الشاشة الرئيسيةمقالات

الهروط يكتب: مضر بدران وقطع الكتف

عبدالحافظ الهروط

عندما آتي على سيرة أي مسؤول، فإنني أظل مشدوداً لرجل هو من يستحق أن نقول عنه “رجل بحجم الوطن”.. أقصد وصفي التل.

ولكن الاردن أنجب رجالاً، استحقوا المناصب ولم يلتفتوا الى المكاسب، لذلك نهض الوطن بمؤسساته والمواطن في ظروف صعبة وأموال شحيحة، ذلك أنهم كثر،ويصعب علينا الإحاطة بهم والذِكْر.

وجهات النظر تختلف وتتباين حول مسؤول وآخر، ومضر بدران الذي رحل، واحد من هؤلاء المسؤولين والرجال، اذ يُسجل لصحيفة الغد أن تفردت عن الاعلام الاردني بأكمله، وتحديداً الصحف اليومية، من خلال حلقات، يمكن أن أحكم كقارىء لها بأنها ” شهادة براءة ذمة” قبل أن يغادر الدنيا ونقول رحمه الله.

لم اسمع عن مضر بدران مدير المخابرات، فهذا الجهاز بأفراده، بعيدون كل البعد عن الاعلام والأضواء.

أما بدران، رئيس الوزراء، فهو الرئيس الذي جرّ “جماعة الاخوان المسلمين” للمشاركة بالعملية النيابية عام ١٩٨٩ وانتزع ثقة الحكومة ومنح “الجماعة” والمعارضين، مقاعد وزارية، دون خشية، أو التفاتة الى الأصوات المعارضة للجماعة، ومن يعارض، سواء كانت الأصوات من مؤسسات الحكم وضجيج الكتّاب والتعليقات والتحليلات والأخبار في الاعلام الاردني، أو المؤسسات والاعلام الخارجي، وهذا ما يؤكد شخصية الرجل وثقته بمؤسسات الدولة وقوتها.

كان لبدران حضور الرجل الاردني الذي لا يخشى التحديات ولو واجه الرصاص، وقد ناله بعض منها، وصال وجال في زيارات للعراق الأشم في أثناء حرب الخليج الأولى، وقبلها عقد الجلسات واللقاءات لإيجاد سبل عدم اراقة الدماء على الساحة الاردنية في حوادث ١٩٧٠، لأن عدم وجود الحل ضياع للاردن وفلسطين وللأمة بأسرها، إذ تبيّن لاحقاً، أن دائرة المخابرات تمسك مع القوات المسلحة والشعب الاردني بمختلف اطيافه، بخيوط الازمة.

على أن الراحل بدران، كرئيس للوزراء أطل ذات يوم من على شاشة التلفزيون الاردني، مخاطباً الجهات الخارجية التي تهدد أمن الاردن، وقد أُلقي القبض على خلية تبنتها دولة شقيقة” إن اليد التي تمتد الى الاردن ستقطع من الكتف”.

ولأن “أبا عماد” يعرف ماذا يعني أن تكون موظفاً ومدير مخابرات ورئيس وزراء، أو في أي منصب من مناصب الدولة، فقد اعتذر للراحل الحسين، أن يخلف رئيس الوزراء الشهيد وصفي التل، عقب استشهاده، لأن هذا”الكرسي” لا يملؤه رجل سوى وصفي، هكذا قال، وكون بدران في مسيرة وظيفية وبحكم صغر عمره، لا يؤهله الرئاسة.

هي سنّة الحياة، أن الوظيفة لا تدوم لأحد، سواء باستشهاد صاحبها أو انتهاء خدمته أو لفساد تمّكن وتحقق في ذمته.

رحم الله الشهداء والشرفاء، وحفظ الاردن من كل سوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى