الشاشة الرئيسيةمقالات

غزة فلسطين.. اما بعد

المهندس عامر الحباشنة
… في جولة العدوان الغاشم الجارية منذ ثمانون يوما ويزيد، ما زال الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يثبت أنه حجر الزاوية ورأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيواستيطاني، وأنه شعب عصي على الترويض والانكسار، وأن قواه المقاومة بذرة أصلية من جذور الأرض ومن يريد كسر المقاومة عليه كسر الشعب والشعب يثبت عمليا انه غير قابل للانكسار،
الأهم في جولة الطوفان أنها عرت إدعاءت وشعارات الأخلاقيات الدولية المدعاة وان تلك الاخلاقيات والشعارات التي صدعت رؤوسنا لعقود ما هي إلا زيف وادوات للسيطرة والاستعمار.
غزة بشعبها الصابر ومقاومتها الصامدة والضفة المبتلاة بالتشظي لا تقل عن شقيقتها غزة شعبا ومقاومة ،هاهو العالم اليوم عار وعاجز عن وقف المجزرة ،بل ان صمته هو سقوط أخلاقي لا مثيل له في عصر التكنولوجيا والمعرفة وإن كل منظماته ما هي إلا أدوات لخدمة ترتيبات ما بعد الحرب الكونية الثانية، تلك الترتيبات التي ما زالت قائمة على قواعد اشتباك قل تجاوزها.
ورغم ان الثمن الذي يدفع يوميا في فلسطين كبيرا بشرا وحجرا، ورغم كل الصمت المخزي والعجز الدولي والإقليمي عن وقف هذه الجولة من العدوان، إلا أن الخاسر الأكبر في نهاية الجولة سيكون المشروع الصهيواستيطاني المدعوم بالزيف الغربي الأطلسي، نعم هو الخاسر الأكبر، لأن غزة اسقطت ورقة التوت وبانت عورته، وان كل شعارات اجتثات المقاومة وفصائلها ستذهب ادراج الرياح ومجرد اضغاث احلام، بل ان الجيل الذي يولد اليوم واطفال اليوم سيكونون وقود إسقاط هذا المشروع، وسيكتشف الذين تم جلبهم لهذه الأرض انهم مجرد ضحية جديدة القي بها في اتون محرقة جديدة تكرر تلك المحرقة التي افتعلت سببا وشعارا لجلبهم لهذه الأرض ،
القصة ليست حماس او غيرها من الفصائل المقاومة كما يحاولون الترويج في عدوانهم، فهذه الفصائل المقاومة هي عناوين ومشاعل يغذيها ويوقد نارها شعب لا خيار امامه سوى الصمود والتضحيات تلو الأخرى حتى الخلاص الذاتي وتخليص المنطقة من كابوس العابرين الى هذه الجغرافيا بفعل القوة والعدوان،، وستبقى هذه المشاعل متقدة ما دام الاحتلال والعدوان.
مرة أخرى تقدم غزة لنا وللعالم مثالا في الصمود وتكسر تابوهات التفوق العسكري (والحضاري والأخلاقي) الذي حاولوا فرضه على المنطقة برمتها،
إسرائيل وهي القاعدة المتقدمة التي صنعت وفصلت كمنصة انطلاق جغرافية للسيطرة على المنطقة، سقط مشروعها ديمغرافيا منذ عقود وها هي تسقط اخلاقيا وعسكريا،أمام الطوفان، حيث انها عاجزة سوى عن التدمير والقتل والابادة امام ٣٥٠ كم٢ من جغرافيا فلسطين،ومهما فعلت هي وحلفائها فلن تستطيع بعد إقناع أحدا ولا نفسها انها قادرة على الاستمرار، فغزة اسقطت المشروع بضربة في مقتل وما بين الضربة وردود الفعل سيستمر الانحدار والانحسار، فدرس غزة الجاري مع كل الألم والتضحيات، أصبح درسا قاسيا ايقظ الضمير العربي المحيط من غبار اليأس والعجز، وسيكون درسا ملهما للجميع ممن ران على قلبه وعقلة كثيرا من الغبار والصدا عبر عقود،
حدثونا عن عقدة العقد الثامن، وحدثتهم غزة وفلسطين عن أرض تلفض الغرباء المحتلين، وخسر من راهن عن موت الكبار ونسيان الصغار، فلم يمت الكبار ولم ينسى الصغار بل إنهم يزدادون ذاكرة مصهورة بمزيد من الايقاد مع كل جولة..
اخيرا لمن يحدثونا عن احلام اليوم التالي، عليهم أن يفكروا ويقرورا ان موقعهم في اليوم التالي، فاليوم التالي لن يأتي إلا لشعب حسم امرة كزيتون الأرض، ثمرة المقاومة واغصانه الشعب الصامد وجذره مسيرة الكفاح والصمود المروية بدماء الشهداء.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى