الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

العقبة تحتفي برواية ” المهطوان ” للاديب رمضان الرواشدة

الغواص نيوز
د.عبدالمهدي القطامين

نظمت نقابة المهندسين فرع العقبة ندوة حول رواية رمضان الرواشدة ” المهطوان ” التي صدرت مؤخرا بحضور جمع من مثقفي العقبة ومهندسيها .
واكد رئيس فرع النقابة المهندس عامر الحباشنة على الدور الذي تقوم به النقابة في المجال الثقافي اضافة الى دورها المهني في تعزيز قدرات منتسبيها الفنية موضحا ان الروائي الرواشدة يعد من اهم كتاب الرواية في الاردن والذي اولى المكان والزمان الاردني اهمية خاصة في كافة اعماله الروائية التي تمزج ما بين الواقع والخيال وتزاوج بين الانسان والمكان وحضارة الوطن الممتدة الاف السنين
وقال ان نقابة المهندسين معنية بالفعل الثقافي أينما كان وانها تحتفي اليوم بروائي مبدع وكاتب عريق اردني له بصمات واضحة في الادب الأردني والعربي مشيرا الى ان الوطن يحتاج الى توثيق كل حكاياه بعيدا عن الميول الشخصية او الاهواء وان النص الروائي هو الاقدر على ترجمة مالات المجتمع وتطوراته .
وقال الدكتور عبدالمهدي القطامين في قراءته النقدية للرواية انه يمكن لنا ان نحدد مدخلا مناسبا لقراءة منتج الروائي رمضان الرواشدة منذ نشر روايته الاولى الحمراوي من حيث انها رواية حداثية بكل ما في الكلمة من معنى حداثة بنيوية وحداثة فكرية واللافت في مجمل اعمال الاستاذ رمضان امران هما الزمان والمكان وارتباط الشخوص الوجداني بين هذين المفهومين في صيغة سؤال كبير يبرز في ثنايا النص …هل الراوي هو الكاتب نفسه بمعنى ان الاعمال تلك اعمال تقترب من السيرة الذاتية للروائي ذلك ما ينفيه ونفاه الراوي الكاتب فيما يؤكد بعض من قرأ تلك الاعمال قراءة نقدية انه يكاد يلمح الراوي بلحمه وشحمه ولكن في ادغام وجرح وتعديل لضرورات الدراما الروائية ذلك على الاقل ما لمحته شخصيا في مجمل اعماله من الحمراوي مرورا ب ” النهر لن يفصلني عنك ” وجنوبي ” ثم اخيرا ” المهطوان ” التي يبرز فيها بوضوح ثنائية الحب والهوية .
وقد كان ثمة مفارقة تلوح هنا وهناك في اعماله الروائية هي ان تلك الاعمال تتكئ على شخوص نراهم في الواقع نصادفهم كل يوم في الدراسة والعمل وفي النظر البعيد نحو مستقبل ملامح وحدته اكبر من ملامح فرقته على الرغم من مرارة الواقع وبهذا فأن الراوي الذي تلبس النص في الكثير من الاحيان هو راو لا يراوح بين التفاؤل والتشاؤم كإميل حبيبي في رواية ” المتشائل ” لكنه راو ينحاز الى الامل ما استطاع اليه سبيلا وقد لمست مثل هذا في جل ما نشر من اعمال روائية .
رواية المهطوان التي جمعتنا هذا المساء الطيب في مدينة البحر هي رواية تقول الكثير في نص قليل متشظي فالسرد فيها موجز مختصر مكثف لكنه يلقي الضوء الكاشف المبهر على الحدث ثم ينسحب تاركا للقارئ ان يتخيل ولا شك لدي ان اشراك القارئ في السرد النصي هي لعبة روائية جميلة فالقارئ لم يعد طالبا في قاعة صفية يكتفي بما يلقن بل اصبح لاعبا حقيقيا في المتن يطمح ويتذمر وينتقد واحيانا يعلن العصيان على المؤلف الراوي نفسه.
في سيرة المهطوان الفتى الجنوبي الكركي الذي ينتقل من الكرك الى صويلح في رحلة البحث عن العلم مثل الاف الطلبة الذين خاضوا مسافات ظامئة متعبة لكن الجامعة التي كانت تشكل حلما لفتية الجنوب القادمين محملين بأوجاعهم وتعب اهلهم وشظف عيشهم باتت تشكل للجنوبيين صدمة حضارية بكل ما في الكلمة من معنى ،، منهم من انطلق في البيئة الجديدة مسايرا لشروطها ومنهم من اغلق ابوابه مكتفيا من الغنيمة بالإياب .
المهطوان الجنوبي يعشق سلمى الفلسطينية المسيحية وهنا يبدا تركيب اللعبة المعقدة لعبة الحب المستحيل المحكوم عليه بالموت وربما هنا ربط رمضان الروائي خيله فهذه التركيبة المعقدة للحبيبة تشكل عقدة النص وتوجهاته وميوله فمهما كان الحب مستحيل فأن روابطه تظل قوية هذا الخيط الرفيع من الحب هو مؤشر على الحب الاكبر وعلى العلاقة الوتينية بين الاردن وفلسطين تلك العلاقة التي تمتد ولا تنقطع وتتمدد ولا تتحجم على الرغم من كل ما يريده الاعداء من فصل وقطع لحالة وجدانية متأصلة.
رواية “المهطوان” تجسّد وحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين، التي يمثلها بطلا الرواية عودة وسلمى، وهي تتضمن تقنيات متعددة في السرد، مثل صوت القرين والقدرة على الاسترجاع وتوظيف التراث الشعبي الأردني، وطقوس تراثية استطاع العمل إحياءها، كما عكست مخاضات فكرية وسياسية عاشها الأردن في ثمانينيات القرن الماضي.
الروائي الرواشدة استعرض بعض اعماله الادبية التي بدأت برواية الحمرواي التي رصدت معالم التحول الديموقراطي في الوطن وارتباط الانسان الاردني بالمكان الذي وصفه بالوطن الامن المنيع الذي ظل صامدا في وجه التغيرات العاصفة في الاقليم .
وقال ان رواية المهطوان استلهمت نصها وسردها من بعض الاحداث التاريخية التي عاشها الوطن متكئة على البعد التاريخي للوطن وموروثه الحكائي والشعبي وعلاقة الاردن المقدسة بالشقيقة فلسطين عبر توحد الشعبين مصيرا وحياة واملا .
واكد الرواشدة ان المكان الاردني في الادب والرواية ظل هامشيا ولم يتم استلهام روحه ونبضه الا بعد ظهور جيل جديد من الروائيين الشباب الذين التفتوا الى المكان الاردني بصفته مرتكزا لبنية اعمالهم الروائية وعلاقة المكان بالإنسان في ظل متغيرات طالت البنية المجتمعية .
وقال ان عمله القادم سيكون عنوانه ” حكي القرايا ” الذي يمثل الذاكرة الشعبية الاردنية بعيدا عن حكي السرايا الذي لم يقل الحقيقة وان قالها فأنه ينقلها بصورة مشوهة مجتزأة لا تمثل الضمير الاخلاقي والواقع المعيشي لحكاية وطن يقف على تخوم الصحراء مقاتلا ليس عن وجوده فقط وانما عن وجود وكرامة الانسان العربي حيثما كان في اقطار الأمة التي تناهبتها تيارات التجزئة وطائفية واقليمية الطروحات التي عبثت بماضيها وحاضرها وشوهت مستقبلها بصورة غير مسبوقة في تاريخ الأمم.
ودار نقاش موسع بين الحضور والروائي حول اعماله الادبية ومنطلقاتها التي تحمل الكثير من الوجع الانساني والآمال والطموحات في رؤية دولة قوية تحمل وشم الامة العريقة .
واثنى الحضور على التصاق الرواية بالمكان الأردني والانسان في ثنائية اوصلها الراوي أحيانا الى مرحلة اسطورية وذلك عبر استلهام النص الموروث والحكاية الأردنية التي تمتد الاف السنين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى