فكر وثقافة

الرجل المحظوظ قصة الكسندر كابيشيف

الرجل المحظوظ قصة الكسندر كابيشيف

ترجمة : سعاد خليل
الغواص نيوز
لنتخيل شخصًا لم يفقد شيئًا أبدًا ، بل على العكس. كل الأشياء التي فقدتها أنت أو أقاربك أو معارفك أو الغرباء تمامًا ، يجدها هو بالصدفة . هذه القصة ستكون عن مثل هذا الشخص.
***********
“أوه ماذا ، محفظة مرة أخرى؟ لا أصدق مدى تعبهم! سأتظاهر بأنني لم ألاحظ …” كان السيد م. يقف على رصيف شارع موريس ، لميتاخر عن عمله ، وأيضا ليس لديه استعداد خاص للدخول في هذه الحالة. البشر والسيارات يتدفقون امامه من كافة الاتجاهات وكانهم انهارا، لا يوجد شيء ثابت سوا أشجار الصنوبر القديمة والثننوب الموجودة بين الطريق والرصيف ، الطريق التي غرقت في الدخان الذي تثيره العجلات ، وكانها الضباب .
” بالتأكيد لست مستعدًا لبدء يومي كالمعتاد! اسأمر! ! الي متي وانا اجد،واعثر علي الأشياء سادع شخصًا آخر يعثر عليها.
“هكذا قرر السيد م ، ان يواصل طريقه وهو مملوء بالثقة والندم .
يقع مكتب الشركة التي يعمل فيها السيد م . بميدان. ص. كان مبنى رماديًا كبيرًا متعدد الطوابق ، وكان الطابق الثاني منه مخصصًا بالكامل لقسم المحاسبة. كالعادة ، صعد السيد م. السلم على طول الممر ، وتوقف أمام باب مكتبه الصغير ، ولكنه لاحظ حافظة سميكة ملقاة على الأرض. “لقد فقدتها مرة أخرى” ، والتقط الملف ودخل المكتب .
مرت اقل من ساعة علي تواجده بمكتبه . كان فيها السيد م .منخرطًا تمامًا في عمله ، عندما دخلت المكتب – سكرتيرة إدارتهم ، فيرا بيتروفنا لوست ،وهي امرأة مسنة وكانت شاردة الذهن .
– مرحبا م – بدأت كلامها وهي شاردة وساهمة .
– مساء الخير ، فيرا بتروفنا – اجابها بمرح دون أن ينظراليها
. – كما تعلم ، لقد اضعت .
ها هو ملفك. – أجابها السيد “م” بمرح وهو ينظر إلى الشاشة في جهازه ، وسلمها نفس الملف الذي وجده في الصباح.
– لكن كيف ذلك…؟
انه اسمك مكتوب عليه .
– أوه ، شكراً جزيلا … رئيس الدائرة يطلبك ويريدك أن تأتي اليه .و لكن أين نظارتي؟
لقد تركتها على الطاولة ، أجابها بطلنا أيضًا دون أن يرفع عينيه عن شاشة الجهاز.
– لكن كيف تعرف …؟
– أنا أعرف أنها هناك..
فيرا بتروفنا ، محرجة ، خرجت وتركت مكتبه في صمت. كانت خائفة من هذه القدرة الذي يملكها هذا الرجل قدرة علي معرفة كل هذا. واعتبرته ان له مظاهر قوى غير معروفة وخارقة للطبيعة.
عندما خرجت أغلقت الباب خلفها ، توقف السيد م ، ودفع كرسيه قليلاً الي الخلف ، نظر إلى السقف ، دون وعي ، وكانه دمية من قماش ، ثم أنزل يديه ، ووضعهما علي ذراعي الكرسي ، وأغمض عينيه. “كم انا متعب من كل هذا …” كانت هذه الفكرة الوحيدة المسيطرة في رأسه.
********
حان الوقت الآن لتقديم شخصيتنا الرئيسية – السيد م. انه يعمل كمحاسب في شركة كبيرة إلى حد ما ، لكن هذه الشركة غير معروفة R. بشكل عام ، كان شخصًا عاديًا ، سواء في أسلوب حياته أو في مظهره … … ربما لم يكن من المنطقي علي الإطلاق ان نكتب عنه قصة ، لولا قدرته المذهلة على العثور علي أي شيء . فمنذ صغره كانت لديه هذه الميزة أو بالأحرى هذه اللعنة .
… فهو يجد كل شيء مفقود ، أو منسي ، أو متروك … ولكن بمجرد أن يجده ، تسقط عليه جميع الاتهامات:ويتهم “انت سرقته ! انت اخفيته ! كانت تحدث له عدة مشاكل مختلفة .ولكن أيضا كان هناك أشخاص ممتنون يقدّرون قدرته ، أولئك الذين كانوا سعداء باستخدام هذه القدرة لأغراضهم الخاصة ، وغزو حياته بوقاحة.
على أي حال ، في هذا الوقت الذي تُروى فيه هذه القصة ، كان السيد “م” قد جمع حوله جمعا صغيرًا من المعجبين ، المزعجين والمستغلين: الجيران والمعارف والمتفرجين والفضوليين . كان بطبيعته ، رجلاً أمينًا ، وبالتالي فهو يعطى ويرجع كل الأشياء التي يعثر عليها لأصحابها أو الأشخاص الذين يبدون أنها تخصهم …
وبالطبع ، بعض هذه الأشياء التي يعثر عليهاويجدها أحيانا لم يجد أصحابها ، وفي مثل هذه الحالة ، يحتفظ بها ليعطيها للمالك عندما يجدها أو يعطيها للمحتاجين. رغم أن بعض الأشياء التي تم العثور عليها تساعدته في بعض الأحيان. في الحصول علي مكافأة صغيرة ،لمثل هذه اللعنة الكبيرة.
الآن انتهى دوام العمل ، السيد م ، كعادته دائمًا يخرج مسرعا دون ان يراه زملائه ، يجمع أوراقه ويغادر ، ويختفي في الشوارع مثل الظل. وفي طريقه إلى المنزل ، رأى المحفظة التي رأها في “الصباح. ” مرة أخرى. ” ؟ مستحيل ، لقد رأيتها هذا الصباح. لم يأت أحد للحصول عليها طوال اليوم” – كان صامتًا ، نظر إليها وفكر. “ماذا علي أن أفعل؟” رغم أنه يعرف الإجابة على هذا السؤال. انحنى ، والتقطها وتوجه إلى مركز شرطة الحي الذي يعرفه جيدًا.
المواطن M. أنت مرة أخرى! – صرخ شرطي المنطقة – ، لقد سئمت من الجميع هنا!
– لقد وجدت المحفظة .
ايضا؟
– نعم ، ها هي ، – رد بطلنا بهدوء وبقليل من الغضب ، وأخرج من جيبه الشيء نفسه الذي جعل المساء صعبًا جدًا عليه وسلمه لضابط الشرطة.
لماذا لم تحتفظ بها أو ترميها بعيدًا؟ – ثم أخذ المحفظة في يده وفحصها باهتمام ، سأل ضابط شرطة:
– لعل من فقدها يبحث عنها …
– نعم ، يبدو انك ستجد كل ما فقده أي شخص !
– بالمناسبة ، هل يمكنك مساعدتنا في العثور على كنز من القرن الثالث عشر ، وانا لا يمكنني العثور عليه ، أو تجد من قتل كينيدي ، أو الحياة على الأرض؟ وابتسم وضحك ا.
– لاتفعل ذلك! – قال ضابط شرطة المنطقة وقد شعر بذنب.
والان.. قال السيد ./. م بضجر.
– ها هو النموذج ، املأه ، كل شيء كالمعتاد – اجابه ضابط شرطة المنطقة ممسكًا الورقة.
– نعم ، أتذكر … – أجاب وهو لا يملك لاحول ولا قوة.
****
كان تقريبا منتصف الليل ، عندما غادر المحطة .. أخيرًا. كان السيد / م متعبًا وغاضبًا. الشوارع صامتة وساخنة ، ولكن الليالي البيضاء أضاءت بوضوح صورة ظلية المدينة التي كانت تغفو. بهدوء ، لم تكن هناك منبهات من السيارات ،ولاوجود قرقعة حديدية للترام ، فقط الطيور كانت تغني بهدوء ، وهي مختبئة بأمان في مكان مابين أغصان الأشجار المزهرة.
عاد السيد م إلى المنزل وهو مكتئب . “كم أنا متعب من كل هذا! كم هو مرهق كل هذا!”
ها هو تقريبا في المنزل. يدخل إلى الفناء الأصلي ، مروراً بباب قاتم ، يشبه بوابة للعالم السفلي. و بالقرب من المدخل يوجد العديد من الأشخاص الذين يناقشون شيئًا ما بمنتهي النشاط. “أوه لا ، أنا هنا!” يفكر ، يستدير ويبدو بانه مشغولاً بشيء ما ثم يلتقط المفاتيح ويذهب إليهم.
“سأفعلها بينما هم ينظرون في الاتجاه الآخر ،” قرر ، لكنه يتعثر على عجل ويسقط أمامهم ، وتسقط المفاتيح محدثة صوت عالٍ
و بالطبع ، هذا يجذب ويلفت انتباه الجميع ، فهاهم يصمتون وينظرون باهتمام إلى الشخص الذي سقط… يستيقظ سريعًا ، يلتقط المفاتيح ، يقفز بحرفية إلى الباب ويفتحه في غمضة عين.
– هل هذا أنت؟ -حاول احدهم ان يساله من الخلف.
لكنه لا يريد ان يسمع لأحد ، أغلق الباب خلفه وبسرعة ما صعد الدرج إلى الطابق الرابع ، ثم عائق جديد. ،ها هو عائق اخر . الطابق ملي بالاشخاص ، وتقودهم جارته ماريا إيفانوفنا.
يا الهي كل هؤلاء الأشخاص لديهم أشياء مفقودة ، او فقدوها اليوم اكيد سيطلبون منه العثور عليها أو يسألونه عما إذا كان قد وجد ممتلكاتهم. لكن ما هو أسوأ ، هناك جارة هنا وهي تعرفه عن طريق البصر. إذن الطريق إلى البيت سيكون مغلق حتى يجيب علي الجميع … لكن ..هنا يوجد عشرين شخصًا ! واخرون في الأسفل ! “لا ، لا يمكنني الوصول إلى الشقة” ، قال في سره ، ونظر الي الباب المغلق من قبل عشرات الأشخاص الذين أداروا وجوههم ناحيته .
وها هو في دائرة الضوء.
– ها هو! السيد م! – صرخت الجارة بسعادة.
ماريا إيفانوفنا ، أنا متعب .. و …
– قاطعته ..لا أعذار ، كل هؤلاء الناس كانوا في انتظارك ، وأنت متأخر جدًا! –
– يا له من غضب! – سمع صدى شخص.
كلنا في انتظارك … – صوت ثالث ينبح.
– لكن أنا … – السيد م . يحاول الاحتجاج..
– لقد وضعت قائمة بينما كنا في انتظارك!” لذلك سيكون اليوم الجميع ا بقائمة الانتظار! يجب أن تخجل من تأخيرك! – يواصل الجار في هذه الأثناء كلامه وعدم سماعه ثم يفتح دفترًا كبيرًا اخضرا .
– لا…
– لا اعتراض! لذا ، ألاول في القائمة ..
– دعوني وشأني ، جميعكم ! صرخ السيد م ، وانطلق يجري من السلم إلى الفناء ويخرج إلى الشارع.
– م .إلى أين أنت ذاهب ؟! – صرخ فيه الجار ساخط.
– امسكوه! –يصرخ شخص اخر خلفه.
هاهو الان في الطابق السفلي ، وفي لحظة خرج. يوجد العديد من الأشخاص هنا وهناك وجوه مألوفة. تعرفوا عليه!
ها هو..
– لا لا لا ! ماذا يجرى؟ – قال وهو يصرخ ويخيفهم بجنونه الهستيري و يهرب..
لم يعد يدري عن وجهه اين صار ، بل صار يندفع مثل النهر بين الأضواء الليلية وتيارات الهوا وأصوات السيارات العشوائية.
ترك وراءه كل هذا الحشد الصاخب واحتفظ بفكرة واحدة في رأسه: “
كم سئمت من كل هذا! كم هو مرهق ! كم هو ممل!
ظل السيد م . يركض ويجري لعدة دقائق ، وبدأت قوته تتخلى عنه تدريجياً ، وبدأت ساقيه بالتعثر ، ويتعثر مرة أخرى ،ثم يسقط . يفقد وعيه للحظة … بعد ذلك يفيق ، تطفو نظرته على طول الطريق ، وينهض ، ويوجد أمامه طريق مهجور ، وسيارات ، وعمود إنارة ، وبجانبه ورقة ملونة. “ما هذا ، يا للغرابة ، إنها ليست مجرد قطعة ورق …” … “ينهض من ركبتيه ويذهب باتجاه عمود الإنارة لإلقاء نظرة أفضل على اكتشافه العشوائي.. اولآن تحت ضوء الفانوس ينير الورقة وحروفها ، كتب فيها “هذه تذكرة إلى تاهيتي تخص شخص واحد! وليوم غد؟ لا اصدق! أستطيع … لا ، لا يمكنني تركها هكذا ، هل يمكنني ذلك؟
نزل الي الشارع ، متفاديا بعناية برك المطر الباردة المخبأة في الظلام ، ويواصل تفكيره وشكوكه المستمرة ، وبين الحين والآخر ينظر إلى التذكرة : “ماذا ينتظرني غدًا؟ العمل! والعديد من الناس الذين فقدوا اشيائهم .. لا! لا ، يمكنني المغادرة. أريد المغادرة. ولكن كيف؟ تذكرة ، لكن لا ، لا جواز سفر ، ولا أمتعة أو حتى نقود إضافية. .. في تلك اللحظة ، مرت حافلة صغيرة من أمامه ، وحقيبة سفر تخرج وتسقط من الباب الخلفي المغلق بشدة.مما جعلت بطلنا يقع علي الارض. لكنه وقف بسرعة ، بعد ان اختفت الحافلة الصغيرة : “نعم ، لم يحدث لي هذا ابدا … تري ماذا يوجد في الحقيبة؟” فحص السيد م. حقيبة ، أو بالأحرى حقيبة السفر الضخمة: بها قفل مركب. “سأحاول.. سوف أحاول.. ، “وهكذا يقرر، ويدخل بكل ثقة الرمز” 123123 “. سمع نقرة ناعمة وفتحت العلبة كما لو كانت بالسحر. كانت مليئة بالمال ، بالإضافة إلى العديد من المستندات وجواز سفر وبعض المجوهرات الجذابة للغاية في علب من القطيفة.. “لمن هذا الجواز . أوه! السيد م. وجدت اسمي بالكامل ! حسنا …”
**********
– هل لديكم تصريح من الدولة بتصدير هذا المبلغ ، ناهيك عن باقي المحتويات ؟
– سأله موظف الجمارك بانفعال وبصوت من انفه …
. السيد “م” موجود الان بالمطار ، والوضع ليس في مصلحته. وكيف يواجه مثل هذا السؤال ، وخلفه يوجد اكثر من اثنين من موظفي خدمة أمن المطار.
“ماذا علي أن أفعل؟ لماذا قررت أن أفعل هذا؟”
وبدأ الخوف والذعر في نفسه ، ولكنه حين نظر إلى أسفل. رأى ورقة مجعدة عند قدميه.
– نعم ، بالطبع ، ها هو ، سقط ، – ينحني للأسفل ، ويعطي قطعة الورق وهي تشبه المستند دون أن ينظر اليها .
يأخذ ضابط الجمارك الورقة ويدقق فيها لبضع ثوان ، ويشحب وجهه ، وفجأة يغير صوته ، ويعيد الورقة بيد مرتجفة ويضغط عليها:
– آسف على التأخير يا سيد م. هل تود الانتقال إلى درجة رجال الأعمال على حسابنا؟..
لما لا؟ لا أهتم لهذا – يرد بطلنا مرتبكًا ولكن برضا داخلي.
اذهب من خلال المعرض الزجاجي ، وادخل إلى مقصورة الطائرة واحصل على مقعدك المريح في درجة رجال الأعمال .
ماذا كانت تلك القطعة من الورق؟ انتظر ، أين هي؟ اخذ يتتفحص جيوبه ، لكنها ذهبت.” لقد فقدتها ! ومع هذه الفكرة ، بدأ يهدأ ، فاتكئًا على الكرسي الجلدي الفاخر ، ووضع يديه على المساند . جاءت مضيفة طيران فطلب طلبًا صغيرًا لهذه العطلة: ريت سلمون. بوربون ، 1967وسندويشات الكافيار الأسود.إن هذا المزج يعجبه كثيرا.. : انه يطير ، الحمد لله كل شيء يسير على ما يرام لقد تخصلت من اللعنة – ، لكنه فقد التصريح ، لا يهم . تنبؤا لهذه الحفلة قرر أن يأخذ قيلولة استراحة صغيرة من ألاحداث التي واجهته في الساعات السابقة. لكن ..ها هو.. قبل ان يغمض عينيه لينال نومًا مستحقًا وجدها أمامه ، نفس الورقة التصريح ! عند قدميه! “حسنًا ، مرة أخرى …” دمدم السيد M وأضاف الويسكي إلى طلبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى