اقتصادالشاشة الرئيسية

ارتفاع النفط.. الاقتصاد الوطني أمام تحد جديد

يجد الاقتصاد الأردني نفسه اليوم أمام تحد جديد مع مواصلة أسعار النفط ارتفاعها وعودتها إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا؛ إذ سينعكس هذا الارتفاع سلبا على واقع الاقتصاد الوطني الذي يعاني أصلا من أزمات متعددة كارتفاع نسب الدين العام ومعدلات البطالة التي بلغت نسبا قياسية، عدا عن تباطؤ النمو وتراجع الحركة الاستثمارية وما تركته الجائحة من تداعيات اقتصادية جمة أهمها تراجع الإيرادات العامة، خاصة المتحققة من القطاع السياحي الذي يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية نجاحا، ويتمثل هذا التحدي في ارتفاع فاتورة الطاقة على القطاعات الاقتصادية والاستهلاكية كافة، وهذا من شأنه أن يعيق حركة الدورة الاقتصادية وأن يبقي مؤشرات الاقتصاد الوطني في دائرة السلبية.
وأوضح متخصصون في قطاع الطاقة والاقتصاد، أن كلف الطاقة المرتفعة، بشقيها الكهرباء والمشتقات النفطية، تعد من أبرز المعضلات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني منذ أعوام طويلةـ وكان لارتفاعها آثار سلبية على ديناميكية عمل الاقتصاد المحلي ونموه والفشل في جذب الاستثمارات وبقاء اقتصادنا المحلي دون تقدم يذكر.
وفي ظل التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية وعدم انخفاض أسعاره على الأقل حتى نهاية العام تحت حاجز 60 دولارا للبرميل، دعا هؤلاء، الحكومة، إلى ضرورة إعادة النظر بآلية تسعير المشتقات النفطية المتبعة حاليا وإطلاق آلية جديدة أكثر شفافية وعدالة وإعادة النظر كذلك بالرسوم الضريبية كافة المفروضة عليها، بما في ذلك الضريبة المقطوعة الثابتة، إضافة إلى إلغاء رسوم المخزون الاستراتيجي أو على الأقل تخفيضها إلى نسب هامشية ولمرة واحدة، وضرورة التدخل لبناء مخزون عال لتجنب الارتفاع المتواصل على النفط والمنتجات حماية للمستهلك والعمل على تحرير أسعار المشتقات النفطية لخلق منافسة حقيقية بين الشركات يستفيد منها المستهلكون كافة وكذلك تخفيض كلف الكهرباء التي تسببت بخسائر فادحة للحكومة والمواطنين على حد سواء، إلى جانب ضرورة إطلاق إستراتيجية الطاقة المتجددة والتوجه نحو الاعتماد الكامل عليها.
وكانت أسعار النفط في السوق العالمية قد قفزت إلى مستويات قياسية مقارنة مع أسعار الأعوام الثلاثة الماضية؛ إذ اقترب برنت من تسجيل 70 دولارا للبرميل ليبلغ أعلى مستوى في أكثر من 21 شهرا، كما تخطى الخام الأميركي 63 دولارا للبرميل في ثاني أعلى مستوى له منذ عامين ونصف، وذلك بعد تمديد اتفاق “أوبك+” والتخفيض الطوعي من السعودية الذي أسهم برفع أسعار النفط بنسبة 40 % منذ بداية العام 2021 بعد أشهر من الزلزال الذي عصف بالسوق العالمي خلال نيسان (أبريل) الماضي والذي هوى بسعر برميل النفط إلى ما دون الصفر.
وتوقع الخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي أن تستمر أسعار النفط في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة وأن تتخطى حاجز الـ80 دولارا للبرميل وأن لا تقل أسعار النفط إذا ما حدثت أي تأثيرات جيوسياسية كالاتفاق النووي الإيراني من جانب واتفاق بتخفيف العقوبات على فنزويلا من جانب آخر، الأمر الذي سيسمح بعودة حصص الإنتاج الخاصة بإيران وفنزويلا المجمدة بسبب العقوبات الأميركية إلى السوق، ما سيزيد من حجم المعروض في السوق قد ينتج عنه كبح المزيد من ارتفاع الأسعار، إلا أن الأسعار لن تنخفض تحت حاجز الـ60 دولارا للبرميل الواحد حتى نهاية العام.
وأوضح الشوبكي أن كلف الكهرباء والمشتقات النفطية المرتفعة سبب لأهم معضلتين تواجهان الأردن وهما الفقر والبطالة، فقد عمقت فاتورة الطاقة الأعباء على المواطن في ظل أزمة كورونا وقتلت قدرته الشرائية وشكلت عقبة أمام تعافي أو صمود القطاعات التجارية والصناعية والزراعية والسياحية والخدمية وشكلت عائقا رئيسيا أمام أي استثمار جديد، خاصة مع إيقاف مشاريع الطاقة المتجددة بحجم أكثر من واحد ميغاواط.
وطالب الشوبكي، الحكومة، بضرورة إعادة النظر بآلية تسعير المشتقات النفطية وإطلاق آلية جديدة شفافة وعادلة وإعادة النظر كذلك بالضريبة المقطوعة الثابتة التي تعد مرتفعة ومجحفة جدا، إضافة إلى تخفيض رسوم المخزون الاستراتيجي التي تتقاضها الحكومة على كل طن إلى نسب هامشية، إلى جانب إعادة النظر بتسعيرة الكهرباء التي تسببت بخسائر فادحة على القطاعات الاقتصادية كافة والمواطنين والحكومة، وذلك من خلال حث شركة الكهرباء الوطنية وشركات توزيع الكهرباء على إعادة النظر بعقودها المبرمة مع شركات الطاقة العالمية بشكل يحقق العدالة.
وقال الخبير في قطاع الطاقة هاشم عقل “إن ارتفاع أسعار النفط جاء كرد فعل على القرار غير المتوقع لمجموعة أوبك+ لتمديد المستوى الحالي للتخفيضات في نيسان (أبريل) على عكس توقعات السوق، خاصة بعد اجتماعهم الأخير الذي قرر خلاله تحالف أوبك+ إبقاء إنتاجه من النفط دون تغيير في نيسان (أبريل)، باستثناء السماح بزيادة روسيا للإنتاج بمقدار 130 ألف برميل يوميا وكازاخستان بمقدار 20 ألف برميل يوميا، علما أن روسيا لا تستطيع زيادة الإنتاج بسبب قدم الآبار”.
إضافة إلى قرار السعودية الاحتفاظ بخفضها الإضافي البالغ مليون برميل يوميًا حتى نيسان (أبريل)، وتوقعت المجموعة، في خطوة فاجأت السوق إلى حد كبير، زيادة مستويات إنتاج “أوبك+” بنصف مليون برميل يوميا وإنهاء السعوديين التخفيض الطوعي الإضافي.
ودعا عقل، في ظل هذه الأسعار المتصاعدة، الحكومة، إلى التدخل لبناء مخزون عال لتجنب الارتفاع المتواصل على النفط والمنتجات حماية للمستهلك وإعادة النظر في الضريبة المقطوعة والعمل على تحرير أسعار المشتقات النفطية لخلق منافسة حقيقية بين الشركات يستفيد منها صغار المستهلكين وليس الكبار فقط الذين يتمتعون بخصومات عالية ويحرم منها صغار المستهلكين، إضافة إلى وضع سعر معياري، خاصة بالضريبة المقطوعة بعيدا عن تثبيته الذي به ظلم واضح وغير مبرر.
ومن جانب ذلك، لفت الخبير الاقتصادي زيان زوانة إلى أن تعامل الحكومات المتعاقبة مع ملف الطاقة خلال الأعوام الـ15 الأخيرة وضع الاقتصاد الأردني في الزاوية الحرجة التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة، وكانت سببا في الكثير من التشوهات التي يعانيها اقتصادنا اليوم من ارتفاع حجم المديونية العامة وتراجع الاستثمارات وزيادة معدلات البطالة.
وطالب زوانة، الحكومة، بضرورة الخروج من طريقة التعامل الحالية مع ملف الطاقة وإيجاد آلية عمل جديدة تزيل الالتباس الحاصل في إدارة هذا الملف وإعادة النظر بالرسوم الضريبية كافة المفروضة على هذا القطاع وأن تكون شفافة وواضحة، إلى جانب ضرورة إطلاق إستراتيجية الطاقة المتجددة والتوجه نحو الاعتماد الكامل عليها، خاصة وأن الأردن يتوفر على البنية التحتية الخاصة بهذا النوع من الطاقة؛ حيث إن الكثير من الدراسات أثبتت أن الأردن قادر على الاستفادة من الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية، وعدم تأثره بأي عوامل طبيعية كالتي تواجه الكثير من الدول المنتجة للطاقة المتجددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى