الشاشة الرئيسيةمقالات

أي الأزمات نعيش؟ فالسياسة مثل الطبيعة تخشى الفراغ… وكل فراغ هو تعبير عن أزمة مفتوحة

الغواص نيوز
المهندس سليم البطاينة
حتى لا نكذب على أنفسنا وعلى الناس لا بد من الإعتراف بداية أننا في أزمة …. وهناك الكثير من المحطات التي يجب التأمل فيها والوقوف أمامها …. فالأسئلة كثيرة والإجابات قليلة …. فليس عيباً أن نقول الحقيقة لا أن نقلب الحقائق ونُزيفُها.
فالأردن يمرُ الآن بمرحلة من الإرتباك أدى إلى تضارب في الإجتهادات.
فعشرات الأسئلة يسألها الأردنيين ولا يحصلون على أجوبة واضحة علنية ومُقنعة تطمئنهم على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم… فالمواطن في حالة من الذهول مما يحدث ؟ فلا إجابات واضحة تقطع عناء الأسئلة.
وما أكثر الأسئلة التي أخذتنا من راحة البال إلى راحة اليأس والإحباط… فالأردن يعيش ومنذ سنوات طويلة أزمات مُزمنة لا ينفك أن تُحل واحدة حتى يدخل بأخرى فباتت أزماتنا متوالدة وهي نتاج لسياسات فاشلة.
وكل ذلك أدى إلى حالة من التوهان والتشتت وعدم القدرة على التركيز والإنتباه… فترى المواطنين يكلمونك بلسانهم وعقلهم مشغول بأمل لا تعرفه فقد تم وبفعل فاعل تقسيمهم أفقياً وعامودياً …. وتم إخراجهم من غرفة الأمل إلى غرفة اليأس وهذه ليست كوميديا سوداء بل هي جزء من واقع نراه هنا وهناك.
فالجميع يشتكي بمناسبة ودون مناسبة دون القدرة على توصيف الحالة …. لأنها أعراض أشبه بالجنون أو الإزدواج بالشخصية.
فكل يوم نصحوا وسط توهانُنا في غابة مشاكلنا ولا نعرف كيف نتصرف ؟ هل نستمع إلى أعلى أو إلى أسفل …. فالخليط مُرعب يوازي الموت البطيء للناس من دون مرض أو فيروس قاتل …. فالعطب بات عاماً والتوتر المعيشي لم تشهده الأردن من قبل.
والأردنيين ليسوا بحاجة الآن إلى بائعي الأحلام والآمال فالوضع أمسى خطيراً وأحوال الناس في ضنك …. فقد طفح الكيل من حكومات لا تملك حلولاً لأزماتها.
فالسكوت والتساهل لسنوات أتى ببعضٍ من ورثة العاهات التي تراكمت عبر الأزمنة … وكانوا غير قادرين على ملء مكانتهم …. فأحياناً أشعر بالحزن كلما استعرضت بعضاً من اللاعبين الحاليين على مسرح السياسة الأردني …. فهناك من يبتسم لكن عيناه مقفلة.
فكل حديث أو سخرية أو تصريح ما يُثير الضحك يتم تداوله هنا وهناك تجاه أي مسؤول ما هو إلا انعكاس وردة فعل عما في داخل الناس.
فالضجيج داخلي وحالة التوهان بين الناس لا أعتقد أني وحدي ألمس هذه الظاهرة ، فهناك طاحونة داخلية ذات ضجيج عالٍ تطحن وتلف وتدور ويدور معها وبها التفكير رغم أن صوت الناس واضح لكن لا أحد يريد الإلتفات …. فالمتعبين أكثر منا نعتقد ويخفون أوجاعهم خلف عيونهم.
فليس المكان هنا مكاناً للبكاء على أطلال الماضي وإنما تصوير لما نحن به الآن …. فكثير من المُبكيات يضجُ بها حاضرُنا …. فاللأسف فحتى اللحظة نرى أن هنالك حالة من الفردية يعيشها البعض بالتعامل مع أزماتنا.
فالذي يتأمل حالة الناس في الشوارع والأسواق لبضع دقائق يُدركُ حجم المأساة التي يعيشها الأردنيين حالياً …. فغالبيتهم في حالة نفسية وعقلية أفقدتهم توازنهم المعهود.
فشبابُنا مُهملاً منذُ سنوات ولَم نشاهده إلا تائهاً على الأرصفة أو بائعاً متجولاً أو مريضاً أو مُغيباً في عالم المخدرات …. أو كارهاً للوطن لا يفكر إلا بالهجرة بتذكرة ذهاب دون عودة ؟
فلا أحد يلتفت إليهم بعد أن أصبحوا مستودعاً للضياع …. فقد سقطت كل آمالهم رغم محاولتهم عقد صفقة مع الحياة لا مع العدم …. فلا أمل لهم مقابل أمل بل يأس مقابل يأس …. فكلما اتسع اليأس لديهم ضاق أملهم.
فثمة حالة من Apathy لدى غالبية الأردنيين حالياً وهي حالة من عدم الإدراك والوعي الكامل لديهم وبوصف آخر هي المسافة الكائنة بين التوهان وعدم الإنتباه ونقص الإدراك.
فربما صار مُلحاً الإعتراف أننا نواجه أزمات مُركبة ومتعددة الأبعاد …. فإذا كررنا أخطاء الماضي ستكون النتائج في تلك الحالة مطابقة للمقدمات.
ففي أحلك لحظاتُنا نتطلع إلى رؤية الضوء فالعيش في الظلام لا يقود إلّا إلى ظلام حالك والوطن لا يُرسم بالطباشير بيد تمسكُ طبشورة ويد أخرى تمسكُ ممحاة …. والتاريخ لا يُكتب على لوح خشب على رأي الكاتبة الجزائرية أحلام مستغنامي.
فعلينا أن ننسى وعود الأقراص المنومة فالغيبوبة طالت فمتى نصحوا ؟
نائب اردني سابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى