الشاشة الرئيسيةرياضة وشباب

الأندية: الأزمة المالية تهدد نبض “المحترفين” بالتوقف وتستنجد بدعم الحكومة

الغواص نيوز
الدعم الحكومي وتعميق مفهوم الاكتفاء الذاتي لدى الأندية مطلب مهم، وغياب الثقافة المالية لدى إدارات أغلب الأندية فاقم الأزمة، وسياسات مالية سابقة وديون متراكمة والاستثمار أحد الحلول، والمطلوب من الاتحاد الإسراع بتأمين الأندية لمستحقاتها المالية، والإسراع في إيجاد الشركاء الداعمين لبطولاته وخاصة دوري المحترفين، والنادي “له الله وبعض الداعمين”، والأزمة المالية أكبر من موارد الأندية، والدعم الحكومي واجتهاد اتحاد الكرة والاستثمار من أهم الحلول.
ما سبق ذكره، كلمات قالها رؤساء ومسؤولو أندية المحترفين لكرة القدم، بعد أن تفاقمت الضائقة المالية وزاد سوء أوضاع تلك الأندية نتيجة غياب الحلول الجذرية للمشكلة، ما وضع أغلب أندية المحترفين على “حافة الإفلاس” وتحت وطأة الديون الكبيرة.
“الغد” دارت في فلك المشكلة، وبحثت في أسباب “الأزمة المالية” التي تصيب أندية المحترفين في قلوبها بما يشبه “الأزمة القلبية”، التي قد تؤدي إلى موت أحلامها الرياضية.
الوحدات: الضائقة المالية لها أسبابها
اعتبر رئيس الهيئة الإدارية المؤقتة لنادي الوحدات، العين وجيه عزايزة، أن الضائقة المالية لأندية المحترفين لها أسبابها، المستمرة وأخرى الطارئة، تعود الى زمن تأسيسها، إذ لم يتوفر لتلك الأندية الدعم الحكومي الكافي، سواء ذلك المتحصل من وزارة الشباب واتحاد الكرة، وأن تحدث تلك الأندية نوعا من التوازن بين مصادر الدخل الثابتة، ومصاريفها الجارية، التي فاقت فيها الأخيرة على الأولى لدى الغالبية العظمى، ما جعلها عاجزة عن مجاراة مصاريفها وفواتيرها المرتفعة، نظير الدخل المحدود الذي يجعلها غير قادرة على الإنفاق على نشاطاتها، فتولدت الديون نظير عدم وجود البنية التحتية لتلك الأندية سواء الرياضية، أو تلك التي تسمح لها بالاستثمار، ولم يوفرها الدعم الحكومي المطلوب، وافتقد أغلبها للتخطيط بعيد المدى، لتوفير الدخل الثابت الذي يتفوق على المصاريف، ما جعل الأزمة المالية تتفاقم من موسم لآخر، وتعاني جميع الأندية من مشكلة مشتركة، تتلخص في القدرة على توجيه أغلب الشركات والمؤسسات في دعم الرياضة بشكل عام، وما عانته من غياب الداعم الرسمي لبطولات الاتحاد، وتخفيض أشكال الدعم وجوائز البطولات بسبب “كورونا”.
وتابع: “لا شك أن شركات القطاعين العام والخاص تأثرت الى حد كبير بتداعيات كورونا، ما زاد من معاناة الأندية من إيجاد الداعمين إلا من ارتبطت معها باتفاقيات سابقة، فضلا عن استمرار الهيئات الإدارية لسنوات طويلة، من دون أن تبحث في حلول أصل المشكلة، وتعدد النشاطات لبعض الأندية من دون راع لكل نشاط على حدة، وكذلك وجود الهيئات العامة محدودة العدد، وانخفاض قيمة رسم الانتساب والاشتراك السنوي، كما أن الأندية الجماهيرية والوحدات أحدها، عانت الى حد كبير من غياب الجماهير في الموسم الماضي، والذي يشكل مصدر دخل ثابت كبيرا، وأجد أن بعض الأندية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، لعدم اجتهادها في الاستثمارات وتعميق منطق الاكتفاء الذاتي، بعد أن بقيت حبيسة دعم وزارة الشباب المحدود وما يأتيها من معونات اتحاد الكرة بدل الاحتراف وحقوق البث التلفزيوني”.
وأضاف العين عزايزة: “لا ننكر ديون نادي الوحدات، التي يقابلها مستحقات مالية للنادي، ونعاني مثل غيرنا من الأزمة المالية، ونتباحث مع شركة أمنية في شروط تجديد عقد رعايتها لفريق الكرة، والتي نقدر وقفتها ودعمها اللامحدود في ظل أزمة كورونا، وكانت أحد أهم أسباب وصول الفريق الى منصة التتويج بلقبي الدرع والدوري في الموسم الماضي، ووفقنا أيضا في توفير رعاة لفريق كرة السلة ولفريق الكرة الطائرة، ونمضي باتجاه توفير أسباب النجاح كافة أمام فريق كرة القدم للظهور بقوة في البطولات المحلية والمشاركته التاريخية الأولى بدوري أبطال آسيا”.
الجزيرة: غياب الوعي ومراكمة الديون
بدوره، قال نائب رئيس الهيئة الإدارية المؤقتة لنادي الجزيرة محمود الكيلاني: “أريد أن أنقل معاناتنا كهيئة إدارية مؤقتة في نادي الجزيرة حاليا من باب القياس، حين استلمنا إرثا ماليا ثقيلا من الديون المتراكمة، تدور في فلك ديون لرؤساء أندية سابقين، وكذلك لاعبين وأخرى شكاوى لدى الاتحاد الدولي، في ظل غياب موارد الدخل الثابتة التي تجاري المصاريف الجارية، وأجد سبب الأزمة المالية العامة لدى أندية المحترفين، يتلخص في وجود هيئات إدارية غير مثقفة، خاصة في مهمة الإدارة المالية، ما جعل أغلب الأندية تغرق في بحر الديون الكبيرة، وتجد الإدارات اللاحقة نفسها عاجزة عن إيجاد الحلول، ما يجعل الأزمة المالية تتفاقم”.
وتابع: “نادي الجزيرة مدين بمليون دينار أردني، في الوقت الذي يحصل فيه على ما قيمته 100 ألف معونة احتراف وبث تلفزيوني، و16 ألف دينار من وزارة الشباب، وغياب الداعمين ومشاريع الاستثمار الحقيقية التي تجلب الدخل الثابث، من الطبيعي أن تتحدث عن أزمة مالية متجذرة من دون حلول سابقة رغم تاريخ النادي وعراقته في المسار الرياضي، وما يؤكد تقصير الإدارات السابقة بحق نادي الجزيرة، أن مقر نادي الجزيرة ما يزال مستأجرا”.
وأضاف: “أرى من أهم الحلول المطروحة حاليا، أن يكون هناك تدخل حكومي فوق العادة، بشكل يمكن جميع أندية المحترفين من سداد مديونيتها، وتحديد شروط الصرف وضبط ميزانيتها المالية، ولا ضير من تعيين متخصص مالي حكومي، ورفع قيمة الدعم سواء من اتحاد الكرة أو وزارة الشباب، وتعميق ثقافة الاستثمار والاكتفاء الذاتي، والوصول الى سياسة مالية، فيها المصاريف توازي مصادر الدخل الحقيقي والثابت، فضلا عن أهمية العمل على إعادة الجماهير الى المدرجات، لضمان مصادر دخل إضافية وثابتة خاصة لدى الأندية الجماهيرية، ولعل للتدخل الحكومي صورا أخرى، لاسميا توجيه المؤسسات والشركات نحو الاستثمار ودعم الرياضة، وإذا بقي الحال فإن الأندية لن تستطيع الاستمرار على هذا الحال”.
الرمثا: ديون سابقة والحل الدعم والاستثمار
أمين سر نادي الرمثا محمد أبوعاقولة، أكد أن نادي الرمثا، كغيره من أندية المحترفين، يعاني من ضائقة مالية، والتي أرجعها الى ديون سابقة وفق سياسات مالية خاطئة، ووجود مستحقات مدربين ولاعبين وشكاوى بالسياق ذاته، منوها إلى أن نادي الرمثا أوفى بما نسبته 80-90 % من التزامات الموسم الكروي الماضي.
وزاد: “ما تعاني منه أندية المحترفين ارتفاع فاتورة مصاريفها عن قيمة دخولها الثابتة ماليا، الذي يعود إلى عدم تعميق ثقافة الاستثمار، وتجذر مفاهيم الاكتفاء الذاتي، ما أدى الى عدم وضوح سياسات مالية واضحة ومتوازنة في أغلب الأحيان، وغياب الدعم الحكومي الموجه نحو الرياضة، والذي انسحب على غياب الداعمين، وعدم وجود بنية تحتية لدى أغلب الأندية للاسثمار وزيادة مصادر دخلها الثابت، ودخولها عصر الاحتراف من دون وجود الأدوات المالية بالمعنى الشامل، وجعل أغلبها يتجه نحو الديون وتأجيل أزماتها التي تفاقمت مع جائحة كورونا”.
وأردف: “عانينا في نادي الرمثا ماليا الى حد كبير في جائحة كورونا، وربما غياب الجماهير أحد الأسباب الكبيرة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن نادي الرمثا يعتمد في ربع ميزانيته المالية على بدل ريع الجماهير، لكننا نؤكد أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وندرك الظرف الاستثنائي الذي يعاني منه البلد، في الوقت الذي عانت منه الأندية قاطبة من غياب الدعم الحكومي، وما تبعه من تخفيض على مستحقات الأندية بسبب غياب الداعم الرسمي، لذلك تفاقمت المشكلة المالية لدى غالبية الأندية من دون حلول حقيقية، واعتمدت على ما قيمته 100 ألف دينار بدل معونة احتراف، وبث تلفزيوني و16 ألفا القيمة المشتركة من دعم وزارة الشباب، وأجد أن أحد الحلول التي ينتهجها نادي الرمثا في الاستثمار، من خلال إطلاق مشاريع صغيرة يبحث عن تنميتها، والاستثمار بمواهب فرق الفئات العمرية، باعتبارها المنتج الأبرز لنادي الرمثا في ظل عدد المواهب والخامات من الواعدين في صفوف فرق فئاته الكروية، وللأمانة تحمل رئيس النادي رائد النادر معظم المصاريف في الموسم الماضي”.
السلط: أزمة متأصلة وتحديات كبيرة
بدوره، أشار رئيس نادي السلط خالد عربيات، إلى أن العائق المالي يعد أبرز التحديات التي تقف أمام مواصلة مسيرة التحدي والإنجاز، وخصوصا فيما يتعلق بفريق الكرة، الذي دخل فعليا في مرحلة مهمة وتاريخية تتمثل في مشاركته الأولى في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي، والتي يسعى من خلالها النادي إلى تجهيز الفريق بأفضل صورة حتى يتمكن من تمثيل الوطني خير تمثيل في هذا الاستحقاق الآسيوي المهم.
وأكد عربيات أن الوضع المالي الذي تعاني منه الأندية كافة، غير مسبوق، وأن الديون تتراكم وبكثرة، وبدأت تعيق مسيرتها، وأن الاعتماد ينصب حاليا في كيفية تأمين التبرعات في ظل هذه الضائقة المالية، معتبرا أن الموسم الماضي، أسهم كثيرا بتفشي المديونة نظرا لما عانته الأندية من التعليمات والإجراءات التي اتخذها اتحاد كرة القدم في إقامة منافسات دوري أندية المحترفين.
وشدد عربيات على أن اتحاد الكرة يقف حاليا أمام تحد جديد وكبير، وتقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في توفير الدعم المطلوب للأندية المشاركة في بطولاته؛ حيث إن عدم وجود راع رسمي للدوري يرهق ميزانية الاتحاد والأندية معا، وإقامة المباريات من دون جمهور تزيد من المعاناة، والدليل على ذلك ما حصل في الموسم الماضي، إذ أسهم الغياب الجماهيري في إرهاق صناديق الأندية، بعد أن كان رافدا أساسيا لميزانيات الأندية.
وختم رئيس نادي السلط “نأمل من الاتحاد الإسراع بتأمين الأندية لمستحقاتها المالية، والإسراع في إيجاد الشركاء الداعمين لبطولاته وخصوصا (دوري المحترفين)، والبحث أيضا عن وسائل جديدة تعزز من الموارد المالية للأندية”.
الحسين إربد: النادي يمضي بالداعمين
لخص رئيس نادي الحسين إربد صهيب خصاونة المشهد، بالقول: “بسبب الديون المالية المتراكمة، والأزمة المالية المتجذرة على امتداد سنوات وإدارات كثيرة مرت على رئاسة نادي الحسين إربد، أقول إن نادي الحسين إربد يمضي برعاية الله والداعمين، تبعا للأزمة المالية التي يعيشها النادي منذ سنوات طويلة؛ حيث تزيد الديون المتراكمة على 200 ألف دينار، وتفاقمت الديون التي وصلت إلى 180 ألفا في أزمة كورونا، ولعل الواقع المالي يقول منذ سنوات، إن الدخل يقل عن قيمة المصاريف بكثير، ولولا رعاية الله ووقفة بعض الداعمين لكانت العواقب وخيمة”.
وأردف الخصاونة: “الأزمة المالية تلاحق جميع الأندية، من موسم إلى آخر من دون حلول واقعية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ثقافة الدعم الحكومي بمفهومه العام غائبة عن الرياضة، وحتى توجيه أنظار شركات القطاعين العام والخاص للدعم والاستثمار بالرياضة يغيب، كما أن الدعم الحكومي المتأتي من الجهات المعنية، لاسيما اتحاد الكرة “معونة الاحتراف والبث التلفزيوني ودعم وزارة الشباب، وكذلك بدل ريع الجماهير الذي بات مصيره مجهولا، بعد أن فرغت المدرجات في الموسم الماضي”، يتناقص من موسم إلى آخر، وأندية المحترفين تغرق في بحر الديون والأزمة المالية وتحدياتها، خاصة وأن نادي الحسين إربد يرعى أيضا نشاط الفئات العمرية بجميع فئاتها، وكذلك نشاط كرة اليد للرجال والفئات العمرية، وهنا لا نتحصل سوى على 7 آلاف دينار بالموسم، وحين أقول إن مركب سفينة الحسين إربد يمر عبر الأمواج العاتية في بحر الرياضة، بحفظ الله ورعايته ووقفة الداعمين، أعنيها بمعنى الكلمة”.
وأضاف: “يجب زيادة أوجه دعم الحكومة للرياضة بشكل عام، والأندية والرياضيين، وتعميق هذا الاتجاه في السياسات الحكومية المتعاقبة، والمساهمة في إيجاد بيئة تحتية جاذبة للشركات والمؤسسات وتعظيم الاستثمار، ولنا في نادي الحسين مثال، حين تم تخصيص 4 دونمات للاستثمار من قبل الوزارة؛ حيث تم تخصيصها في شهر شباط (فبراير) وأبلغتنا البلدية بعد نفاذ 6 أشهر من عمر التخصيص، ودخلنا حاليا في نزاع مع البلدية لاسترداد حقنا، ما يؤكد قصور الرؤية من قبل بعض الجهات الحكومية للاستثمار ودعم الرياضة”.
العقبة: المعاناة تستمر وبدأنا الاستثمار
وفي الموضوع ذاته، قال رئيس نادي العقبة رجب درويش: “الأزمة المالية التي يعاني منها نادي العقبة تفوق طاقتنا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تكاليف الموسم المنتهي حديثا وصلت الى 430 ألف دينار، يضاف اليها 60 ألف دينار مصاريف الفئات العمرية لكرة القدم، في الوقت الذي انخفضت فيه الإيرادات المتحصلة من اتحاد الكرة ولم نحصل مثلا سوى على 20 % من قيمة ما حصلنا عليه في الموسم قبل المنتهي، في ظل ديون متراكمة لأزمتنا الى “موسم” كورونا، الذي تفاقمت فيه الأزمة بسبب غياب الراعي الرسمي، وتخفيض قيمة الدعم، وغياب الجماهير، كنا نستفيد منه عند اللعب مع الأندية الجماهيرية، وأضف إلى ذلك ما إن انتهى موسم 2020، حتى باتت منافسات موسم 2021 على الأبواب، بحسب ما تم الإعلان عنه في درع اتحاد الكرة في أواخر شباط (الحالي)، ما يعني أننا أمام مطالب مالية ثقيلة، من تجديد عقود أجهزة إدارية وفنية وطبية ولاعبين، وإن كان المقترح في عدم دفع مقدم عقود، إلا أننا ملزمون بدفع نسبة من مستحقات الموسم الماضي لأفراد المنظومة، وكأنها تحل بدل مقدم العقود، ما يعني أن المشكلة المالية تتفاقم في نادي العقبة في ظل ديون متراكمة تصل الى 300 ألف دينار”.
ويرى درويش “أن الأندية تقف جنودا في خندق الدفاع عن صحة الوطن والمواطن، لكن في ظل انخفاض عدد الإصابات محليا، واستقرار الوضع الوبائي المحلي، أجد عودة الجماهير ولو بنسبة 40 % مثلا في مسابقة درع اتحاد الكرة، من شأنها أن تدعم خزينة أندية المحترفين التي تعاني الضائقة، ونجد أيضا أن التوجه الفعلي من الحكومة لدعم الأندية، من شأنه أن يساعد الأندية على تجاوز المعوقات المالية، ولا يتقصر دعم المؤسسات الحكومية على دفع المال فقط، والتي من شأنها أن تساعد على إيجاد وظائف للاعبين وتزيد مصادر دخولهم ضمن منطق مسؤوليتها الاجتماعية، صحيح أنه مناف لمعنى الاحتراف وجوهر اللاعب المحترف، لكن الاحتراف لدينا لا يقاس بما يقدمه للاعبين في جوارنا العربي، ونشكر أمانة عمان والمؤسسات العسكرية والأمنية في تلبية هذا الاتجاه بتعيين عدد من لاعبي أنديتنا المحلية”.
وأضاف: “نعيش في مناخ استثماري يعج بالشركات والمؤسسات، لماذا لا يكون هناك توجه حكومي بتوجيه بعض هذه الشركات لدعم أندية العقبة عامة، ونادي العقبة بوصفه أحد أندية المحترفين ومصاريفه المالية كبيرة، رغم أننا حاولنا بشتى الطرق جلب الرعاة، لكن ما تزال ثقافة دعم الرياضة وأنديتها، من قبل شركات القطاعين الخاص والعام يتوجه فقط نحو الأندية الجماهيرية، في الوقت الذي شرع فيه نادي العقبة لإنقاذ نفسه بنفسه، من خلال استئجار قطعة أرض وبدأنا بإنشاء مجمع تجاري يحتوي على 23 محلا، سيتم تأجيره لتوفير ما يقارب من 130 ألف دينار سنويا، ونطمح الى القيام بمشاريع استثمارية أخرى من شأنها توفير ما قيمته 500 ألف دينار دخلا ثابتا لنادي العقبة خلال السنوات القليلة المقبلة”.
“الشمس لا تغطى بالغربال”
أندية المحترفين، ومنذ دخلت عصر الاحتراف، تفاقمت أزمتها المالية، وإن كانت شمس تلك الأزمة لا تغطى بالغربال في خزائن أندية المحترفين المالية منذ سنوات خلت، حتى في مسمياتها أندية الدرجة الأولى أو الممتازة، وربما لم تظهر على السطح، ذلك أن مصاريف تلك الأندية الهاوية لكرة القدم، وكذلك مطالب اللاعبين القدامى، أجيال الزمن الجميل الذين كانوا يلعبون لعشقهم كرة القدم، أو من تبعهم من أجيال تحت مسمى الهواة، لما تدعى قدرة تلك الأندية التي كانت تميل الى محبيها من الداعمين، ورجال الأعمال المقربين وبعض المشاريع الصغيرة، وذلك لاستفادتها الكبيرة من ريع الجماهير، وبقي سباق التسلح بين الأندية الجماهيرية التي لديها أبوابها الخاصة ماليا.
ولكن كانت حقيقة تلازم جميع تلك الأندية، تنكر أن تصرح بها حتى لنفسها، أن الأندية على مر تاريخ كرة القدم الأردنية، تعد مستهلكا وليست منتجا، وإن كان بعضها أنتج وصدر، لكن باب التجربة العشوائية، بمعنى أن جميع الأندية رمت نفسها في أحضان الدعم القادم من وزارة الشباب بمختلف مسمياتها، وأخرى من دائرة الشؤون الفلسطينية، دون أن تتنبه إلى أنها ولدت كبيرة، وتحتاج انطلاقتها واستمراريتها بريق إنجازاتها وطموحاتها المستقبلية، الى وجود رؤية مالية، واستراتيجية وخطط استثمارية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وقادرة على توفير ما نسميه الدخل الثابت، والذي يفوق مصاريفها الغائب عن ميزانياتها وخططها حاليا، وتستنجد وترمي أخطاءها على قلة الدعم المتأتي من اتحاد الكرة والجهات الحكومية المعنية، إن كانت على تلك الجهات مسؤولية كبيرة، خاصة النظرة الحكومية الغائبة نهائيا، الا في في فزعات على غرار الدعم الذي جمع لـ”النشامى” إبان اقترابه من حلمه المونديالي “البرازيل 2014″، لتجد أيضا أن أغلب الحلول النادوية تأتي على طريقة الفزعة، وما إن تحيا تموت لعدم وجود أرضية خصبة تحيي خزائن النادي لسنوات طويلة، تتعامل فيه مع ظروفها الحالية، وحتى الاستثنائية على غرار ما حدث في أزمة كورونا الحالية.
ولعل من أسباب الفشل المالي لدى الأندية، عدم وجود مشاريع استثمارية كبيرة بحجم الطموحات والأماني، وتفتقر أغلب تلك الأندية المخطط والخطط التسويقية على غرار ما نراه في أعرق الأندية في محيطنا العربي، والقادرة على التسويق باسم النادي وجماهيره وحتى مقتنياته وشعاره وألوان قميصه، وجلب الرعاة -هنا نقصد أكثر من شركة راعية- ليست الجهة الواحدة عندما رعت “زين” ومن بعدها “أمنية” ناديي الفيصلي والوحدات، “وأورانج” رعت شباب الأردن في وقت سابق، وكذلك شركة موارد التي رعت الجزيرة أيضا في وقت سابق، وغياب استنجادها بشركات التسويق المتخصصة، القادرة على تسويق أدق التفاصيل، والقادرة على جذب الرعاة ضمن تخصصها، وحتى الاستثمار بلاعبي فرق النادي الرياضية للرجال، والاستثمار في المواهب بمختلف الرياضيات التي يفرخها النادي، بدلا من الاعتماد على أفكار أعضاء مجلس الإدارة ضمن نظرة محدودة قد تفيد أو لا تفيد حتى ولايتها الانتخابية.
ولعل من أسباب تأخر تلك الأندية وترحيل أزمتها المالية من موسم لآخر، حتى تراكمت الديون وفاقت فيها المصاريف على مصادر الدخل الثابتة لأي ناد، غياب الوعي العام لدى هيئات الأندية العامة، وعدم قدرتها على تغليب عنصر الاستثمار بمواردها الإدارية، بما يعني تقديم هيئة إدارية منتخبة ضمن برامج الاستثمار وتعظيم موارد وإنجازات النادي لسنوات طويلة، لا تقديم هيئات إدارية على أساس “العشيرة”، أو التكتلات أو التحالفات في أطر ومصالح ضيقة، فالأصل مصلحة النادي هي العليا، ومن يخدم تطلعات “عموميته” وجماهيره، ضمن برنامج عمل قابل للتحقيق على أرض الواقع، ينقل المؤسسة الرياضية الى الاستقرار المالي، باعتباره عصب الإنجازات المحلية والخارجية والاستمرارية في وجه التحديات والظروف الاستثائية.
ونجد أن الجهات الرسمية المعنية، لاسيما وزارة الشباب واتحاد الكرة، يتحملان جزءا كبيرا من المسؤولية، ذلك أنهما عودا تلك الأندية منذ النشأة على الدعم، وليس تعظيم مصادر الدخل المالي وتوسيع دائرة استثمارها، ولعل الاقتراح الاتحادي في تحديد الملاءمة المالية في إبرام الصفقات المحلية، وتحديد سقوف التعاقدات من المدربين المحليين والأجانب، جاء متأخرا الى حد كبير، ويؤكد أن تطبيق الاحتراف منذ موسم 2008-2009، جاء وفق نظام الفزعة ولم يكن مدروسا بالقدر الكافي، لتغرق الأندية في بحر الديون حتى يومنا هذا، وهنا نجد الرقابة والشروط المالية أو بما يسمى النظام المالي أو المراقب المالي، على غرار متطلبات الرخصة الآسيوية، وتحديد سقوف كل ناد بحسب ميزانياته المبينة والواضحة ومصادر دخله، يجب أن تكون طبقت منذ إعلان الاحتراف، وليس بهذا التوقيت الذي غرقت به الأندية في بحر الديون وخنقتها أزمتها المالية المتجذرة منذ سنوات، ونسوق تلك النقاط مجتمعة لأخذها بعين الاعتبار قبيل الشروع بتنفيذ رابطة المحترفين المقترح الاتحادي الجديد، ولا بد من وقفة حكومية إلى جانب الأندية بما يخص توفير الشركات الراعية، ذلك أن عددا كبيرا من شركات القطاعين، تئن من وطأة الخسائر المالية في ظل تداعيات أزمة كورونا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى