الشاشة الرئيسيةمحليات

المجالي.. بصمات واضحة أينما حل في المواقع العسكرية والمدنية

ووري الثرى أمس جثمان الباشا عبد الهادي المجالي في مسقط رأسه في منطقة الياروت بمحافظة الكرك، عن عمر يناهز 87 عاما، قضى منها 60 عاما في العمل العام، بدأها مهندسا في مديرية أشغال محافظة معان، ليلتحق بسلك القوات المسلحة، وليبدأ بعدها بتسطير الانجازات في سجله الحافل.
الباشا “ابو سهل” أو “الزعيم” وهو اللقب الذي يحلو لأبناء عشيرته مناداته به، يكاد يكون الشخصية الاردنية الوحيدة الذي تولى القيادة وخاضها في كافة المواقع العامة العسكرية، الامنية، السلك الدبلوماسي، والعمل الحكومي والنيابي، واخيرا العمل الحزبي.
وحتى عندما قرر العمل بالقطاع الخاص أسس أهم شركة مقاولات، فهو شخصية قيادية وطموحة وكان قادرا على أن يترك بصماته في كل محطة مر بها.
فمن رئيس لهيئة الاركان في القوات المسلحة، الى الامن العام مديرا، وبعدها سفيرا للمملكة في واشنطن، ومن ثم وزيرا للأشغال، وبعدها أصبح نائبا في البرلمان وشكل تيارا مؤثرا في مجلس النواب، الى أن أصبح رئيسا لمجلس النواب لحوالي تسع دورات.
ومع انتهاء مجلس النواب العام 2017 عاد كشخصية سياسية وحزبية مثيرة للجدل، وسرعان ما تتحول أماكن تواجده الى صالونات سياسية يقصدها السياسيون والاعلاميون والحزبيون، فبحكم الخبرة والعمل، اكتسب تجربته كخبير سياسي في معظم القطاعات.
لم يتبوأ موقعا الا وترك به بصمات ما تزال واضحة حتى يومنا هذا، بدءا بقيادته لسلاح الهندسة الملكي عندما كان ضابطا بالقوات المسلحة، وحتى وصوله مساعدا لرئيس هيئة الاركان، ومن ثم رئيسا لهيئة الاركان برتبة فريق ركن.
ثم تسلم قيادة مديرية الامن العام، التي شهدت في عهده عملية تحديث وتطوير ومواكبة التطور الشرطي والامني، فعمل على تحديث المباني وتوسع في زيادة الخدمات الامنية المقدمة للمواطن عبر المركز الامني الواحد، بعد ان استطاع أن يضيف له خدمات تمس حياة المواطنين إضافة الى العمل الشرطي ومكافحة الجريمة.
كما زاد في عدد مراكز الاصلاح والتأهيل بعد أن شيدها وفق مقاييس دولية ومنها مركز اصلاح (سواقة) الذي راعى فيه إمكانية زيادة عدد النزلاء وتطبيق معايير التصنيف، وأدخل نظام تشغيل نزلاء مراكز الاصلاح في بعض المراكز، عدا عن زيادة عدد مباني الامن العام وإدخال نظام السيطرة وتحديث المختبر الجنائي، ليغادر الامن العام بعد ان تقلد رتبة فريق أول، خرج بعدها من الحياة العسكرية والامنية التي استمد منها خبراته ليصل الى مواقع قيادية مختلفة.
كان الباشا “أبو سهل” يؤمن بقوة القيادة والعمل ضمن الفريق الواحد، وكلما تبوأ موقعا في أي من المجالات، كان قادرا على تشكيل فريق خاص به، وإثبات وجوده كقائد للفريق، فبعد أن تفوق بعمله سفيرا في السفارة الاردنية بواشطن، أصبح وزيرا للأشغال وترك في الوزارة بصماته وإنجازاته، كما استقطب الكفاءات من المهندسين للعمل في وزارته.
وفي مطلع التسعينيات، اقتحم المجالي العمل الحزبي ليؤسس حزب العهد كأول حزب وسطي، ومن ثم الحزب الوطني الدستوري، واخيرا حزب التيار الوطني، وأتاح المجال أمام عدد من رجالات الدولة السابقين والمتقاعدين العسكريين من كبار الضباط لممارسة العمل الحزبي والنيابي ونافس الاحزاب اليسارية والاسلامية، كما استطاع صناعة عشرات النواب والوزراء الذين باتوا يتقلدون مواقع قيادية بعد ان منحهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرار، والتحق معه في العمل الحزبي 55 نائبا.
لم تتوقف نجاحات الباشا المجالي في العمل العام، بل اقتحم أهم القطاعات المؤثرة في اقتصاد الدولة، ليؤسس شركة الشرق الاوسط للمقاولات، فهو يحمل بكالوريوس بالهندسة المدنية من جامعة بغداد، وبالرغم من ولعه بالعمل السياسي، الا ان طموحاته وخبراته بالهندسة المدنية التي عززها اثناء العمل بالقوات المسلحة دفعته لتأسيس هذه الشركة وتنفيذ عطاءات ضخمة، لتصبح هذه الشركة من أبرز شركات المقاولات عربيا ودوليا.
ولم يكن الباشا بعيدا عن الإعلاميين بالرغم من عدم تبوئه منصبا اعلاميا، فهناك عشرات الاعلاميين الذين كان يحرص على التواصل معهم باستمرار، حتى بعد خروجه من العمل العام، فكانوا يقصدونه كسياسي مثير للجدل ويستمدون منه الطروحات والمعلومات التي تغني مقالاتهم وفكرهم.
بالرغم من انشغال الباشا ابو سهل يرحمه الله بالعمل العام، لكن ذلك لم يمنعه من الاقتراب من الفقراء والايتام، فكان على الدوام يكفل الايتام وتحديدا في محافظة الكرك، كما كان مكتبه مفتوحا لتقديم المساعدات المالية للفقراء والمساكين، ناهيك عن تدخله في حل مشاكل المواطنين وتلبية مطالبهم. وكان يصل القربى والارحام، ودائم التواصل مع أبناء عشيرته ويصلح ذات البين ويجبر الخواطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى