الشاشة الرئيسيةمقالات

المملكة و القلق

د.عبدالمهدي القطامين
منذ نشأت هذه المملكة نشأتها الحديثة على تخوم بلاد الشام الجنوبية كانت تعيش على قلق دائم وفي بؤرة قلق يحيطها من شتى الجهات معتمدة على نمط بداوة بسيط وتجارة تنشط احيانا وتبطئ أحيانا تبعا لحركة التجارة بين الشمال والجنوب وظلت تستعين على بقائها اقتصاديا بمعونات تأتي من هنا وهناك لكن أهميتها بدأت تتزايد في ظل الحكم الهاشمي الذي اتخذ نهجا وسطيا فهو يلعب دور الإصلاح في الخلافات التي كانت تدور بين الاشقاء في دول المحيط الإقليمي من جانب وتستند على معاهدات صداقة مع معسكرات غربية بدأت بإنجلترا وانتهت بالولايات المتحدة الامريكية ولم يكن بخاف على احد آنذاك ان ثمة أطماع شقيقة بالإطاحة بالدولة الفقيرة تمثلت بأكثر من حشودات على حدودها إضافة الى تحالفات داخلية وقوى عربية خارجية الى حد رأى البعض ان تحرير فلسطين يبدأ بعمان أولا .
ما الذي كان يقلق البعض من الدولة المسالمة والمقاتلة في آن فعلى الرغم من تحالفاتها مع أصدقاء الدولة التي تحتل فلسطين الا ان جيشها كان اول الداخلين في الحرب ضد الدولة الغاصبة واخر الخارجين منها وكان جنودها يمتازون بالقتال المتمرس العقائدي وهذا يفسر ان كتائب وسرايا وفصائل استشهدت كلها في الحروب مع دولة الاحتلال .
كانت الأنظمة العربية ذات الحكم الجمهوري تصف النظام الحاكم في المملكة بالنظام الرجعي في حين تم وصف الجمهوريات بالأنظمة التقدمية وتلك كانت الاوصاف التي وجدت في ادبيات المد السياسي بمختلف مشاربه ومعتقداته آنذاك لكن من سخريات القدر ان الأنظمة التي وصفت بالرجعية ظلت دول ذات سيادة واقفة صامدة في حين ان الأنظمة الموصوفة بالتقدمية تعرضت في مجملها الى خراب كبير أطاح بكل مقوماتها حتى أصبحت اشبه ما يكون بجمهوريات الموز الموصوفة في مجاهل افريقيا .
أحيانا قراءة التاريخ واخذ العبر منه تحتاج الى وقفة تأمل طويلة فيها يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتتضح الرؤية دون أي رتوش ولعل المملكة الأردنية الهاشمية تشكل قصة وطن تستحق ان تروى للأجيال ففي حين فتكت اغلب الأنظمة الجمهورية بمواطنيها في الربيع العربي ظلت هذه المملكة تحاور ناسها بالحسنى واللين ولم تفتك يوما بأحد من معارضيها ولم تسحله او تودعه في سجن لا يحمل فيه سوى رقم يشير الى هويته لأغراض يعرفها السجان والجلاد فقط .
ما يغيب عن البعض في هذه المملكة انها ظلت وفية لناسها وتلك سمة من سمات الحكم الرشيد وفي غمرة الهتافات في ربيع العرب اتسم النظام بالعقلانية ذاتها التي عرف بها في تاريخه الحديث وكان ديدنه “وحاورهم بالتي هي احسن ” في حين ان أنظمة حكم عديدة حاورت شعوبها بالبارود والقتل وشتان بين من يحاور بالحسنى وبين من يسحل ويقتل بدم بارد .
هذه المملكة قامت على التسامح وما زالت وفية لذات السمة وان حاول البعض ان يقول غير ذلك فانه بالتأكيد واهم مغرر يريد التغرير بالناس ودفعهم الى الخروج على النظام العام وفي ذلك الكثير من الماسي والخراب الذي سيعم كل الديار ان تحقق .
ما اريد قوله ان العقلانية في الطرح هي اولى درجات الانتماء الوطني اما التشنج والبحث عن الاعداء بين الاهل والاصحاب فتلك سمة من يريد التخريب وما اظن ان عاقلا واحدا يريد لوطنه ان يخرب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى