الشاشة الرئيسيةمقالات

الخصاونة بين شكوك الناس …. واشكالية الموقف

الغواص نيوز

الدكتور عبدالمهدي القطامين

اصبح من الصعب في الأردن التي توسعت فيها الهوة بين أصحاب القرار والمزاج الشعبي العام ان تحظى أي حكومة بمحبة الناس بل ان نظرة الشك والريبة والتخوف هي السائدة ولعلني كبقية الناس لا الومهم كثيرا على هذا الموقف فقد جارت بعض الحكومات او جلها على الناس ونالت من رزقهم الضيق أصلا وأصبحت تكاليف الحياة جد صعبة وليس بمقدور أي موظف على الأقل ان يحظى بحياة مناسبة اقتصاديا وهو موزعة دماؤه وماله بين الضرائب المختلفة التي بدأت تنمو بشكل واسع في الآونة الأخيرة .

الحكومة الحالية وما قبلها وما قبلهما جاءت على واقع اقتصادي مؤرق تنامت فيه الديون وقلت الوظائف او ندرت وبات البحث عن الوظيفة كمن يبحث عن ابرة في كومة قش ضخمة وتبددت امال الكثير من الشباب الأردني المتعلم في الوصول الى وظيفة عامة تقيم الاود ولا تصنع ان وجدت الكثير من الفارق في المعيشة فهي بالكاد أصلا قادرة على إقامة الاود فكيف اذا سعى صاحبها لبناء مستقبله الذي تحيطه الكثير من علامات الغموض وعدم التيقن عن مالات الحالة الاقتصادية في بلد يعتمد على المنح والهبات ومحاط بالعواصف وعدم الاستقرار في اغلب دول الجوار .

موازنة الدولة التي تناقش هذه الأيام موازنة تقشفية تسعى لتأمين النفقات الجارية وتكاد النفقات الرأسمالية تغيب في زحمة البحث عن تسيير الاعمال اليومية والنفقات التي تبتلع اكثر من ثلثي الموازنة ولا يملك رئيس الحكومة أي عصى سحرية لتوفير مبالغ إضافية الا اذا كانت عبر القروض وهذه قصة أخرى من شأنها ان تزيد الأعباء وهي بمثابة الكي الذي هو آخر أنواع العلاج .

ضمن المساحة اعلاه من الحرية الاقتصادية تسير هذه الحكومة التي هي في وضع لا تحسد عليه ومن شأن ذلك ان ينعكس على زيادة التذمر والسخط الشعبي عليها مهما فعلت ومهما امتلك رئيسها من مهارات فان نظرة الشك إياها باقية فالناس تبحث عن معيشة معقولة لم تعد ممكنة وهنا يثار السؤال هل يمكن للمزاج الشعبي العام ان يتفاءل قليلا بالرئيس الخصاونة وضمن أي معطيات يمكن لهذا التفاؤل ان يكون واقعيا .

لعل من اهم السمات التي يمتلكها الرئيس الخصاونة هو قدومه من بيروقراطية الدولة الوظيفية وليس من عالم الاعمال والبزنس بمعنى ان الرجل قادم بلا أي ارتباطات تجمع بين المال والولاية العامة وهي ثيمة طيبة يمكن لها ان تفتح افاقا في نظرة الشك المستدام لاي رئيس حكومة وثاني سمات الرئيس الخصاونة هو انه لم يعرف عنه ولم يثار حوله اثناء عمله السابق ما يشي انه يستسهل المال العام او يعبث فيه .

في مجال الإدارة العامة التي استنزفت في عهد بعض سابقية عن طريق التعيينات الانتقائية التي كانت تتم بعيدا عن اللجنة المختصة بذلك وان تمت عن طريقها فيتم توجيهها لصالح هذا المتنفذ او ذاك النائب في رحلة تحقيق مكاسب على حساب الإدارة العامة التي شابها الكثير من العبث والتعب جراء تلك التعيينات ولعل اطلاعي على واقعتين في عهد الحكومة الحالية تبين ان الشفافية سيدة الموقف في اختيار الوظائف القيادية ففي العقبة مثلا شغر وظيفتان قياديتان هما مدير عام شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ ومدير عام شركة العقبة للمطارات منذ اكثر من شهرين فتم طرح اعلان تلك الشواغر بناء على رغبة رئيس الحكومة الخصاونة للمنافسة وشهدت كلتا الوظيفتين اقبالا كبيرا زاد عن 150 مرشحا لكل منهما وبالفعل تم تعيين مدير عام شركة العقبة للمطارات بعد مسابقة تنافسية وصفت بالنزيهة ووفق المعايير الوظيفية المطلوبة وظلت الثانية من المنتظر ان يعلن الفائز فيها قريبا .

أخيرا بعيدا عن سيكولوجية رجم الحكومات ورؤسائها فثمة بعض النقاط الإيجابية التي ينبغي البناء عليها لهدم تلك الفجوة بين الإرادة الشعبية والحكومات ولعلي شخصيا اعول كثيرا على شخصية الرئيس بشر الخصاونة في ان يصوغ خطابا حكوميا عقلانيا يستوعب المطالب الشعبية واظن اننا امام حالة شخصها منذ زمن بعيد سيد الشعراء أبو الطيب المتنبي حين قال

لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعف النطق ان لم يسعف الحال

ولعل منطوق الخصاونة ما زال حتى اللحظة منطوقا طيبا هادئا غير انفعالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى