منوعات

مواقع التواصل.. واجهة مغايرة لحقيقة الحياة الاجتماعية

تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي الواجهة الأساسية لوصف نمط الحياة ومداراة الوجه الحقيقي لمدى مصداقية طبيعة العلاقات الأسرية والعملية والاجتماعية بالعموم.
يتشبث رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالأمان الذي تصدره شاشاتهم الى مجتمع الأصدقاء الافتراضيين وهو ما يشير على صعيد السلوك الانساني كما تطرق اليه العديد من العلماء بوصفه “الهروب” من الفقر أو التنمر أو عدم الاستقرار العاطفي أو النفسي أو العقلي من خلال نسج محاكاة افتراضية لطبيعة الحياة التي يرغب بها الأفراد أن تكون في العالم الواقعي.
لا يقتصر الامر على ابراز أو تجميل الحياة الاسرية، بل هناك من يستخدم منصات التواصل الاجتماعي لطلب العون إلا أن هذا الأمر يتساوى مع الحالة المثالية التي يبحث عنها الآخرون عبر شاشاتهم.
ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي سياسياً واعلامياً واقتصاديا واجتماعيا بالكثير من الانجازات التي ساعدت على التخلص من العقبات أو الشوائب الراكدة في كل ما ذكر، وعلى صعيد مختلف أدت دوراً سلبياً كارثياً في سحق العلاقات الاجتماعية وتغرير حقائقها وتزييف عاطفتها المتوارثة وافساد قدسية اسرارها التي لطالما حملت معانٍ كثيرة للعائلات على اختلاف جنسياتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وأصبحت أداة تدس السم بالعسل في عقول المتابعين والمستخدمين على اختلاف فئاتهم العمرية.
وأثبتت دراسات عالمية عكفت عليها جامعات أميركية واوروبية بأن أصل الخلل في العلاقات الزوجية والأسرية والاجتماعية أصبح مرتبط بشكل وثيق بما تفرزه شاشات التواصل الاجتماعي التي اصبحت توجه المشاعر والسلوك الإنساني والاجتماعي مما يؤثر في مدى عقلانية الاحكام بين الافراد التي اصبحت معلقة بين كفي “بوست” قد يسبب فضيحة أو ثورة أو جرائم الخ..
ومما نراه اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي نستطيع أن نقول إن القائد النفسي والسلوكي والاجتماعي الذي يسيير عجلة الغد هو العالم الافتراضي بأدواته التكنولوجية التي أمست أشد خطراً على المستقبل من الحروب العسكرية والاقتصادية.
يتجه العالم لتحقيق أمنياتهم عبر صفحاتهم الشخصية وهو ما يسبب توريث للسلوك الاجتماعي الافتراضي لأبنائنا علماً أن فئة المتفاعلين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هم المراهقون، الا أن الاباء ايضاً يتفاعلون على منصاتهم ويروجون الى واقع مغاير لحقيقة حياتهم وهو ما يربك الصورة الطبيعية للأبناء ويوجههم إلى الكذب وعدم تقبل الحياة الاسرية واتخاذ الشاشات المضيئة منفذاً لتعويض كل ما يحتاجونه وهو ما يجعل تقبلهم لأسلوب حياتهم صعب جداً. قد يجد الآباء أن تلك المنصات لا تؤثر في تفكير وتعاطي الابناء مع واقعهم ولكن الحقيقة هي تصدير لدفع الابناء التصرف باستخفاف بما تعانيه الاسرة من فقر أو مرض أو مشاكل عائلية، حيث إن تعاطي الأهالي مع حياتهم على مواقع التواصل بشكل مكشوف ومفصل يدفع الابناء لتبني الطريقة ذاتها.
يدعو علماء النفس والسلوك الاباء لممارسة الحياة الاجتماعية الافتراضية دون مغالاة في الادراجات أو تزييف للحقائق الاسرية والتعاطي مع هذه التكنولوجيا وسيلة معرفة وتسلية بعيداً عن جعلها أداة تُجهل ابناءنا عن واقعهم وتغرر بهم وتغير سلوكاتهم للأسوأ.
إن عدم مشاركة الحياة الاسرية وتفاصليها من أهم الخطوات التي تحد من تدهور الواقع الاجتماعي لابنائنا، لذلك يجب الحذر مما يتم نشره على الصفحات الخاصة وعدم الميل الى تلطيف الصورة الاسرية أو انقاصها كما نشتهي حماية لأبنائنا ولموروثنا الاسري الاجتماعي المقدس.

*ديما الرجبي
*كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى