الشاشة الرئيسيةدولي

صراع على الصلاحيات والفصل بين السلطات.. الكيان المحتل على مفترق طرق

الغواص نيوز
في أسرائيل، حين تتصارع مراكز القوى، يلجأ الجميع إلى محكمة العدل العليا، رأس القضاء، لتقول كلمتها في أي نزاع يهدد مبدأ فصل السلطات، أو الحقوق المكفولة. لكن المشهد اليوم مختلف تماما. فالصراع بات على دور القضاء وصلاحياته.

خارطة الحراك في إسرائيل تتفاعل بسرعة، وتنذر بمواجهة بين فريقين كلاهما يصر على حماية الديمقراطية الإسرائيلية، لكن بطرق مختلفة.

في مقر الحكومة، يضغط وزراء، بنيامين نتانياهو، لتمرير خطة الإصلاح القضائي التي صاغ مسوتها الأولى وزير العدل، ياريف ليفين، قائلا: “أنا مصمم على دفع الإصلاح ولن يردعني أي تهديد”.

في الشارع، مواطنون غاضبون يرفعون شعارات “إنقاذ الديمقراطية”، ومنع “الإطاحة بالنظام السياسي” المعمول به في إسرائيل منذ قيامها عام 1948.

وفي الكنيست تعلو أصوات المعارضة محذرة من “انقلاب يهدد ديمقراطية إسرائيل”، إذ يجد زعيمها، يائير لبيد، أن حكومة خصمه نتانياهو يجب أن “ترحل”، واضعا ثقله السياسي للتأثير في الشارع للضغط أكثر، وإسقاط حكومة اليمين المتطرف.

ولم يتوقف الأمر عند هؤلاء اللاعبين، بل تدخل رئيس الدولة، إسحق هرتسوغ، الذي قال إنه يتعين على حكومة نتانياهو أن تتخلى عن التشريع المقترح لإصلاح القضاء، وأن تتبنى في المقابل نموذجا يحظى بدعم وطني واسع.

ماذا يحدث في إسرائيل؟
قبل أن تبدأ العاصفة، كان المشهد في إسرائيل غامضا، إذ عانت البلاد من جولات انتخابات لم تسفر عن حكومة مستقرة، حتى تمكن نتانياهو من تشكيل ائتلاف يعتبر الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.

رغم أن الجهود الحثيثة نجحت في تكوين الائتلاف الحكومي، إلا أن أعضاءه يحملون في جعبتهم أجدات سياسية وأهدافا مختلفة، يسعون إلى تحقيقها بغض النظر عن الثمن السياسي الذي يمكن أن تدفعه البلاد.

نتانياهو مكبل باتهامات ومحاكمات في قضايا فساد، تهدد مستقبله السياسي. ويريد أن يغلق ملفه القضائي، ويقول الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، بن لينفيلد ، في حديثه لموقع “الحرة” أنه إلى جانب محاولة حكومة نتانياهو”تدمير النظام الليبرالي في إسرائيل”، فإن الهدف الآخر لخطة الإصلاح القضائي هو “إضعاف النظام القانوني في البلاد من أجل إلغاء محاكمة نتانياهو، وإخراجه من قضايا الفساد المتهم بها”.

أما الوزراء الآخرون فيحملون في جعبتهم مشاريع تثبيت السيطرة على الضفة الغربية، التي يرون فيها جزاء من أرض إسرائيل المهددة بالوجود الفلسطيني، ويرون أن المحكمة العليا الإسرائيلية تشكل عائقا لهم. إضافة إلى سخط هؤلاء الوزراء على النظام السياسي والقضائي في البلاد، الذي يرون أنه لا يخدم القوة اليمينية في إسرائيل.

شرارة البداية
كان قرار محكمة العليا الإسرائيلية، منتصف يناير، منع تعيين، آرييه درعي، وزيرا في حكومة نتانياهو شرارة البداية لمواجهة بين القضاء والحكومة.

القرار الذي اتخذ بأغلبية 10 قضاة، فيما القاضي الوحيد الذي خرج عن الإجماع هو، يوسف إلرون، الذي اعتبر أن التعيين لا ضير فيه، أثار حفيظة نتانياهو الذي توجه على الفور إلى منزل درعي، وقال: “حين يكون أخي في ورطة فإنني أذهب إليه”.

كان القرار صادما لأعضاء حزب شاس الذي يقوده درعي. إذ علق الحزب بالقول إن المحكمة العليا “ألقت بأصوات 400 ألف ناخب ذهبوا إلى صناديق الاقترع وهم وعلى علم بتاريخ رئيس شاس. إن قرار المحكمة مسيس وفاضح، واليوم قضت المحكمة أن الانتخابات لا لزوم لها”.

خطة “إصلاح” القضاء
مطلع 2023، انشغل الرأي العام الإسرائيلي بعزم حكومة نتانياهو السير قدما في خطة هدفها “إصلاح القضاء”، تمنح الكنيست حرية أكبر في التصرف بالتعديلات الدستورية.

مشروع الإصلاح القضائي، الذي اقترحه وزير العدل ليفين، لن يمنع المحكمة العليا من مراجعة التعديلات على القوانين الأساسية للبلاد فحسب، بل يتطلب أيضا أغلبية ساحقة من القضاة لإلغاء ما يسمى بـ “القوانين العادية” التي يقرها الكنيست.

يقول منتقدو المسودة الأولى لحزمة الإصلاح القضائي إنها “ستقضي على الاستقلال السياسي للمحكمة العليا” في إسرائيل.

ويعتقد، يوسي يوناه، أستاذ الفلسفة، وعضو الكنسيت السابق، أن الحزمة المطروحة بصيغتها الحالية، “تضعف قدرة المحكمة العليا على مراجعة القوانين، وحماية الديمقراطية الإسرائيلية”.

وحذر، في حديث لموقع “الحرة” من أن أقرار الحزمة بشكلها الحالي يعني “أننا لن نعود قادرين على وصف إسرائيل بأنها ديمقراطية حرة”.


محامون إسرائيليون يلوحون بالعلم الوطني خلال احتجاج على خطط الحكومة لإصلاح النظام القانوني للبلاد
تعديلات جذرية
تقترح المسودة ما أطلقت عليه “بند التغلب”، الذي يمنح الكنيست حرية تعديل القوانين الأساسية شبه الدستورية في البلاد.

ويقول يوناه إن القوانين الأساسية في إسرائيل “تحمي حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، حيث أن المجتمع الإسرائيلي متنوع ومنقسم سياسيا وعرقيا. والحزمة التي تطرحها الحكومة تشكل تحديا لدور هذه القوانين”.

وفقا لما يعنيه “بند التغلب” فإن تغييرا جذريا سيطرأ على ميزان القوى بين السلطتين القضائية والتشريعية في إسرائيل، إذ سيسمح للكنيست بإصدار قوانين تتعارض مع قوانين الأساس في البلاد. وسيحد هذا البند من قدرة المحكمة العليا على إبطال تلك القوانين.

وبحسب المسودة، فإن المحكمة لن تكون قادرة على إبطال التعديلات على القوانين الأساسية إطلاقا.

وفي حالة القوانين العادية، فإن المسودة تنص على شرط توفر أغلبية من 12 قاضيا لإلغائها، ما يشكل تغييرا في مفهوم الأغلبية البسيطة المعمول بها في إسرائيل، والتي تشير إلى 8 قضاة فقط.

علاوة على ذلك ، إذا نجحت المحكمة في إلغاء قانون عادي، ولكن بدون الحضور الكامل لجميع القضاة، فسيكون الكنيست قادرا على إعادة تشريع القانون غير المؤهل بأغلبية بسيطة تبلغ 61 نائبا في الكنيست.

القوانين الأساس في إسرائيل
منذ نشأة إسرائيل، لم تساعد الظروف الداخلية والخارجية على إقرار دستور للبلاد. فقد حالت الخلافات السياسية، وخاصة مواقف التيارات والأحزاب الدينية دون إقراره.

وفي الخمسينيات، اتخذت الكنيست الإسرائيلي خطوات للتعامل مع هذه التحديات، فبدأت بإقرار ما صار يعرف بـ “قوانين أساس” تقوم إلى حد ما بوظيفة الدستور. وأهمها:

قانون أساس الكنيست
هو قانون الأساس الأول الذي سنته الكنيست عام 1958، وينص على أن الكنيست هي مجلس النواب لدولة إسرائيل، ومقرها القدس، وأنه مع انتخابها يكون عدد أعضائها 120 عضو كنيست.

ويشرع القانون طريقة الانتخابات، وحق الانتخاب والترشح، وفترة ولاية الكنيست، ومبادئ خاصة بانتخابات الكنيست، وفترة ولاية أعضاء الكنيست، وحصانة أعضاء الكنيست، ومباني الكنيست، وعمل الكنيست ولجانها.

قانون أساس القضاء
صادقت الكنيست على القانون عام 1984، خلال فترة ولاية الدورة العاشرة للكنيست. ويحدد القانون صلاحيات المحاكم بكل هيئاتها المختلفة، ويقر مبادئها القانونية، ومن بينها علانية جلسات المحاكم، وعدم تبعية السلطة القضائية.

كما يقر القانون التعليمات الخاصة بانتخاب القضاة. ويتضمن القانون تعليمات بخصوص استقرار السلطة القضائية، ومن خلالها فإن القضاء محمي من أي تغييرات بواسطة أنظمة الطوارئ.

قانون أساس رئيس الدولة
صادقت الكنيست على القانون عام 1964، وينص على أن رئيس الدولة هو من يترأس الدولة، ومقر إقامته في القدس، وينتخب من الكنيست لفترة ولاية واحدة من سبع سنوات. وينظم القانون أيضا تفاصيل انتخابه، ومهامه، وصلاحياته وتعليمات عمله.

قانون أساس الحكومة
أقر أول مرة عام 1968، لكن عام 1992 بدلت الكنيست القانون بسبب تغيير طريقة انتخاب رئيس الحكومة إلى طريقة الانتخاب المباشر ابتداء من الدورة الرابعة عشرة للكنيست وما بعد. وصودق على القانون بصيغته المعدلة عام 2001، ودخل حيز التنفيذ خلال الدورة السادسة عشرة للكنيست.

وألغى هذا القانون طريقة الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة. وقبل المصادقة عليه، ألغيت من القانون تعليمات قانونية مختلفة، وتم تمريرها لقانون عادي جديد باسم قانون الحكومة لسنة 2001، والذي صودق عليه سوية مع قانون الأساس.

وينص قانون أساس الحكومة بصيغته الحالية أن مقر الحكومة هو القدس، وأنها تتولى أعمالها بحكم ثقة الكنيست المسؤولة أمامها بمسؤولية مشتركة. كما يعرف القانون طريقة تشكيل الحكومة، ومهامها، وصلاحياتها. ويمكن تغيير القانون فقط من خلال تصويت أغلبية أعضاء الكنيست.

قانون أساس الجيش
صادقت الكنيست على القانون عام 1976، وينص على أن جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش الدولة، ولا يجب إقامة قوة عسكرية مسلحة أخرى في الدولة. ويتمحور القانون حول وجوب الخدمة العسكرية والتجنيد، وكذلك تعليمات الجيش وقوانينه.

ويضيف قانون الأساس تعليمات بخصوص تبعية الجيش للحكومة، ويقر أن وزير الأمن هو الوزير المسؤول عن الجيش من قبل الحكومة.

قانون أساس القدس عاصمة إسرائيل
صادقت الكنيست على القانون عام 1980، ويرسخ القانون مكانة القدس عاصمة لإسرائيل، ويضمن عدم تجزئتها ووحدتها ويركز التعليمات التي كانت موزعة في قوانين مختلفة، بخصوص مقر إقامة الرئيس، والكنيست، والحكومة، ومحكمة العدل العليا. ويتناول القانون مكانة الأماكن المقدسة ويضمن حقوق أبناء جميع الديانات، ويصرح حول منح حق أولوية خاص بتطوير مدينة القدس.

قانون أساس كرامة الإنسان وحريته
وصادقت الكنيست على القانون عام 1992، ويحدد القانون الحقوق الأساسية للإنسان في إسرائيل، التي تستند إلى الاعتراف بقيمة الإنسان وقدسية حياته واعتباره إنسانا حرا.

ويهدف القانون إلى “حماية كرامة الإنسان وحريته وإلى إرساء قيم دولة إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية”.

وينص القانون على حماية حياة الإنسان، وجسده، وأملاكه، وحريته الشخصية، وعلى حق الإنسان في إسرائيل في مغادرة البلاد والعودة إليها، وحريته الشخصية وصيانتها.

ويتضمن القانون فقرة تقييد بموجبها “لا يجوز المساس بالحقوق الواردة في هذا القانون إلا بقانون يناسب قيم دولة إسرائيل، ويهدف لتحقيق غاية مناسبة، وبما لا يتجاوز الحد المطلوب، أو بموجب قانون، كما ذكر، بموجب صلاحيات مفصلة فيه”. وينص القانون على فقرة تحصنه من إجراء تعديلات بموجب أنظمة الطوارئ، باستثناء حالات شاذة، وبشروط محددة.

قانون أساس إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي
صادقت الكنيست على القانون عام 2018، وينص على أن إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي، وكذلك اسمها، ورمزها ونشيدها.

وحسب القانون، فإن القدس كاملة وموحدة هي عاصمة دولة إسرائيل، وأن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية للدولة.

وبحسب القانون فإن إسرائيل ستكون مفتوحة للهجرة اليهودية وإلى لم الشمل. وستتحمل الدولة مسؤولية ضمان أمن وسلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها الذي يعانون من ضيق بسبب يهوديتهم أو مواطنتهم.

وينص القانون على أن الاستيطان اليهودي هو قيمة وطنية، والتقويم العبري هو الرسمي للدولة إلى جانب التقويم الميلادي. وعيد الاستقلال هو عيد وطني، وأن يوم إحياء ذكرى شهداء معارك إسرائيل ويوم إحياء ذكرى الكارثة والبطولة، هما من أيام الذكرى الرسمية لدولة إسرائيل.

وبحسب نص القانون فإن أيام السبت وأعياد إسرائيل هي أيام الراحة الثابتة في الدولة، أما من هم ليسوا من اليهود فيحق لهم اختيار الأيام الخاصة بهم للراحة والأعياد. ولا يمكن تعديل القانون إلا من خلال أغلبية أعضاء الكنيست.

تعيين القضاة
تقترح مسودة الحكومة إصلاحا شاملا لعملية تعيين قضاة المحكمة العليا، والتي يمكن أن تمنح الحكومة سيطرة شبه كاملة في هذا الشأن.

ويقول يوناه، لموقع “الحرة”، إن هناك “خطرا على النظام السياسي الإسرائيلي. وفي نهاية المطاف، إذا طبقت حزمة الإصلاح الحكومية، فإنها ستحد من قدرة المحكمة العليا على النقاش والتحرك للقيام بدورها الذي يضمن فصل السلطات، وحماية الحقوق في البلاد”.

في إسرائيل، تتم عمليه اختيار قضاة المحكمة العليا بقرار من لجنة تتمتع بهذه الصلاحية، ووفقا لحزمة الإصلاحات، سيتم زيادة عدد أعضاء اللجنة من تسعة إلى 11 عضوا، وستشمل اللجنة الموسعة ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، ووزير العدل، مع وزيرين آخرين في الحكومة، وثلاثة رؤساء لجان كنيست (من لجنة الدستور والقانون والعدالة ولجنة مراقبة الدولة ولجنة مجلس النواب) وممثلين عامين يختارهم وزير العدل.

وسيحل العضوان الأخيران محل الممثلين الحاليين لنقابة المحامين في إسرائيل، التي ظهرت على أنها تعارض بشدة خطة الحكومة.

وبناء على المقترح، فإن زيادة عدد ممثلي الائتلاف الحكومي من شأنه أن يمنع القضاة بشكل فعال من عرقلة التعيينات.

ويقول الوزير ليفين: “إنني متحمس للدعم الشعبي القوي للخطة، فضلا عن الأعداد المتزايدة من رجال القانون الذين يدعمون التحركات التي أقودها”، مضيفا: “لقد حان الوقت لاستعادة الديمقراطية” في إسرائيل.

ويقول يوناه لموقع “الحرة”، من جهته، إن النظام القضائي في إسرائيل “يتمتع بصلاحيات واسعة وقوية، ويحد من قدرة الوزراء وصلاحيتهم، وهذا هو منطلق الحكومة التي ترى في هذا الأمر نوعا من العرقلة لقدرتها على اتخذا القرارات، وقدرة الكنيست على التشريع”.

ويعتبر أن هذا التبرير “قد يكون مفهوما إلى حد ما”، لكنه شدد على أن “الحل ليس في إقرار التشريعات بشكلها الذي تقترحه الحكومة”، بل يرى أن هناك ضرورة للتوصل إلى تفاهمات تمثل مصالح الجميع، وتحافظ على الديمقراطية، لأن خطة الإصلاح الحالية فيها “تهديد للديمقراطية” في إسرائيل.

لكن الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، بن لينفيلد، يعتقد أن الحكومة تتمتع بصلاحيات كاملة لممارسة دورها ووظيفتها.

ويقول إنه “يجب أن نتذكر أن إسرائيل لا يوجد فيها دستور، ولذلك فإن دور المحكمة العليا مهم لأنها تفحص سلطات الحكومة والكنيست”.

وأضاف أن المحكمة العليا “تشكل ضمانة لحقوق الأقليات في المجتمع الإسرائيلي مثل حقوق العرب. فالنظام السياسي الإسرائيلي لا يوجد فيه ما ينص على المساواة بين العرب واليهود، لكن المحكمة العليا هي من يضمن ذلك”.

غضب شعبي
ما أن أعلنت الحكومة نتانياهو خطتها لإصلاح القضاء، حتى خرجت التظاهرات الأسبوعية منددة بهذا التوجه، وشهدت إسرائيل في الأسابيع الماضية احتجاجات شعبية يقول مراقبون إنها ضمت مشاركين من خلفيات سياسية وعرقية متنوعة، توحدت ضد أي مساس بالديمقراطية.

ويقول يوناه لموقع “الحرة” إن طبيعة المجتمع الإسرائيلي “مقسم سياسا وعرقيا، وفيه أقليات، ويجب أن تضمن القوانين الإساسية في إسرائيل قيما مشتركة للعيش في إسرائيل”.

ويشير إلى أن اليمين هو “صاحب الأكثرية في الكنيست، وهو من شكل الحكومة، وما يقترحه يمثل مصالحه فقط، ويستنثي الآخرين”.

ويشير إلى أن “الإصلاح الذي تقترحه حكومة نتانياهو بشكله الحالي سيكون له نتيجتين:
الأولى، هي إضعاف النظام الديمقراطي. والثانية، أنه سيشكل ضربة قوية للديمقراطية الإسرائيلية، بمعنى أنه سيكون للوزراء والحكومة القدرة على عمل أي شيء، فيما ستكون صلاحيات المحكمة العليا مقيدة”.

أما المتظاهرون فيرون أنهم يقفون على مفترق طرق، وأن ما يجري سيغير طبيعة البلاد السياسية، بذا خرجوا إلى الشوارع منددين بخطط الحكومة.

تقول ، تمار مجيدو، (40 عاما)، إنه “خلال الأشهر القليلة الماضية كنت أحارب بكل قوتي ضد هذه الثورة التي تحاول الحكومة أن تقودها”.

وتضيف مجيدو، وهي أستاذة في القانون، إنهم “لا يحاولون تغيير القانون فحسب، بل تغيير النظام بأكمله وكذلك قواعد اللعبة”.

وتستدرك قولها: “إذا تم تمرير (ذلك) فستكون العودة إلى الخلف غاية في الصعوبة، لهذا السبب نحتاج إلى وضع حد الآن”.

تعيش مجيدو، وهي مثلية الجنس، في إحدى ضواحي تل أبيب، ولديها ثلاثة أطفال.

وتعترف إسرائيل بزواج المثليين القادمين من الخارج، ما يجعلها تصنف على أنها من أكثر دول الشرق الأوسط تقدما فيما يتعلق بحقوق مجتمع المثليين.

وعليه، تخشى مجيدو على حقوقها لأن “لدينا في حكومتنا أشخاص متطرفون للغاية، ومحافظون للغاية، وشوفينيون للغاية (متعصبون للوطن والقومية بدون الاحتكام إلى العقل)، ومعادون للمثليين”.

وتنوه إلى أنه “إذا تم تقييد عمل المحاكم كما هو مخطط له، فلن نتمكن من الدفاع عن أنفسنا”.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، بن لينفيلد، من جهته، أن أعضاء الحكومة المتطرفين “يريدون وضع نظام يمكنهم والكنيست من ممارسة سلطاتهم من دون رقابة القضاء والمحكمة العليا”.

ويشير إلى أنهم “يريدون ترسيخ تشريعات دينية في المجتمع، وهذا يثير خلافا مع العلمانيين الذين نراهم ينزلون إلى الشارع، في احتاجاجات ضد خطة الإصلاح القضائي الحكومية”.

ويوضح أن الأعضاء المتطرفين في حكومة نتانياهو يسعون إلى “تحويل النظام السياسي في إسرائيل إلى شريعة الهلاخا. وهذا ضد الديمقراطية”.

الجندي السابق، أمنون ماغنوس، (63 عاما)، ارتدى قميصا كتب عليه “إخوة في السلاح”.

ويقول إن “الوضع السياسي في إسرائيل أصبح لا يطاق، هذا الوضع يفرق الناس وسيخلق نزاعا”.

ويعتقد ماغنوس أن الإصلاحات ستدفع بعض الإسرائيليين إلى إعادة التفكير في أدوارهم العسكرية.

أما، نوا هاليفا، (24 عاما)، وهي طالبة العلوم السياسية، فتشارك في التظاهرات قائلة: “نحن هنا لوقف الإصلاح القضائي، وهو ليس إصلاحا إنما انقلاب”.

يقول يوناه لموقع “الحرة” إن الإصلاحات التي تقترحها الحكومة “تخل بمسألة التمثيل في المحمة العليا، فالأصل أن المحكمة العليا تمثل جميع الأطياف في المجتمع الإسرائيلي، لكن الحكومة الحالية تريد الاستحواذ على القوة. وهذه مشكلة حقيقية”.

ويعتقد أن الحل يجب أن يكون “عبر الوصول إلى تفاهمات” حول هذه القضية، “وليس الإصرار على إقرار الخطة التي تتبناها الحكومة، التي ستحد من قدرة المحكمة العليا على أن تكون محايدة، بل على العكس ستكون المحكمة العليا مسيسة، وهذا خطر على الديمقراطية الإسرائيلية”.

العلاقة مع الفلسطينيين
وما أن تشكلت حكومة نتانياهو، حتى شهدت الأراضي الفلسطينية تصاعدا ملحوظا في التوترات الأمنية، والتي جاءت على وقع تصريحات نارية أطلقها بعض الوزراء مثل وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، ضد الفلسطينيين.

ويعتقد بن لينفيلد، في حديثه لموقع “الحرة” أن أعضاء الحكومة من اليمين المتطرف يريدون من هذا الإصلاح القانوني “تسهيل السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، حيث يرون في المحكمة العليا عائقا أمام تحقيق ذلك”.

ويقول إن المحكمة العليا “تراعي حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية، فيما الأعضاء المتطرفون في الحكومة يريدون أن يكونوا أكثر قدرة على بناء المستوطنات في أي مكان في الضفة الغربية، من دون أن تعيق المحكمة العليا قراراتهم بشأن الاستطيان”.

“نزاع” الفصل بين السلطات
يشير مقال تحليلي للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية إلى أن الجدل الدائر في إسرائيل حول العلاقة المتبادلة الصحيحة بين الفروع الثلاثة للحكومة، احتدم في السنوات الأخيرة.

ويقول إن المعنى الحقيقي لمبدأ “فصل السلطات” (هافرادت راشويوت) موضع نزاع في البلاد. ويكمن جوهر التحدي في مفهوم جديد لـ “الفصل” على أنه إقامة جدار منيع بين فروع الدولة.

ويؤكد أنه وفقا لهذا النهج، يجب على كل فرع أن يركز على مهمته الخاصة، وأن يتجنب التدخل في شؤون الطرف الآخر.

ويبين أن على الكنيست أن تشرع، وعلى المحاكم أن تفصل في الأمر، وعلى السلطة التنفيذية أن تصوغ السياسة وتنفذها.

ويقول موقع الكنيست الإسرائيلي إن الفصل بين السلطات، وهو عنصر مهم في معظم الأنظمة السياسية الديمقراطية الحديثة، يتطلب أن يتم الفصل بين الفروع الثلاثة للحكومة: التنفيذية والتشريعية والقضائية، لمنع إساءة استخدام السلطة. ويعرف أيضا باسم نظام الضوابط والتوازنات، ويتم منح كل فرع صلاحيات معينة للتحقق من الفروع الأخرى وتحقيق التوازن بينها.

ويقول إن الكنيست هي السلطة التشريعية في دولة إسرائيل، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء هي السلطة التنفيذية، ونظام المحاكم هو السلطة القضائية.

الكاتب في صحيفة هآرتس، ديفيد بروديت، يشير في مقال، إلى أن فصل السلطات ضروري للاقتصاد الإسرائيلي، مشيرا التغييرات التي اقترحتها الحكومة الحالية على نظام العدالة وآليات المراجعة العامة تخاطر بإلحاق ضرر شديد بالثقة العامة والعالمية، وبالتالي، إنجازات الاقتصاد الإسرائيلي.

أما خبير البيانات الذي يعمل في إحدى الشركات الناشئة، شاي إنغلبيرغ، فيقول: “نحن نحتج على رغبة الحكومة في تمرير بعض القوانين التي من شأنها القضاء على الديمقراطية الإسرائيلية”.

بالنسبة لإنغلبيرغ فإن “أحدا لا يريد استثمار أمواله في بلد لا تتمتع فيه المحاكم والنظام القضائي بالاستقلالية وفي ظل حكومة غير مستقرة”.

الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى