الشاشة الرئيسيةمقالات

الاردن….اعادة تموضع تكتيكي ام خيار استراتيجي

الدكتور عبدالمهدي القطامين

وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند …
وكأن طرفة بن العبد كان يصف الاردن وهو لا يراه فثمة الكثير من المسكوت عنه في ظل علاقات استراتيجية عربية متأرجحة ظاهرها الحداثة وباطنها حرب البسوس على الناقة الجرباء اياها ففي ظل الحقبة الترامبية التي القت بظلالها على المنطقة كان الاقرب لدى ابناء العم هو القاء الاردن في الجب ثم يأخذون قميصه ليعلنون بصوت جهوري يا لثارات العزيز ….ولم يكن بخاف على احد ان تلك الحقبة شهدت اعادة تموضع اردني وانكفاء على الداخل لكن كان هناك ما يريب وما يجري في الخفاء عبر صفقة هندسها ترامب ومهد لها بإعلانه القدس عاصمة للكيان المسخ وكان العقبة الوحيدة الاردن وبوصلته التي رغم كل السنين العجاف تتجه صوب القدس .
آنذاك التقط الملك المتعب من ضغوطات الاشقاء والتقاء الاهداف المعلنة مع المخفية في يدي ترامب ونتنياهو فاطلق الملك “كلاته ” الثلاث من الجنوب تحديدا وتلك اشارة تاريخية لا تخفي على النبيه فمن هناك بدأت الدولة الاردنية الحديثة ترسم خطاها حثيثا نحو ان تكون دولة مستقرة في محيط ظل على الدوام مضطربا تأكله الحروب والتغيرات الدراماتيكية ذات الطابع العسكري في جلها .
في المأثور الشعبي الاردني ان “شيخا بلا عزوته قلت مراجيله ” وذاته ما حدث الاردن تماما كان البعد والعمق التاريخي الحيوي العراق قد ضرب حتى العظم ثم تلته سورية التي وضعت على طاولة التشريح العالمي ليعبث بها مشرط الجراح العالمي والعربي ولم يعد بإمكان الاردن عبر جيشه العريق الذي خاض كل حروب الأمة في فلسطين وكان كالعنقاء في كل مرة ينهض اشد واقوى ان يظل حاملا راية الكفاح مجددا من اجل فلسطين
وفي استكمال لحلقة التضييق تم تجفيف كل منابع الدعم التي كانت تأتيه من دول مقتدرة في المنطقة واصبح ما قاله محمود درويش رحمه الله ذات قصيدة موجعة ” يا وحدنا ” صرخة الوطن الاردني بكافة اطيافه وبكل هواجسهم المبررة والنابعة من الخوف على وحدة الوطن الذي يئن اقتصادا وضيقا وعبثا مما يجري في الجوار .
هل الصمود الاردني كان معجزة ؟ هو بلا شك كذلك وهي رسالة التقطها الملك “الشاب ” ( المقبل على الستين بعد شهر ) وهو يواجه سهام الداخل والخارج معا…. داخل تغذيه طموحات اصحاب المصالح الذين نمو ونمت مصالحهم في الوطن الذي ظل آمنا وحين شح حليب الضرع الذي امتصوه اشعلوا نار غضبهم مؤججين الشارع معهم وهو شارع تائه موزع فؤاده بين ضيق العيش وبؤس الحال وبين مشاهد مؤلمة في دول الجوار التي طحنتها الحروب والصراعات الداخلية والخارجية معا .
ثمة الكثير ممن يدركون ويؤمنون من عامة الناس ومن مختلف طبقات الشعب من الوسطى وحتى الطبقة الكادحة التي تشكل عمق الدولة الحيوي ان “صبرك على نفسك ولا صبر الناس عليك ” لكن مثل هذه الرسالة لم تلتقطها الحكومات وظنت او خيل اليها ان الناس موات فأخرجوهم من حساباتهم واعتقد ان مثل هذا دليل على تفكير اقل ما يمكن وصفه انه غير علمي وغير دقيق وواه وآيل للسقوط في اول امتحان .
اكثر ما يوجع الناس في الاردن هو القسوة الاقتصادية التي تمارسها الحكومات بشكل يومي وغياب الحكم الابوي لصالح حكم السوق وهي سياسة اقتصادية لا تنسجم مع الشعب الاردني واذا ما تم نخوته لشد الاحزمة على البطون فأنه سيكون اول من يلبي شريطة ان يطال الشد كل البطون الجائعة والمتكرشة معا فمن غير الجائز فلسفة واخلاقا ان تطلب مني ما لا اراه فيك .
اخيرا اجزم ان الاعتماد على الذات هو اولى خطوات الاصلاح وسيادة القانون على الجميع هو مطلب شعبي وتفعيل التكافل الاجتماعي والتوزيع العادل للثروات والوظائف والتعليم هي اولى خطوات اعادة البناء وبغير ذلك سنظل ننفخ في القربة المخزوقة اياها وما احوجنا الى التفكر في حديث سيد البشر حين اقسم بالله ثلاثا …والله لا يؤمن…والله لا يؤمن …والله لا يؤمن …من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى