيقها كحل لمشكل الديموقراطية وحقوق الانسان لكن طوفان الاقصى والحرب الدائرة على غزة اثبتت بما لا يقبل الشك ان تلك المفاهيم اوهى من بيوت العنكبوت وانها منظومة هدفها فقط بسط السيطرة على الاخرين وتقديم نموذجا مغريا على الورق لكنه في التطبيق ليس سوى اداة من ادوات التغول والخراب والعبودية .
ربما كان “صموئيل هنتينقتون ” صاحب كتاب ” صدام الحضارات ” كان اول من كشف هذا الزيف بغير قصد طبعا في معرض حديثه عن الحضارات حيث اكد ان صراع الغرب والشرق سيظل صراعا مفتوحا يتخذ جانب الثقافة وادواتها في كل مناحيه وقد اكد طوفان الاقصى كم كانت حضارة الغرب وثقافته بائسة وشوفينية عند التحاور مع الاخر او التطاحن معه حيث تجيز تلك الثقافة استخدام كل ما صنعته حضارة الغرب في طحن الاخر دون هوادة .
لقد عشنا طويلا في وهم الغرب المثقف صاحب حقوق الانسان وحقوق الطفل والمرأة وحقوق تقرير المصير لكن ذلك كله تهاوى عند لحظة المواجهة ليتبين لنا ان تلك الحقوق كلها صنعت لهم وحدهم وان الاخرالذي هو نحن مجرد دمية يتم التدرب عليها في معرفة صلاحية وتاثير الة الحرب وتبدى كل هذا في المواجهة مع غزة التي قتلت بدم بارد وصمت وتآمرمن الغرب بكل مفرداته الثقافية والحضارية التي سوقها علينا طويلا لنصل الى حقيقتها بعد رحلة التيه التي عشناها معجبين بنموذج كنا نعتقد انه نموذج انساني حتى بانت وحشيته وهمجيته وبطلان دعواه .
النموذج الثقافي الحضاري الغربي نموذج متوحش همجي ليس له شبيه الا ثقافة المغول والتتار في حروبهم مع الحضارة الشرقية ويبدو ان نموذج الغرب الحالي هو استنساخ لتلك الحقبة المظلمة من تاريخ الانسانية البائد .
الان نحن مدعوون الى اعادة تشكيل مفاهيمنا واعجابنا بذلك النموذج الثقافي الغربي الذي لا شك انه يحمل في داخله سر مصرعه لان الانسانية جمعاء لا يمكن لها ان تتصالح معه بعد ان اصبح عاريا امام الحقيقة حقيقة ان الغرب بكل مفاهيمه ليس سوى وهم براق مثل السراب في متاهة صحراء مظلمة يظنه الضمآن ماء .
لقد كشف طوفان الاقصى المقدس ان الغرب مارس طويلا لعبة التسويق لثقافته ضمن العدد من المصطلحات والمنظمات التي كانت تعمل بل هوادة في الشرق زاعمة انها المخلصة لما يعيشه الانسان من ويلات وقد انطلت تلك المسوغات والترويج على شرقنا البائس في رحلة البحث عن ديموقراطية تخلصه من جهل الحكام وخداعهم ومجاراتهم لتلك المفاهيم في لعبة الحفاظ على كراسي الزعامة الورقية التي نراها في بقاع الوطن العربي والتي تتهاوى عند اي منعطف تاريخي تمر به المنطقة ولعل القمم العربية والاسلامية تشكل نموذجا صارخا لحجم العجز الذي باتت عليه تلك الزعامات الكرتونية التي تحرك بالريموت كونترول تباعا لايماءات الغرب وساسته وحكامه ومثلما تبين خداع الغرب وزيف حضارته فقد تبين ايضا خداع الانظمة العربية والاسلامية وعجزها عن الدفاع عن الامة في كل منعرجاته التاريخية وهي ماثلة امام الاعين من الشرق العربي الى الغرب الى فلسطين التي ما زالت تعاني من حجم تلك الخديعة والخذلان وقد اكد طوفان الاقصى ايضا ان الشعوب العربية ما زالت شعوبا حية تغلي مراجلها بالمراجل رغم كل ادوات التضييق التي تمارس عليها وقد قالت كلمتها في كل الساحات وما زالت تعرف ان درب الالام طويل وتعرف ايضا انها خطى متعبة لكنها تؤكد ان من كتبت عليه خطى مشاها رغم مشقتها وعذابها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى