ديوان المحاسبة ….اشارة الى اعراض المرض وتجاهل مسبباته

الدكتور عبدالمهدي القطامين
تشكل تقارير ديوان المحاسبة مادة دسمة للصحفيين كل عام فالسعيد البعيد من يفتح تقرير الديوان المنتفخ الى حد التخمة وتفريغه على اوراق الصحف والمواقع الاخبارية بحثا عن استثارة الجمهور ومع احترامي الشديد لعمل الديوان الدؤوب واحترامي للقائمين عليه الا ان لدي العديد من الملاحظات على ملاحظاته التي تعتمد على الاثر المالي دون ربطه بالاسباب الموجبة وساناقش في هذه المقالة حالتين تم التحدث عنهما وذلك بحكم اطلاعي على عمل شركة تطوير العقبة وشركة العقبة للسكك الحديدية
اشار التقرير فيما اشار الى توقف موظفي شركة العقبة للسكك الحديدية عن العمل متناسيا او متجاهلا ان الشركة او مؤسسة سكة الحديد سابقا تم ايقافها عن العمل عنوة بقرار من مجلس الوزراء لتسليم ارض الميناء القديم الى شركة المعبر لكي تقيم عليه منتجعات سياحية وناطحات سحاب لم نر منها سوى منارة الميناء التي ظلت صامدة و اقفة لتشهد على سوء الادارة والتخطيط وعقم النهج وانعدام الحيلة فاذا تمت ازالة سكة الحديد بأمر حكومي عاجل وفي ليلة ليس فيها قمر كيف يمكن لموظفي السكة ان يعملون ام المطلوب منهم اللعب على بقايا دوامر الحديد التي تمت ازالتها ثم ان تقرير الديوان يشير الى مديونية الشركة التي وصلت الى ٩٢ مليون كرقم اكيد مثبت وقد تجاهل الديوان ان هذه المديونية تراكمت على مدى زمني يزيد على ثلاثين عاما وتحديدا عام ١٩٨٩ حيث فقد الدينار نصف قيمته وبالتالي زاد العبء على سكة الحديد اكثر من الضعف للحصول على معداتها التي تستورد من الخارج وبالعملة الصعبة كل هذه الحقائق تجاهلها التقرير وتجاهل ايضا حقيقة الموقف المالي للسكة قبل ان تطلق عليها رصاصة الرحمة من قبل الحكومة عام ٢٠١٩ وفي اذار منه حيث كانت السكة قبل ذلك تعمل وتنتج وتؤمن رواتب موظفيها اكثر من سبعمائة عائلة تعتاش منها وكانت تقدم فائضا ماليا لخزينة الدولة .
.
اما عن شركة تطوير العقبة فقد اورد الديوان ان مكافأة اعضاء مجلس الادارة بلغت عام ٢٠٢٠ ما يقارب ٣١٥ الف دينار وقد حيرني هذا الرقم طويلا ودفعني للبحث في تقرير الشركة المالي السنوي لأجد ان ما يتقاضاه اعضاء مجلس الادارة هو مبلغ ٤٠٠ دينار شهريا وعدد اعضاء المجلس ٩ اعضاء فتكون مكافأتهم السنوية ٣٧٥٠٠ فقط لا غير فمن اين اتى التقرير برقمه المهول الذي اورده .
اذكر في سنوات سابقة وابان عملي مديرا في سلطة العقبة الخاصة ان الديوان اورد رقما زاد على مليون ونصف المليون دينار مشيرا الى انه هبات وتبرعات من السلطة وقد كان الرقم حقيقيا ولكن وضعه في بند الهبات والتبرعات كان عشوائيا فهو مساهمة من السلطة في تطوير ومساندة المجتمع المحلي وفقا لنص المادة ٩ من قانون السلطة الخاص والذي اناط بها تنمية الاقليم والمنطقة الخاصة وهنا قام الديوان برصد المال ولم يشر الى الهدف من انفاقه وفق الاصول المالية المتبعة ووفقا لقانون السلطة الذي خولها بذلك الانفاق .
الكثير من ملاحظات ديوان المحاسبة حقيقية لا شك فيها ولكن ايضا فيه الكثير من المغالطات التي تتجاهل طبيعة بعض الاعمال التي تبدو في ظاهرها لهم انفاق غير مبرر وفي حقيقتها تكون ممكنة لقطاعات اقتصادية مهمة كدعم الطيران العارض ودعم التربية والتعليم والكثير من الاعمال المساندة للاقتصاد في بعض جوانبه .
اخيرا كلنا بلا شك مع الديوان وغيره من المؤسسات الرقابية للحفاظ على المال العام فحرمة المال العام مقدسة اذا اردنا ان نبني الوطن وبوركت كل الجهود وكلنا على ثغرة من ثغور الوطن فلا يؤتين من قبلنا .