اقتصادالشاشة الرئيسيةدولي

هل ينجح أردوغان في مُحاربة “الدولرة” وإعادة ثقة الأتراك ببقائه مع هُبوط الليرة التركيّة أمام الدولار وماذا عن دور “الدرهم الإماراتي” بإنقاذه؟.. انتعاش مُفاجئ لليرة فما الأداة الماليّة الجديدة وهل اخترعها الرئيس وما مخاطرها؟.. المُعارضة تطلب انتخابات باكرة فهل من “لعبة خطيرة”؟

الغواص نيوز رصد
هبطت الليرة التركيّة أمام الدولار، وسجّلت بشَكلٍ غير مسبوق هُبوطاً بأكثر من 11 بالمئة إلى حوالي 18.4، وهو انخفاض، يقول مُنتقدون، بأن الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، هو المسؤول عنه، مع إصراره على خفض سعر الفائدة، وتغييره مُحافظ البنك المركزي أكثر من ثلاث مرّات مُتتالية لتحقيق أهدافه، فيما يقول أردوغان إن هدفه مُحاربة الربا، الذي للمُفارقة تقوم عليه أُسس دولته، واقتصاده مُنذ تأسيس الدولة الحديثة الأتاتوركيّة.
هذا الهُبوط الحاد في سعر الليرة التركيّة مُقابل الدولار، ساهم برفع أسعار السلع، وبات الأتراك يلجأون، والفقراء منهم، إلى شراء الخبز القديم، بسبب هُبوط الليرة، وكانت المنصّات التركيّة قد ضجّت بمقطع فيديو مُتداول، لرجل تركي وهو يبكي لأنه أخبر بائع الخبز أنه يشتري الخبز القديم لإطعام الطيور، وهو في الحقيقة يشتريها لنفسه، وعائلته.
المُعارضة التركيّة من جهتها، تستغل هُبوط الليرة الحاد، وتُطالب بإجراء انتخابات رئاسيّة باكرة، لكن الرئيس أردوغان، قال بأنه لا يوجد انتخابات باكرة، وأن المواعيد على حالها، تقول المُعارضة إن رفض أردوغان التبكير في إجراء انتخابات 2023، يكمن في خوفه من الخسارة، مع تراجع أسعار الليرة، وارتفاع الأسعار.
كانت العُيون مُسلّطة بطبيعة الحال خلال الساعات الماضية، على الرئيس أردوغان، وكيفيّة تخطّيه الأزمة الماليّة التي تعصف بالأسواق، والتجار، والمُواطنين، حيث خرج الرجل بتصريحات، أدخلت الليرة التركيّة بانتعاش مُفاجئ، وبلغت 13 ليرة مُقابل الدولار، تحدّث أردوغان هُنا عن أداة ماليّة جديدة، قال إنها ستحمي الودائع بالعملة المحليّة من تقلّبات الأسواق، ارتفعت الليرة بنسبة 7 بالمئة اليوم الثلاثاء، وحقّقت انتعاش تاريخي بنسبة 25 بالمئة.
وشرح أردوغان في مُؤتمر صحافي عقب ترؤّسه اجتماعًا للحُكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة- إن بلاده ستُطلق أداة ماليّة جديدة تُتيح تحقيق نفس مُستوى الأرباح المُحتملة للمُدخّرات بالعُملات الأجنبيّة عبر إبقاء الأصول بالليرة.
وقال وزير الماليّة التركي نور الدين نباتي “نحن مستمرون في السير على الطريق الذي رسمه نموذج الرئيس أردوغان بثقة أكبر بكثير من الأمس. لا تتركوا الشّك يُساوركم للحظة، مع النموذج التركي الجديد الذي يركز على الاستثمار والإنتاج والتوظيف سيكون الاقتصاد التركي هو الرابح”.
يجري الحديث في تركيا عن خطوات اقتصاديّة جديدة وإجراءات، تهدف إلى مُحاربة ووقف الدولرة، حيث مفهوم الدولرة يكمن في اعتماد دولة ما على الدولار الأمريكي، وتعتمد تركيا على الدولار، وقد جرى بالفعل بالتزامن مع تصريحات الرئيس أردوغان تحويل مليار دولار إلى العملة التركيّة، ممّا ساهم في ارتفاع الليرة، ومُحاولة جاهدة لمُواجهة التضخّم.
ويُدرك الرئيس أردوغان مخاطر عدم شُعور الشارع التركي بالاطمئنان والثقة تجاه سياساته الاقتصاديّة على استمراره في منصبه، مع استمرار ارتفاع الأسعار، وهو ما دفعه للجوء إلى السياسة الماليّة الجديدة التي يقول اقتصاديّون أتراك بأنها ستقوم على أساس تحديد سعر صرف “طويل الأجل” للشركات المُصدّرة عبر البنك المركزي بشَكلٍ مُباشر.
لكن هذه السياسة لها محاذير ومخاطر خسائر الشركات بسبب تقلّبات سعر الصرف، وهي الخسائر التي ستتحمّل جزء من خسائرها الحكومة، وهي فروقات سيتم دفعها بالليرة للشركات المعنيّة، وتحمّل الحكومة التركيّة “حزب العدالة والتنمية” الخسائر هدفه إعادة الثقة للناخب التركي، كون عمليّة شراء الدولار تتم بخسارة، وضخ الليرة في المُقابل للتحكّم بأسعار الصرف ضمن مُجازفة غير مأمونة العواقب.
ومع ارتفاع أسعار الليرة، ينتظر الشارع التركي أن تشهد السلع الأساسيّة انخفاضاً في أسعارها، وهذا يحتاج إلى وقت قصير، لكن المواد الإنتاجيّة تحتاج لشهور حتى تعود لسعرها، وهذا في حال ثبات سعر صرف الليرة التركيّة، وعدم هُبوط أسعارها مُجدّدًا أمام الدولار الأمريكي، فيما يستبعد خبراء أنه يُمكن التنبّؤ بسعر صرف الليرة في المدى القريب.
يرى البعض بأن سياسات الرئيس أردوغان الماليّة الجديدة التي وصفها إعلامه المُوالي لسياساته، بالاختراع التركي، وتحمّل حكومته فروقات أسعار الصرف، وتعويض الشركات، ستُرحّل الأزمة، ولن تحلّها، وستبقى أسعار الليرة تتأرجح حتى موعد الانتخابات، وقالت رموز مُعارضة بالخُصوص، منهم أحمد داوود أوغلو زعيم “حزب المستقبل”: “لا نعرف التفاصيل بعد. سننتظر ونرى. إذا تم القيام بذلك لجميع ودائع الليرة التركية، فسنكون قد تخلينا عن عملتنا الوطنية مع زيادة مقنعة في سعر الفائدة”، أمّا زعيم “حزب الديمقراطيّة والتقدّم”، علي باباجان فقد تحدّث عما وصفها بـ”اللعبة الخطيرة”، معتبرًا خطوة إردوغان بأنها “دولرة كاملة لاقتصاد البلاد. هذه الممارسة تبطل تأثير السياسات النقديّة”.
وعُموماً تكون الليرة التركيّة قد فقدت 55% من قيمتها هذا العام بما في ذلك 37% في آخر 30 يومًا فقط، ليُزعزع ذلك اقتصاد السّوق الناشئة الكبيرة، فيما أدّى قرار أردوغان بالمُضي قدمًا بخفض سعر الفائدة الرئيسي 500 نقطة أساس مُنذ سبتمبر/أيلول، بما في ذلك خفض كبير آخر أمس الخميس، إلى ارتفاع التضخّم إلى أكثر من 21%.
ولا بد من الإشارة أنه في حال صمدت سياسات أردوغان الماليّة الجديدة، في تثبيت سعر الصرف لليرة التركيّة وتحسين سعرها بالتالي، وخفض الأسعار، واعتماد المواطنين على الأرباح بعملتهم المحليّة، أن هذا النجاح مُرتبط أيضاً باعتماد أردوغان على عملة الإمارات (الدرهم)، إلى جانب المانات الأذربيجاني، حيث جرى إضافتهم على نظام العملات الأجنبيّة المُتداولة، والذي بلغ عددهم أخيرًا 22 عُملة، وتأتي خطوة إضافة الدرهم الإماراتي في تركيا، بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد لأنقرة، وتحسّن العلاقات بين البلدين، وتوقيع مُذكّرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفيّة بين المصرف المركزي في الإمارات ونظيره في تركيا. راي اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى