الشاشة الرئيسيةمحليات

العدوان على غزة يعيد للإعلام التقليدي الألق على حساب مؤثري “السوشال ميديا”

الغواص نيوز

الغد
فيما يعيش قطاع غزة منذ 42 يوما، تحت قصف مدمر من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، تبرهن وسائل الإعلام المحلية خصوصا التقليدية منها، من مؤسسات إعلام مرئي ومكتوب ومسموع، أنها الأقدر على مواكبة الحدث والتأثير في الرأي العام، على خلاف مؤثري “السوشيال ميديا” الذين احتفت بهم الحكومة سابقا، وتجاهلت في المقابل وسائل الإعلام المحلية.

وفي ظل ما تمكنت هذه الوسائل من تحقيقه برز غياب “مؤثري السوشال ميديا”، إلا من عدد قليل منهم، وهم الذين منحتهم الحكومة أولوية في الأشهر الماضية، على أساس أن لهم القدرة في التعامل بشكل “أكثر سلاسة” مع الإعلام الرقمي الجديد.

وفي هذا الصدد قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق الدكتور محمد المومني إن الإعلام الأردني أثبت قدرة لا متناهية في التعامل مع الأحداث الجارية، وفي البحث عن الحقيقة وإخبارها.
وأكد المومني أنه من المهم على المؤسسات الإعلامية التقليدية الرسمية أو الخاصة بالإضافة إلى الحكومة، أن تمكن العاملين في هذا الإعلام من التزود بالمعلومات والتفكير الرسمي فيما يجري، كي يتمكن من القيام بعمله بكفاءة عالية.
وأضاف أن هذه الفترة هي فترة المهنية والالتصاق بها من أجل أن يكون هناك تنوير للرأي العام بما يجري، وإيصال صورة الموقف الشعبي والرسمي للعالم.
بدوره، قال وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة إنه في عالم الإعلام ليس هناك أدوات إعلامية تنتهي وتغادر حتى مع ظهور أدوات جديدة، لكن نسبة الحضور والانتشار هي التي تتغير من مرحلة لأخرى.
واعتبر المعايطة أن الصحف الورقية والإعلام التقليدي في الأردن من إذاعات ومحطات تلفزيون، أثبتت خلال الأزمة الحالية أن عملية الإهمال لمشكلاتها أو تفكير البعض بالاستغناء عنها وتركها تواجه الموت البطيء أمر خاطئ، وأن هذا النوع من الإعلام الذي يوجد أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي هو صاحب الحضور.
وأضاف: “الأهم أن الإعلام التقليدي المتزن ما يزال يحتفظ برسالته تجاه الدولة وقضايا الأمة، ويمتلك البنية التحتية المهنية والسياسية التي جعلته الرافعة الأهم لموقف الدولة ونقله للداخل والخارج والتصدي لأي افتراءات”.
ولفت إلى أنه ربما من واجب الدولة بعد انتهاء العدوان على غزة والضفة الغربية، أن تعيد النظر في موقفها من الإعلام التقليدي الرسمي وشبه الرسمي والخاص، وأن تتعامل بجدية مع مشكلاته، وأن تمنحه الاهتمام من حيث توفير المعلومات والتوجهات وأن تحفظ وجوده كمؤسسات.
وأشار إلى أن هذا الإعلام أثبت أنه سلاح مهم للدولة وأنه صوتها، وأن الاهتمام الكبير بفئات ممن يسمون “مؤثرين” ليس مناسبا لأنهم في معظمهم يقدمون محتوى شكليا ولغايات الكسب والاستعراض وليسوا “حملة رسالة”.
وأوضح أن العدوان على غزة أظهر أمورا وفرض تغيير قناعات خاصة فيما يتعلق بالإعلام الذي يحتاج لإدارات بعمق سياسي ومهني، وتوفير الدعم التقني والمالي لها بحيث تمتلك الأدوات التقنية الحديثة وتؤدي واجبها ورسالتها التي لم تقصر في أدائها خلال فترة العدوان على غزة.
واعتبر المعايطة أن المحتوى كان إيجابيا في تقديم التغطية الإخبارية، وأيضا مقالات الرأي والتقارير من صحف أجنبية، وتغطيات لتفاصيل الموقف الأردني الإنساني والسياسي بالإضافة إلى تقارير عن آثار العدوان.
وقال إنه “ربما لو توفر مراسلون وأدوات أخرى لكانت التغطية منوعة أكثر لكنها في هذا الواقع إيجابية وفيها محاولة صادقة لخدمة القضية وموقف الأردن”.
وكانت “الغد” نشرت منذ أيام، مقالا باللغة العبرية تحت عنوان “ماذا بعد إسرائيل”، تحدثت فيه عن المرحلة التي تعقب انتهاء الحرب على قطاع غزة وخروج قوات الاحتلال من القطاع.
وأثار المقال تفاعلا واسعا وحظي باهتمام الأوساط الصهيونية، خصوصا وأنه جاء في توقيت تحدث فيه جلالة الملك عن خطورة ما يجري على الأرض ودعوته لحصول الفلسطينيين على حقوقهم.
وأكد عضو مجلس نقابة الصحفيين الزميل خالد القضاة، أن كل دولة لا تستطيع التعامل مع أي أزمة تمر بها إلا عبر مؤسسات إعلامية عميقة راسخة، حيث لن تتمكن من عبور الأزمة لا عن صفحات على التواصل الاجتماعي أو مؤسسات تقوم على شخص واحد.
واعتبر القضاة أن ذلك يتم عبر مؤسسات لها سياسة واضحة وخبرات وقدرات في التعامل مع الأحداث وإدارتها، وذلك بحسب ما ظهر في أحداث الحرب على غزة.
ولفت إلى أن جميع المؤسسات الإعلامية إن كانت رسمية أو قطاع خاص أصبحت تسمى “إعلام دولة” خصوصا في الأزمة الراهنة، والتي تبنت رواية الدولة وأظهرت انحيازا للقضية الفلسطينية حتى سبق الخطاب الرسمي في بعض الأحيان.
وقال إن المؤسسات الإعلامية الرزينة تستطيع قراءة المشهد السياسي “مسبقا” كما لها القدرة على تقديم طروحات تعين الدولة في خطابها، وتمهد له حتى تكون هناك حاضنة شعبية لها.
وأشار إلى أن بعض المؤسسات الإعلامية المكتوبة كانت سباقة في هذا التحول، وانتقلت من الشأن المحلي الإخباري إلى الإعلام الداعم للمقاومة إن كانت بالتقارير أو الأخبار أو الانفرادات أو المصطلحات.
وأوضح القضاة أن المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي ظهروا وكأنهم يلتفتون أكثر لمتابعيهم، حيث غاب تأثير جزء كبير منهم والمحتوى المنشور الداعم لفلسطين.
ولفت إلى أن شركات التواصل الاجتماعي الكبرى قيدت محتوى المؤثرين والنشطاء على تطبيقات التواصل الاجتماعي وحددت لهم ما يمكن أن يتحدثوا به، وبالتالي قيدت “الوصول” لهم.
وقال إن “الكثير من هؤلاء يخافون على صفحاتهم الشخصية من تعرضها للحذف، وبالتالي كان غيابهم واضحا في دعم القضية الفلسطينية”، على عكس المؤسسات الإعلامية التقليدية التي لها قدرات أكبر في المناورة.
وطالب القضاة بضرورة أن تقوم “الدولة” بتقديم الدعم لهذه المؤسسات، وأن تكون هناك إرادة سياسية تؤمن بما تقوم به هذه المؤسسات التقليدية في البناء وفي أن تكون شريكة معها.
وشدد على ضرورة دعمها بالكلف عبر التعيينات أو دعمها ماليا أو لوجستيا، خصوصا وأن هذه المؤسسات برزت كأهم الأسلحة لدى الأردن في الظرف الراهن.
وأكد ضرورة تزويد المؤسسات بالمعلومات وإعطائها الأولوية في ذلك، لتصبح مصدرا للأخبار أمام العالم أجمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى