المعارضتان الداخلية والخارجية …. وما العيب او الحرام في ان يخلف ابن الملك والده الملك .

د. عبد المهدي القطامين
بما ان مفهوم المعارضة الداخلية والخارجية اصبح دارجا في الاردن هذه الايام سأتناول بعضا من ملامح المصطلحين وشواردهما بعيدا عن لغة العاطفة القاتلة فحين لا تكون المعارضة بوصلتها الوطن بكل ما تعنيه الكلمة وحين تكون المعارضة الخارجية قدح وردح ولعن وشتم فأنها تخرج على الفور من مضمونها السياسي الى لغة شوارعية تستهدف الاثارة وتصبح ممجوجة بغيضة لسامعها مثيرة للقرف والنفور فالأولى بمن يدعي مثل ذلك ان يتوقف عن الهراء ان لم يمتلك ما يؤيد ما يقول بالدليل وهذا يذكرني بنائب دونكيشوتي اعتاد في مجلس النواب وعلى الفضائيات ان يلوح بأوراق يحملها بيده على انها مستندات تكشف الفساد وهي في حقيقتها رسومات رسمها ابنه على ورق ملون وحين اعلنت له التحدي يوما على فضائية وطلبت مناظرته لكشف الحقيقة انسحب وغاب مذعورا خوفا من انكشافه امام جمهور واسع .
معارضة الخارج لا تختلف كثيرا عن اسلوب النائب المذكور فكلاهما يغرد بحثا عن الشعبوية الانية التي في اغلبها تجعل صاحبها لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى وهي ظاهرة صوتية لا تصمد طويلا امام الحقائق ولن تحرك ساكنا او تقلل فسادا او تعدل مسيرة .
وحين ينبري للمعارضة الداخلية من امضى عمره كله في منظومة النظام وفي مراكز متقدمة فيه ثم فجأة يتحول الى وحش كاسر يريد ان يغير المنظومة التي ظل فيها ردحا من الزمن فأن الامر هنا يحتاج الى تحليل يعقبه صفنة كبيرة بحجم مفارقة ان تكون مواليا ثم تنقلب الى الضد دون اي احترام لجزء من تاريخك الذي امضيت وهكذا يتم ادعاء البطولة الكاذبة باثر رجعي وهو ما لا ينسجم مع المنطق السليم ولغة العقل التي غابت في زحمة البحث عن أساليب مكشوفة للعودة الى الأضواء مجددا .
لم نسمع يوما ان معارضا داخليا تمت تصفيته لرأي ابداه او لمطالبة طالب بها او لمسبة وجهها للنظام او حتى لمن حاول ان ينقلب على الحكم انقلابا سلميا او غير سلمي وعلى الطرف الاخر من بلاد العرب اوطاني راينا المشانق تنصب للمعارضة والسجون تفتح والتعذيب يتم بما لا عين رأيت ولا خطر على بال بشر وحين مزق احدهم صورة قائد في بلاد عربية ما كان جزاؤه ان القي من طائرة سمتية لتتناهش ما تبقى من لحمه الذئاب ووحوش البر .
هل يمسك الملك عبدالله الثاني بكل مفاصل السلطة نعم هو كذلك وتلك مزايا منحها له ولغيره من الملوك الهاشميين دستور البلاد الذي ارتضاه الجميع ناظما لحياة البلاد والعباد فالملك رأس السلطات الثلاث …. وهل سيورث الملك عبدالله العرش لابنه من بعده نعم هو كذلك وهو ايضا نص عليه الدستور نصا صريحا واضحا لا لبس فيه وحين يدور الهمس في المجالس الضيقة انه يسعى لذلك اقول وما المانع اذا قيد الدستور انتقال السلطة وحددها باليات دستورية واضحة ايضا لا لبس فيها في المادة 28 من الدستور الاردني والتي جاء فيها ما يلي ( عرش المملكة الاردنية الهاشمية وراثي في اسرة الملك عبدالله بن الحسين وتكون وراثة العرش في الذكور من اولاد الظهور وفق الاحكام التالية :
أ- تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش الى اكبر ابناءه سنا ثم الى اكبر أبناء ذلك الابن الاكبر وهكذا طبقة بعد طبقة واذا توفي اكبر الابناء قبل ان ينتقل اليه الملك كانت الولاية الى اكبر ابناءه ولو كان للمتوفي اخوة على انه يجوز للملك ان يختار احد اخوته الذكور وليا للعهد .
الملك عبدالله الثاني شكل ثلاثة عشرة حكومة منذ توليه سلطاته الدستورية هذه الحكومات هي المسؤولة اولا واخيرا عن اي خلل حل بالمسيرة وعن اي وضع اقتصادي تدهور او ادخل غرفة الإنعاش واي ترد حل في الإدارة العامة هو نتاج سياسة هذه الحكومات التي انيط بها مهمات النهوض بالاقتصاد والبناء والانجاز لكنها تقاعست عن ذلك ولجأت الى إدارة البلاد بطريقة الفزعة وانيطت وظائف الدولة القيادية للمحاسيب والمعارف والاحباب والمؤكد ان الملك لا يتدخل في كل هذا انما ينسب له من الحكومات ليقر التعيين دون ان يرد أي تنسيب ، ومن أراد ان يحاسب فليحاسب كل من كان في هذه الحكومات رئيسا وأعضاء لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه الان من اقتصاد مترد ومجتمع متهتك وتراجع في كافة مناحي الحياة وبؤس وفقر يفتك بالمجتمع ليقل من أراد ان يثور وان يغضب الى هذه الحكومات لماذا اوصلتمونا الى ما نحن فيه فأنتم من حكم وليس الملك .
ان مشكلتنا هي في الانتقائية وفي اختلاف ما نضمر عما نظهر فاحدنا على وسائل التواصل الاجتماعي مصلح وطني ومظلوم مظلومية تكاد تصل حد مظلومية الحسين كرم الله وجهه وفي داخله الف شيطان متربص والف نازعة والف ضمير غائب