فكر وثقافة

صدور ترجمة مسرحية “مصطفى والسلطان” للبريطاني فولك غريفيل

ضمن إصدارات دار “العائدون للنشر والتوزيع” في عمّان (كانون الثاني) يناير 2021، صدرت الترجمة الأولى لمسرحية “مصطفى والسلطان”، للمسرحي والشاعر البريطاني فولك غريفيل الذي عاش في العصر الإليزابيثي (1554 ــ 1628)، وشغل منصب لورد بروك، ورجل دولة جلس في مجلس العموم في أوقات مختلفة بين عامَي (1581 -1621)، ورُقّي إلى رتبة النبلاء.
النصّ الذي قامت بترجمته عن الإنجليزية المترجمة السورية ندى محمّد، تشير في تقديمها إلى أنه “قليلًا ما نعثر في المشهد المسرحيّ، العربيّ والعالميّ، على مثيل له”، فهذا اللون من الكتابة المسرحيّة، بأبعاده الفكرية والفلسفية، فضلًا عن الدراميّ التراجيديّ، هو نصٌّ مسرحيّ يعالج فلسفة الحكم الديكتاتوريّ المُتسلّط، ومخاوف السُّلطان من المتربّصين بالحكم، وخصوصًا تجاه الابن الشّريك والمحبوب من قبَل الشعب، الأمر الذي يجعل من هذا الحبّ سببًا لحَبك مؤامرة قتله، مؤامرة تحوكها زوجة أبيه الحاكم، وتزرع في رأس (الإمبراطور الوالد) فكرة تآمُر ابنه (مصطفى) للاستيلاء على الحكم، فيقرّر قتلَ ابنه (الخائن بحسب اتهامات باطلة)، وبلا أيّ دليل.
تدور حوارات المسرحية “الذهنية” حول شخصية السلطان الذي يشكّ في ولاء ابنه مصطفى له، وبتحريض من زوجته يسعى إلى التخلص من ابنه بحجة أنه يسعى إلى الانقلاب عليه وتسلّم الحكم، وهي حجّة لا دليل عليها، سوى التفاف الشعب وبعض القيادات حوله. وتتطور الحوادث إلى أن يحضر مصطفى للقاء والده بناء على طلب هذا الأخير.. وصولًا إلى تصفيته على يد والده السلطان.
وتتوقف المترجمة عند تأثر غريفل بعدد من الكتاب قبله مثل سينيكا، وتأثره بالفلسفة، وهي تلاحظ في أغلب أعمال غريفيل، سواء النثرية منها أو الشعرية، ميله الواضح إلى الفلسفة الرواقية. فقد تطورت كتاباته ابتداءً من قصائد عاطفية، حتى كتابه “رسالة إلى سيدة عفيفة”. ففي هذا الكتاب “يطلب غريفيل إلى سيدة تعامَل بقسوة من زوجها أن تكبح مشاعر الانتقام لديها، وأن تتخذ الفضيلة ولغة العقل والصبر والإيمان أسلوب حياة، حتى تصل إلى الحكمة التي بدورها سوف توصلها إلى بر السعادة والأمان”.
وترى ندى محمد أن تفضيل غريفل الفلسفة الرواقية عن غيرها “ينبع من تأثره بالفيلسوف والكاتب المسرحي الروماني الكبير سينيكا، الذي كان له التأثير الأعمق والأكبر على كُتاب عصر النهضة عامةً، والعهد الإيليزابيثي بخاصة. فأفكار سينيكا عن عظمة الفضيلة وتحكم المرء في رغباته وأحاسيسه لاقت انتشاراً واسعاً في ظل جو متشائم يسيطر عليه التوتر والقلق في فترة تاريخية تنتقل فيها أوروبا من العصور الوسطى إلى عصر النهضة، عصر الاكتشافات والتغييرات الجذرية، ومناقشة جل الأفكار والمواضيع التي كانت تُعد إلى عهد قريب محرمةً.
وجاء في كلمة المحرّر الأول على غلاف المسرحية: تكاد تكون نادرة، بل نادرة جدًّا، هي الأعمال المعروفة بـ”المسرح الذهني”، وهو المسرح المخصّص للقراءة أكثر ممّا هو للعرض والمشاهدة على الخشبة. ومن بين هذا النادر يأتينا النصّ المسرحيّ “مصطفى والسلطان” لكاتب وشاعر إنجليزي شبه مجهول تقريبًا في ثقافتنا العربية، كاتب من العصر الإليزابيثيّ الشكسبيريّ هو فولك غريفل (1554–1628)، فهو شاعرٌ وفيلسوف وسياسي من ذلك العصر، كما أنه احتلّ موقع عضو في مجلس العموم البريطاني، وينتمي إلى طبقة النبلاء، فقد شغل مناصب عدة في الدولة، إذ إضافةً إلى أنه كان من أهم رجال الحاشية المَلكية المقرّبين من الملكة إيليزابيث الأولى، فقد شغل منصب أمين خزانة القوات البحرية.
يذكر أن غريفيل قد طعنه خادمه حتى الموت. وكان الخادم غاضبًا لعدم إدخال اسمه في وصية غريفيل، ولهذا طعن سيده.
واشتهر غريفيل اليوم بكونه كاتب سيرة السير فيليب سيدني، وبشعره الرصين، وبآرائه في الفن والأدب والجمال والمسائل الفلسفية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى