الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

المهطوان لرمضان الرواشدة وصلاح الحوراني عرس مسرحي يخلد الذاكرة الشعبية

الغواص نيوز
يجمع العارفون على أن المَسْرَحَة َهي إطلاق سراح الفكرة على خشبة المسرح بتجسيد محتواها من شخوصها وبيئتها وأحداثها ورسائلها وكافة متعلقاتها ضمن رؤية فنية لمخرج العرض قد تكتفي بما شاءه الكاتب أو تكون بتصرف فيه حذف أو إضافة أو تعديل بما يحاكي الزمن والظرف الذي يتم فيه العرض ..

المهطوان هي الرواية الأحدث للكاتب المعروف رمضان الرواشدة والتي أصدرها بعد رواياته الحمراوي و أغنية الرعاة و النهر لا يفصلني عنكِ و جنوبي ومجموعتيه القصصيتين انتفاضة وقصص أخرى و تلك الليلة ..

رواية الرواشدة المهطوان هي من نوع الرواية القصيرة ( النوفيلا ) وقد جاءت في ذات السياق والإطار الأدبي له فهو بارع في السرد لكافة عناصر الحكاية وكينونتها من حيث المكان والإنسان والحدث مع ارتباط أوثق بالمكان والزمان الأردني بشكل خاص دون الانفلات من البعد العروبي له وكل ذلك بغلاف من الرومانسية التي تصل إلى حد الصوفية في كثير من الأحيان بما يختصر المسافة بينه وبين قارئه مع جرأة فايقة لديه من الاقتراب مما هو ساخن ومحظور ولكن دون أن التعثر أو الاضطرار إلى التراجع او الانسحاب من الموقف أوالطرح الذي يوجه رسائله باتجاهه.

في العرض المسرحي ( المهطوان ) الذي تم تقديمه على خشبة المركز الثقافي الملكي بحضور وتفاعل جماهيري لافت التقت الرؤية والتوظيف لعناصر وأدوات العرض المسرحي لكاتب الرواية الممسرحة رمضان الرواشدة ومخرجها على الخشبة صلاح الحوراني عند بوابة التراث والموروث الشعبي ليدخلا معاً إلى فناء السرد المقروء والمتحول لاحقاً إلى المرئي والمسموع حيث رمضان الرواشدة يمتاز بأنه حَكّاءٌ متمكن من اختيار الحرف والكلمة والعبارة وتوجيهه وتمرير ذلك إلى حيث المشاعر في الانتظار وصلاح الحوراني شديد القناعة بأن النظّارة في الجهة المقابلة للخشبة يستحقون مسرحاً يحاكيهم مراعياً لهويتهم وموروثهم من الآباء والأجداد في طريقة سرد الحكاية والإمتاع بها والإفادة منها فسار العرض في هذا المسار ملتزما بأسلوب الراوي أو هو الحكواتي الذي يقود الجمهور إلى المكان المنشود والفعل الدرامي فيه في أجواء محمولة على التخت والسُّلّم الموسيقي والغنائي الشعبي بما يدخله إلى قلب الفكرة ويفضي به إلى امتداداتها المباشرة والرمزية منها وقد أبدع المجسدون للعرض في الغناء أولاً وتقمص الشخصيات تالياً .

المهطوان ( وهو الشخص طويل القامة ) استعراض مسرحي أوقف المخرج والكاتب اللحظة فيه بهذه الالتقاطات الإبداعية عند محطات لا يمكن المرور بها مر الكرام دون تخليدها في ذاكرتنا الشعبية وتدوينها في المفكرة اليومية ( كما فعل بطل العمل ) منذ تفتح وعيه السياسي واتساع أفق بصره على ما يدور أمام ناظره في الفترة التي اتسمت بالحراكات الطلابية في الجامعات الأردنية والتحولات السياسية المتعلقة بممارسة العمل السياسي من خلال تشكيل الأحزاب السياسية والانتساب إليها وقد وشى العرض بأن تلك المواقف والأحداث كانت نهايات لما قبلها وفي ذات الوقت بدايات لما جاء بعدها ونعيشه اليوم .
اسعد خليفة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى