الشاشة الرئيسيةمقالات

الصحفي عمر الصمادي يكتب: رغيف الخبز … بيضة الميزان

بقلم : الصحفي عمر الصمادي
يعتبر رغيف الخبر من اهم مكونات مائدة الطعام لكل البشر، ولهذا فهو عنوان عريض لمعاني الاستقلال والحرية وللعزة والكرامة والأنفة ، فالخبز والملح يندرج في فيئهما الكثير الكثير من القول والمعاني العميقة التي ترسخت في ذهنية الإنسان العربي على مدى التاريخ …. وللقمح والماء قصة أخرى اعمق واشمل، ينطوي تحتها كل ما يخطر في بال من يسعى إلى الاستقلال والاستغناء عن غيره …. الخبز والماء… سلاح الأقوياء في زمن الجبن والجبناء.

ولهذا لا يتوانى العربي عن رفع كسرة خبز وقعت منه أثناء الأكل ، فإما ان يلتقطها ويأكلها أو يجمعها ويضعها في مكان ذو قيمة واحترام ليبقيها بعيدة عن الإهانة أو سوء التقدير ( للنعمة ) حتى لو كانت كسرة محروقة وكأنه بذلك يرجو ان يحفظ للخبز جوهره وشرفه وقيمته ، ويسعى أولا إلى إرضاء الله تعالى الذي أوصاه بالحفاظ على النعم في كل الرسالات السماوية إلى الأرض وخاتمها ومتممها رسالة الإسلام وانسجاما مع تعاليمه الحنيفة ومع الأطر التربوية للمنظومة الاجتماعية.

كما ان العربي يحرص قدر الإمكان ان لا يضع كسرة خبز مع بقايا طعامه الذاهب إلى حاوية النفايات بل يجمعها ويفصلها ويضعها في كيس خاص لتعلق على شجرة أو على حافة الحاوية لكي يستفيد منه إنسان أو لإطعام حيوان.

الخبز يا سادة كان في الماضي القريب اخطر سلاح يشهره العدو في وجه الأردني لكي تنحني جبهته وينال من كرامته وعزة نفسه، ويصادر قراره، وفي ذاك الوقت الذي يستذكره الناس ما زالوا على قيد الحياة تمكن الأردن بفضل رجاله الأوفياء الصادقين ان يحول خنجر الغدر إلى فرصة استنهضت الهمم والجباه العالية، وحركت في نفوس الأجداد والآباء الحمية وفزعة النشامى بحق، فقبلوا التحدي وحققوا المعجزة، وبدل ان كان الوطن يترقب وصول باخرة قمح ليأكل اصبح يصدره للأشقاء .

الأرض يا اردني ما زالت على حالها ولكن سهل حوران ( حصالة الحنطة للدولة الرومانية ) اصبح اليوم باطون مصمت أصم وبقية ارض الوطن مشتاقة لبذرة قمح.

أه لو تعلمون ( وانتم تعلمون ) ان كسرة الخبز يا سادة هي الوطن وهي طعم الرجولة والأمل وهي الأمان الحقيقي والأمن المنشود وهي السد المنيع في وجه المحن ، قالوا ( من لا يملك لقمة عيشه لا يملك قراره ) وتلك حقيقة .

أخذتني الصورة الرائعة لسيد البلاد مع إخوته المواطنين وبينهم رغيف الخبز ( المحمر ) أخذتني إلى الوراء قليلا من زمن عشته عندما كان بيت والدي في أخر سلسلة جبال عجلون ( قرية النعيمة ) يطل على سهل حوران وصولا إلى مشارف دمشق ومنه ان امتلكت ( دربيل )بإمكانك ان ترى تفاصيل الرمثا وبعضا من درعا …. ذاك السهل الغائر جرحا في خاصرتي افتقده اليوم كليا فقد تغير المشهد كليا وتحول من موج هادر لسنابل يزيد ارتفاعها عن متر ونصف تكاد ان تشع وهجا وضاءا على مساحة السهل ليتحول اليوم إلى سهل بور مهجور وإلى عمارات ودور .

صورة الملك لوحدها تكمل القصة التي يعجز قلمي ان يرويها ويستوفي خلجات قلبي وحزني كأي اردني لا سيما وقد كشفت أزمة الجائحة عن اهم الاستراتيجيات الوطنية في الأمن الغذائي والأمن الصحي وقبلهما الأمن الوطني المسيج على حدود الحلم بأصحاب الطاقيات والشعار، شعار العز والشرف والفخر على الجباه السمر الذي يتكون من سنبلتي قمح وسيفين وتاج .

وفهمكم كفاية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى