الشاشة الرئيسيةمحليات

أرخت عمان جدائلها فغدت اليوم مناسبة وطنية

سنبقى نردد كلمات الشاعر حيدر محمود التي تغنت بها صاحبة الصوت الشجي الفنانة نجاة الصغيرة، “أرخت عمان جدائلها بين الكتفين.. فاهتز المجد وقبلها بين العينين.. بارك يا مجد منازلها والأحبابا.. وأزرع بالورد مداخلها بابا بابا”.
فبالأمس، قرر مجلس الوزراء ترجمة هذه الكلمات الرائعة المنقوشة مع الرسوم على أحد جدران شارع الرينبو في جبل عمان، الى مناسبة وطنية حين قرر اعتماد الثاني من آذار (مارس) من كل عام يوماً لمدينة عمان التي تشكل علامة مضيئة في عمر مملكة الهاشميين في إطار الاحتفاء بمئوية الدولة الأردنية.
ويأتي هذا القرار، بحسب مجلس الوزراء، تخليداً لحدث مهم في تاريخ الدولة الأردنية، يتمثل في وصول الراحل جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول إلى عمان في الثاني من آذار (مارس) 1921، حيث غدت هذه المدينة عاصمة لإمارة شرق الأردن، وفيما بعد عاصمة للمملكة.
واليوم ستطلق أمانة عمان الكبرى، مجموعة من النشاطات الإعلامية والميدانية في جميع مناطقها الـ22، إحياء ليوم مدينة عمان ورمزيته التاريخية.
ويعتبر يوم المدينة حدثا رسميا تعارفت عليه العديد من مدن العالم، ويتم من خلاله استحضار تاريخ المدينة واستشراف مستقبلها، وتعظيم دور ساكنيها وزائريها الذين تقوم على خدمتهم وتتفاعل معهم وتسعى لإيجاد البيئة النموذجية لتحقيق رؤيتها المستقبلية.
فقد شكلت “عمان عاصمة المهاجرين والأنصار”، ملاذا آمنا على مر التاريخ، بدءا من هجرات الشركس العام 1878، حيث استوطنوا منطقة جبل القلعة وسط المدينة، ومرورا بقدوم عشرات الآلاف من الفلسطينيين في أربعينيات وستينيات القرن الماضي بعد احتلال فلسطين، وانتهاء بالهجرة السورية الاخيرة وغيرهم من الأشقاء المهجرين من عراقيين وليبيين وسودانيين ويمنيين، ممن رأوا في عمان الحضن الدافئ.
ففي العام 1909 أنشئت بعمان مديرية ناحية، لتتحول في نفس العام إلى بلدية وكان أول رئيس لها إسماعيل بابوق، حيث كانت تدار قبل ذلك من قبل مختار وهيئة اختيارية حتى العام 1905، وأعقبها تقلب عشرات من رؤساء البلدية الى أن توسعت مهامها بسبب توسعها جغرافيا لتصبح في العام 1950 أمانة للعاصمة وأصبحت في العام 1987 أمانة عمان الكبرى.
وفي أعقاب التقلبات السياسية التي عصفت بالأردن خلال النصف الأول من القرن الماضي، وخروجه منها صلبا قويا بقيادة الهاشميين، آل الحكم في الثاني من أيار (مايو) 1953 لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، الذي تسلم عرش أبيه وجده، وبذلك دخل الأردن عصر الازدهار السياسي، ودخلت معه عمان مرحلة جديدة من حياتها على صعيد الازدهار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إذ اختيرت عمان عاصمة للثقافة العربية في العام 2003.
وعقب تسلمه مقاليد الحكم، قال الراحل الحسين “فلنبادر إلى البناء، ننظم الصفوف في الداخل والخارج، نعمل على غاية واحدة وهدف واحد، فحقوق الإنسان لا يطويها النسيان، بل إنها تحيا بالمثابرة والدأب والاجتهاد، فليكن النظام رائدنا والتعاون مطلبنا والاتحاد رمزنا وشعارنا، ولنعمل متناصرين ومتعاضدين، لنبني وطنا قويا محكم الدعائم، راسخ الأركان، نتفيأ بظله الوارث، وينعم بخيره الوفير جميع المواطنين على حد سواء”.
وتركت التداعيات السياسية في المنطقة خلال الأعوام السبعين الماضية، بحسب كتاب “عمان تاريخ وحضارة” الصادر عن “الأمانة”، انعكاسا على عمان، لجهة الوضع السكاني والنمو الاقتصادي والعمراني وغير ذلك، ويشير الكتاب الى ان عدد سكان عمان عند اختيارها عاصمة لشرق الأردن في العام 1921 كان نحو 3000 نسمة، ليتجاوز حاليا أكثر من اربعة ملايين نسمة.
وجاء في الكتاب أن مساحة عمان كانت في عشرينيات القرن الماضي بضعة كيلو مترات، لتصل حاليا الى أكثر من 800 كيلو متر مربع، موزعة بحسب التقسيمات الإدارية إلى 22 منطقة، تقدم خدماتها بشكل شمولي لقاطني المدينة وضيوفها.
وتمتاز العاصمة بتعدد الأماكن الأثرية والحضرية فيها، والتي تعتبر مقصدا للزوار والسائحين، ومنها المدرج الروماني وجبل القلعة وسبيل الحوريات، ومقام أهل الكهف والمسجد الحسيني والساحة الهاشمية والمتحف الأردني وصرح الشهيد وغير ذلك.
وشهدت موازنة “الأمانة”، التي توجه سنويا للإنفاق على الخدمات العامة المقدمة للمواطنين ارتفاعا ملحوظا، إذ بلغت في العام 1933 نحو 14 ألف جنيه فلسطيني، لتصل في الأعوام الأخيرة لنحو نصف مليار دينار، ما يعكس التطور الهائل الذي شهدته العاصمة، ونهضتها في جميع المناحي.
وفي الأعوام الأخيرة شهدت عمان نهضة وتطورا ملحوظا على صعيد خدماتها الموجهة للمواطنين، كان الموجه لها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يؤكد دوما أحقية تقديم الخدمة للمواطن بمواصفات عالية وإجراءات ميسرة.
وتوجت نشاطات “الأمانة” بتنفيذ مئات المشاريع العملاقة والتي شملت مد شبكة الطرق والجسور والأنفاق ومكبات النفايات وتأسيس الذراع الاستثمارية ومحطة توليد الكهرباء من النفايات، ومشاريع “المنعة” التي أثبتت نجاعتها في جائحة كورونا الأخيرة، فضلا عن إنجاز مشاريع للبنية التحتية للباص سريع التردد، وما صاحب ذلك من تحسينات مرورية ومنظومة النقل العصرية، والوصول إلى ما نسبته 93 % من منظومة الخدمات الإلكترونية، فضلا عن تنفيذ الخدمات في كل القطاعات التابعة لها، ومنظومة قوانينها العصرية والذي من بينها مشروع قانون الأمانة الخاص الذي هو الآن بعهدة مجلس النواب وغيرها.
ويدير المدينة حاليا، مجلس أمانة عمان الكبرى الذي يتشكل بانتخاب ثلثي أعضائه عبر صناديق الاقتراع من خلال قانون انتخاب عصري فيما الثلث المتبقي ومن بينهم أمين عمان يجري تعيينه بقرار صادر عن مجلس الوزراء، ويعمل بها كادر ضخم يتكون من 24 ألف موظف وموظفة يعملون على مدار الساعة لخدمة سكان المدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى