” حبل الميناء ” يكشف عورات كل الحبال المهترئة و المترهلة في منطقة الصناعات الجنوبية

بقلم إبراهيم الفراية
هل كان علينا مواجهة هذه الكارثة المفجعة التي أودت بحياة عدد من خيرة شبابنا لنكتشف حجم الترهل الذي يعشعش في مشاريع وشركات ومصانع ومؤسسات المنطقة الصناعية على الشاطىء الجنوبي بالعقبة ، وهل كان علينا كذلك أن نودع شهداءنا بالألم والحسرة في وقت يتفنن فيه بعض مسؤولي هذه الشركات والمشاريع والمصانع بنشر صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب أخبار مضللة تتحدث عن علاقتهم بالمجتمع المحلي ودورهم في تنمية هذا المجتمع ودعمه بالطرود احيانا ، ومبادرات توزيع المياه وتنظيف الشاطىء احيانا أخرى .
إنها فاجعة ليس من السهولة استيعابها أو القفز عنها ، فحبل الميناء الذي أراده الله سبحانه وتعالى بهذه الطريقة كشف لنا كل عورات الأحبال الأخرى المهترئة والقابلة للتقطع في أية لحظة .
من يتحمل المسؤولية سؤال على مكاتب كل من يعنيهم الأمر وكل أصحاب القرار من المسؤولين داخل حدود العقبة وخارجها ، وأعتقد جازمًا أن تحديد المسؤولية عن هذه الفاجعة لا يحتاج إلى عناء كبير ولا يحتاج إلى لجان أو فرق للتحقيق والمتابعة ، فالمسافة البعيدة بين مكاتب المسؤولين الفارهة على الشاطىء الجنوبي وميادين العمل هي التي تتحمل هذه المسؤولية ، وأقصد به هنا خراب البنية التحتية وحاجتها الماسة إلى من يعلق الجرس لتكون المنطقة الممتدة من دوار البحرية وحتى حدود الدرة .. واحة جميلة عنوانها الاول السلامة العامة والاطمئنان والشوارع المناسبة التى تليق بأسماء تلك الشركات والمشاريع والإضاءة الكافية والأشجار والأسوار المحكمة واللوحات الإرشادية ..واختفاء المطبات والأتربة المتراكمة على جوانب الطريق المهترىء ..وغير ذلك مما يليق بالمنطقة مما وفره المكان للشركات والمؤسسات والمشاريع من خيرات ومغانم .
الفاجعة التي أدمت قلوبنا كشفت العورات ووضعت أمام عيوننا كل هذا الخراب التي تعيشه منطقة صناعية ممتده حتى حدود الدرة رغم أنها أغني منطقة بالعالم في خيراتها الا انها للاسف أفقر منطقة بالعالم في خدماتها لبنيتها التحتية ، وهنا سأتحدث عن الشارع الذي يربط بين دوار البحرية و الشاطئ الجنوبي وهو شارع بطول ١٠ كم تقريبًا يمثل وجهًا بائسًا لعلاقة المسؤولين بالبيئة التي يعملون فيها وانعدام المسؤولية التي تفرضها وظائفهم العالية ، هذا الشارع المتهالك المليء بالحفر والانحدارات وخراب البنية التحتية هو الشارع الذي تسلكه سياراتهم الفارهة وهو الشارع الذي يخدم العصب الرئيس للاقتصاد الاردني ممثلًا بكبريات الشركات الاقتصادية العاملة في المملكة ، فلم يفكر أي مسؤول من هؤلاء أصحاب المكاتب الفارهة والدفع الرباعي بتعبيد هذا الشارع وصيانته من أجل أن يكون معبرًا يليق بما تحويه المنطقة من مؤسسات اقتصادية كبرى ، بل ذهب بعضهم أو كثير منهم للتنصل من المسؤولية وتوزيع دم هذا الشارع المتهالك بين وزارة الأشغال العامة ومنطقة العقبة الاقتصادية ، والأدهى من كل ذلك ما تضعه هذه الشركات من أسلاك شائكة بدائية لتحمي ممتلكاتها وعقاراتها دون أن يفكر المسؤولون فيها بما تشيعه من تلوث بصري في منطقة نفاخر بأنها تمثل عصب الاقتصاد الأردني ، ونعرف جيدًا أن من لا يهتم ببيته لن يكون معنيًا بأية حال ببيت الجيران وهذا المثل ينطبق تمامًا على أصحاب المكاتب الفارهة على اتساع مساحة الشاطئ الجنوبي .
وهنا نوجه نداءً لدولة رئيس الوزراء وللأخوة الأعزاء في مجلس محافظة العقبة المنتخبين بضرورة عقد اجتماع مع هؤلاء المسؤولين للتعرف إليهم وإلى حجم علاقتهم وانتمائهم للمكان الذي يعيشون فيه ويعملون مع أبنائه ، فمجلس المحافظة هو الجهة الشرعية التي يحق لها أن تتحدث باسم أهل العقبة جميعًا بوصفهم سلطة منتخبة .
الترحم على شهداء العقبة واجب وطني وأخلاقي وإنساني وهو جرح إنغرس في قلوب العقباويين جميعًا ، لكن الوفاء لدم هؤلاء الشهداء وأرواحهم يتطلب منا جميعًا مساءلة هؤلاء المسؤولين بصراحة وشفافية عالية ليتحمل كل منهم مسؤوليته .
مسؤولية الشركات الاقتصادية الكبرى ليست توزيع الطرود لبعض المحتاجين وليست دعم جمعية هنا أو جمعية هناك إنها مسؤولية أكبر من ذلك بكثير ، مسؤولية تنمية المجتمع وتطويره وتوفير كل سبل الراحة والأمان للبيئة الاجتماعية التي تعمل بها هذه الشركات ، فنشر صور بعض المسؤولين الذين يقفون إلى جانب عدد من الطرود أو حقائب المدارس أو تسلم درع تسيء إلى وظيفة هذه المؤسسات ودورها الأهم .
وأمام هذه الفاجعة الكبرى ينتظر العقباويون هزة إدارية تطيح بكل من هو غير قادر على تحمل مسؤوليته ، ومن هو غير مؤهل لأشغال مثل هذه المناصب الرفيعة التي تتعامل مع عصب الاقتصاد الأردني
لولا قدرة الله واتجاه الرياح والجهود الاستثنائية لرجال الدفاع المدني والأجهزة الأمنية لكانت النتيجة كارثية بشكل لا يوصف ، لكن رحمة الله سبقت كل شيء انتصارًا لطيبة أهل العقبة وانتمائهم لوطنهم الجميل .