منوعات

التهيئة النفسية قبل عودة المدارس.. ماذا تتطلب من الآباء؟

بعد انقطاع الطلبة عن الذهاب للمدرسة لما يقارب عاما دراسيا، وتلقي التعليم “وجاهيا”، سيجد الأطفال صعوبة بالابتعاد مجددا عن بيوتهم وعائلاتهم للفصل الدراسي المقبل، ما يتوجب التعامل مع الموقف عبر إعادة تهيئة الأبناء للعودة نفسيا وجسديا.
وتبحث علياء محمود عن طرق صحية وسلسة للتحدث مع ابنها الذي يبلغ من العمر خمسة أعوام ويدرس في الصف التمهيدي؛ إذ يستعد لأول مرة أن يبتعد عنها، فهو لم يذهب إلى دور الحضانة من قبل، وعندما سجلته في المدرسة لم يذهب إلا لأسبوع واحد ثم جاء القرار الحكومي بالانتقال إلى التعلم عن بعد “أونلاين” آنذاك بسبب جائحة كورونا والإجراءات الصحية.
وتستذكر أن ذلك الأسبوع كان شاقا عليها وعلى ابنها؛ إذ كان يبكي باستمرار لابتعاده عنها لأول مرة، لذلك ستجد صعوبة بتعويده من جديد على أجواء المدرسة، بعد أن اعتقد أن التعليم سيكون من المنزل!
أما هالة معايطة فتؤكد أن أبناءها، وكلما تحدثت عن عودة الدراسة وجاهيا، يتذمرون ويمتعظون؛ إذ إن الدراسة في المنزل كانت بالنسبة لهم أكثر سهولة، لذلك هي تحاول أن تعيد تحبيبهم بالمدرسة وأهميتها في صقل شخصيتهم ومهاراتهم، وتوطيد علاقاتهم مع زملائهم.
مشاعر الأهل لعودة أطفالهم للمدرسة متفاوتة، بين الحماس لعودة الدراسة بالطريقة التقليدية والتي فيها الفائدة الكبرى للأبناء، وشعورهم بالقلق والخوف مع جائحة كورونا والأخبار الجديدة عن كورونا المستجد وعن التحولات للفيروس من جديد، بحسب المرشدة التربوية رائدة الكيلاني.
وتؤكد أن على الأهالي اليوم، وقبل بدء الفصل الدراسي الثاني الذي قررت وزارة التربية والتعليم بأن يكون وجاهيا حتى لو بالتناوب لصفوف معينة؛ أن يهيئوا أبناءهم ويساعدوهم على تغيير عاداتهم في النوم وإعادة النظام للبيت بالتدريج وتشجيعهم على العودة إلى المدرسة.
والمدارس اليوم مع بدء التدريس فيها ترافقا مع وجود فيروس كورونا، تتطلب الانتباه لسلامة الأبناء والتقيد بشروط السلامة طوال الوقت، والحرص على التباعد فيما بينهم، وأن تكون البيئة المدرسية آمنة.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، تحدثت عن أهمية عودة الأطفال للمدارس، لكنها أشارت إلى تفاوت الحماس لدى الأطفال لفكرة استئناف الدراسة، خاصة مع شعور بعضهم بالقلق أو الخوف من هذه الخطوة في ظل جائحة كورونا؛ لذا يتطلب الأمر تأهيلا نفسيا.
الكيلاني تؤكد أن عملية تأهيل الأطفال في مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية تختلف عن مرحلتي الإعدادية والثانوية، مشيرة إلى أنه في الحالتين تمر عملية التأهيل بمراحل عدة تشمل الأطفال ذاتهم والأسرة والمدرسة، فضلا عن دور وسائل الإعلام.
وتلفت إلى أن مخاطبة الأطفال تكون بالشكل الذي يتناسب مع طبيعتهم وبأسلوب يتقبلونه، بحيث تكون الشخصيات المحببة لأنفسهم المدخل للحديث معهم وتوعيتهم بأسلوب السلامة للحفاظ على صحتهم.
أما في مرحلة الإعدادية؛ أي الأبناء في سن المراهقة، فيميلون بالأساس للتمرد وعدم الاستماع للأهالي ونصائحهم، لذلك ينبغي فهم مفاتيح الشخصية للأبناء لإقناعهم بطريقة صحية تناسب عقولهم.
اختصاصي علم النفس د.موسى مطارنة، يؤكد أن على الأهالي استيعاب الأبناء وتهدئة الخوف الذي يشعرون به مع العودة إلى مقاعد الدراسة وبوجود فيروس كورونا؛ إذ يترتب عليهم الحديث معهم والتشديد على اتباع إرشادات السلامة العامة، على سبيل المثال، وجود حملات توعوية تساعد الأهالي على كيفية عمل المدارس أثناء الجائحة، ما سيخخف من قلق الأبناء من العودة ويجعلها أكثر سلاسة.
وقدمت “يونيسيف” مجموعة من النصائح لمساعدة الأطفال على التعامل مع مشاعر الخوف التي قد يواجهونها عند عودتهم إلى المدارس كمراعاة الآباء لعدم نقل مشاعر القلق المتزايدة إلى أطفالهم، والتحلي بالهدوء والثقة أثناء تحضيرهم للعام الدراسي الجديد، وإجراء محادثة مفتوحة مع الطفل حول ما يثير قلقه وإخباره أنه من الطبيعي الشعور بالقلق.
كذلك، الشروع في عملية التهيئة النفسية قبل بدء المدارس بفترة، وشرح التغييرات التي قد يواجهها مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، وطمأنة الأطفال بشأن تدابير السلامة المعمول بها داخل المدارس للحفاظ على صحة الطلاب والمعلمين. كذلك، رفع حماسة الطلاب للعودة إلى المدارس بالنظر إلى الجوانب الإيجابية، مثل رؤية الأصدقاء والمعلمين، واكتساب معارف جديدة. وتهيئة الطلاب للسيناريوهات المحتملة، كمنع أحدهم من الحضور للمدرسة لحالة اشتباه أو مخالطة، أو إمكانية إيقاف قرار العودة للمدارس حال ساءت الأوضاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى