الزميل القطامين رئيس التحرير يحاضر عن البعد القومي في الادب الأردني

الغواص نيوز
قال الزميل الدكتور عبدالمهدي القطامين رئيس تحرير موقع الغواص نيوز ان الادب الأردني لم يكن منقطع الجذور عن غيره من الآداب العربية بل كان فاعلا مؤثرا متفاعلا ولعل القضايا العربية قد شغلت حيزا كبيرا وواسعا من المنتج الثقافي الأردني خلال عمر الدولة الأردنية الحديثة وتبدى ذلك في العديد من الاعمال الثقافية التي انتجها الادباء الأردنيون .
وأضاف خلال محاضرة له عبر الفيس بوك بالتعاون مع وزارة الثقافة ان المتتبع لواقع الحركة الثقافية الأردنية منذ نشأت الامارة سيجد ان للإمارة دور قومي ووطني وثقافي وأدبي، واعتمد الأمير عبد الله بن الحسين على المثقفين والأدباء من أبناء سورية ولبنان والحجاز والعراق والمستنيرين من العرب ممن وفدوا إليه بعد سقوط الحكومة العربية إثر معركة ميسلون عام 1920م، وأدى ذلك إلى تجاوب الإمارة مع المجتمع العربي الجديد، فهو مجتمع مركب من حملة الأفكار القومية والوطنية، واستقطب الكتّاب المعتزين بالشعور الوطني المقاوم للاستعمار والتخلف والتجزئة، وأقام بعضهم بضع سنين، ومنهم خير الدين الزركلي من سورية وفؤاد الخطيب من لبنان، وبعضهم الآخر أقام في الأردن واستقر فيه وحصل على الجنسية الأردنية، مثل نديم الملاح الشاعر اللبناني ومحمد الشريقي الشاعر الصحفي الذي أنشأ جريدة «الشرق العربي» أول جريدة أردنية تصدر في عمان بعد إنشاء الإمارة، وتيسير ظبيان الصحفي السوري الذي نقل جريدته «الجزيرة» من دمشق إلى عمان عام 1939، وفتح صفحاتها لحركة أدبية مزدهرة، تلاقى فيها الكتّاب العرب والشعراء على اختلاف مذاهبهم ومناهج حياتهم، وكانت صوتاً داعياً للوحدة العربية، تناوئ الاستعمار الفرنسي والبريطاني، وتعرّضت للإغلاق مرّات، وأسهمت في رعاية الأدباء الأردنيين الشباب، وشجعت الحركة النقدية، وأسهم الأمير عبد الله بنفسه في الكتابة فيها. وكان أديباً فصيحاً يجمع في بلاطه الأدباء والشعراء ويحاورهم ويساجلهم في الشعر وتاريخ الأدب، ويقصدُه الشعراء العرب، وله ديوان شعر وأعمال أدبية كاملة منشورة.
وأشار ان الادب القصصي الأردني بدت فيه ملامح التأثر بما تتعرض له الامة من نكبات ومن احتلال وبسط نفوذ اجنبي وقد القى واقع حال الامة بثقله على مجمل الإنتاج الثقافي الأردني ففي مجال القصة القصيرة برزت اعمال عبدالحليم عباس في روايته ” فتاة من فلسطين ” ومحمد العامري في مجموعته ” شعاع من النور” وعيسى الناعوري في مجموعاته القصصية الثلاث ( طريق الشوك ، وخلي السيف يقول ، وعائد الى الميدان ) وقد نشطت المجموعات القصصية التي ظهرت المملكة بمناقشة الاحداث السياسية والوطنية والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في المنطقة وحرص كتابها على اظهار انحيازهم للحق العربي والدعوة الى ادانة أي اعتداء يتم على أي قطر عربي من أي جهة او دولة استعمارية خاصة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وما خلفه من كوارث إنسانية واجتماعية ونفسية على الشعب الفلسطيني الذي اضطر للهجرة من بلاده التاريخية تحت وطأة العدوان على الأرض والانسان والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية ونذكر هنا المجموعات القصصية التي ساهمت في الحث على مقاومة الاحتلال والدعوة الى توحيد جهود الامة وتوحيد معركتها في وجه العدوان الصهيوني على فلسطين التي تمثل هما مركزيا لكل العرب فقد ظهرت مجموعة ( شعاع النور ) لمحمد اديب العامري ومجموعة ” كفى ” لنبيل شحادة ومجموعة ” الظل الكبير” لسميرة عزام ومجموعة “اشرقت الشمس ” ليوسف جاد الحق ومجموعة “حبة البرتقال ” لأحمد العناني ومجموعة “البرتقال الحزين ” لغسان كنفاني .
اما في مجال الرواية فأشار القطامين الى ان الرواية الأردنية شكلت مساحة اكثر اتساعا لمناقشة الهم العربي بشكل موسع واتاحت للكتاب فرصة اكبر للخوض في الدراما التي استمدت مفرداتها من تاريخ النضال العربي في فلسطين كقضية مركزية عربية وإسلامية ومسيحية فظهرت رواية ” فتاة فلسطين ” لعبدالحليم عباس التي روت معاناة التهجير واللجوء ثم تبعها العديد من الروايات التي تميزت بالتركيز على تحرير الأرض المحتلة وإدانة ضيق العيش والصراع من اجل البقاء وإبراز قدسية الأوطان وقدسية الدفاع عنها حين تستباح من قبل الاغراب والمحتلين فظهرت رواية ” الكابوس ” لأمين شنار والتي تعرضت للقضية الفلسطينية من الانتداب الى الاحتلال كما ظهرت رواية ” الرحيل ” لأديب نحله والتي ادانت التدفق اليهودي وهجراتهم الى فلسطين ورواية “متى تورق الأشجار ” للكاتب عطية عطية والتي دعت الفلسطينيين الى الصمود في ارضهم والثبات في وجه العدو المحتل ورواية ” انت منذ اليوم ” لتيسير السبول التي ادانت الواقع العربي بعد الهزيمة .
و في المسرح فقد ساهم المسرح الأردني في ابراز البعد العربي والقضايا العربية الملحة حيث كان المسرح الأردني امتدادا للمسرح الفلسطيني الذي نشأ قبل الأردني بكثير وقد عرف هذا النوع من الادب في عمان أواسط الثلاثينيات من القرن الماضي ثم اشتد عوده ونما وانتشر بعد وحدة الضفتين لتظهر العديد من الاعمال المسرحية مثل مسرحية ” دماء من الجزائر ” لمنير الطاهر والتي تناولت ما يتعرض له الجزائريون من تنكيل وقتل على ايدي المستعمر الفرنسي ومسرحية ” جبل النار ” لمحمود الزيودي والتي انحازت للحق العربي الفلسطيني ومسرحية ” ضلال في عين الشمس ” لأمين شنار ومسرحية ” الأقنعة ” لمحمود سيف الدين الإيراني “والطريق الى المجدل” لعبداللطيف شما .
اما الشعر كفن راق من فنون الادب فقد كان هو الاخر مقاتل من اجل الإنسانية ومن اجل الامة وقضاياها وقد حشد الشعراء الأردنيون في قصائدهم للانتصار للامة حيثما حل بها ضيم او حيف او عدوان وعلى الرغم ان ذلك كان في كثير من الأحيان على حساب البنية الفنية لروح الشعر وتوثبه الا انني أرى ذلك واجبا لا بد من ان يقوم به الشعر فما جدوى ان تكون شاعرا محايدا في قضايا الامة غافلا عن روحها المتوثبة للخلاص والانعتاق والبناء والتقدم .
واكد الزميل القطامين ” لقد برز الشعر في الأردن كوسيلة تدعو للتحرر وتوحيد الامة في اطارها الحقيقي اطارها القومي بعيدا عن تقسيمها شيعا وطوائف واقليات كانت هي السبب في اضعاف روح الامة وقدرتها على البقاء والصمود في عالم عاصف متغير ودعا الشعر الأردني الى الحرية والمساواة والاستقلال ومواجهة المعتدين مهما كان معتقدهم او شكلهم او ثقافتهم .
ولعل الشاعر فؤاد الخطيب الذي لقب بشاعر الثورة العربية الكبرى اول من دعا الى الوحدة العربية حين خاطب الشريف الحسين بن علي قائلا
حيي الشريف وحيي البيت والحرما وانهض فمثلك يرعى العهد والذمما
يا صاحب الهمة الشماء انت لها ان كان غيرك يرضى الاين والسقما
ودعا الشاعر الأردني مصطفي وهبي التل عرار الى الوحدة العربية فقال
اني أرى سبب الفناء وانما سبب الفناء قطيعة الارحام
فدعوا مقال القائلين جهالة هذا عراقي وذاك شامي
ثم يسترسل عرار في قصيدة أخرى ليقول
يا رب ان بلفور انفذ وعده كم مسلم يبقى وكم نصراني
وكيان مسجد قريتي من ذا الذي يبقى عليه اذا ازيل كياني
وكنيسة العذراء اين مكانها سيكون ان بعث اليهود مكاني
وكان ضيف الحلقة الدكتور الشاعر حكمت النوايسة قد استعرض مجمل الإنتاج الادبي الأردني مشيرا الى ان الادب الأردني كان ادبا قوميا منسجما مع فلسفة انشاء الدولة الأردنية الحديثة والتي قامت على البعد القومي منطلقة من رسالة واضحة تشير بوصلتها دائما الى لم شمل الامة والدفاع عن مقدساتها .
واستعرض النوايسة اهم الاعمال الأدبية التي ظهرت في الأردن والتي كانت تحلم بوشم دولة عربية قوية مشيرا الى اعمال تيسير السبول ومؤنس الرزاز والياس فركوح وهاشم غرايبة وسميحة خريس وبراهيم العجلوني وطارق مصاروه وغيرهم من الكتاب الذين اثروا مسيرة الوطن بكتاباتهم المنتمية الى الامة .
ويشار الى ان البرامج الذي يقدمه الزميل القطامين يحمل اسم مائة سنبلة ويبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم احد ويتابع منجزات الدولة الأردنية في كافة المجالات ويستمر حتى نهاية هذا العام .