الشاشة الرئيسيةفكر وثقافة

خبراء: عودة الطلبة للمدارس “حاجة ملحة” لتجاوز المخاطر النفسية والتربوية

بعد ما يقارب عاما ونصف، ابتعد فيه الطلبة عن التعليم الوجاهي، ليحل مكانه التعلم “أون لاين”، يؤكد خبراء أن المخاطر النفسية والتربوية والاجتماعية التي ترتبت كبيرة، ما يدعو إلى وقفة ومعالجة سريعة قبل أن تتفاقم الأمور، وأول الحلول، هو عودة الطلبة لمقاعدهم الدراسية.
توقف التعليم الوجاهي وتحوله لـ”الكتروني”، تسبب بفاقد تعليمي، تربويا ونفسيا، يعانيه الطلبة حتى الآن، لذلك، ووفق خبراء، لم تعد العودة إلى التعليم الوجاهي “خيارا” إنما “حاجة ملحة” بعد أن أثبتت الدراسات عدم استطاعة التعلم “عن بعد”، تعويض ما يقدمه التعليم الوجاهي، والآثار النفسية والتربوية تتفاقم مع الوقت.
ويذهب الاختصاصي النفسي موسى مطارنة، إلى أن عودة الطلبة الى المدارس بحاجة الى خطة للاحتواء من قبل إدارات المدارس، فالأطفال في هذه الفترة وعبر عام ونصف من الانقطاع فقدوا كثيرا من الأشياء التي كانت موجودة لديهم سواء بالسيطرة والانضباط، فتبدلت سلوكياتهم وتغيرت كثير من العادات.
ويضيف مطارنة أن على الطالب أن يعتاد نظام العودة، وأن يتمتع المعلمون بالمرونة مع الطلبة، بحيث يتمكنوا من العودة والاندماج بهدوء، وتنظيم ساعتهم البيولوجية، واحتوائهم قدر المستطاع عبر التعزيز والتحفيز النفسي، وتقديم مساحة واسعة من الحركة.
ويشير مطارنة الى أن الفترة الماضية اعتاد فيها الطالب التعليم الالكتروني، وبالتالي أصبح الوجاهي بما فيه من انضباط وتفاعل وأنشطة وحركة ووسائل، كأنه يشكل عبئا عليهم، بالتالي لابد من استيعابهم وإعادة تأهيلهم من جديد وإزالة الآثار التي بداخلهم بسبب ما شكلته كورونا من أزمة نفسية، لذلك لا بد من التصدي للعملية بطريقة ممنهجة ومخطط لها.
في حين يرى الاختصاصي التربوي الدكتور عايش مدالله النوايسة، أن أي انقطاع للطلاب خلال الفترة المقبلة والعودة للتعلم عن بعد وغياب التعليم الوجاهي سوف تكون “الحجر الأخير” في هدم البناء النفسي والسلوكي لدى الطفل.
فالطفل كائن اجتماعي ينبغي أن يعيش ويتعلم ضمن الإطار التفاعلي، فهو من خلال التعلم الوجاهي لا يتعلم منهجيا فقط، بل يتعلم من أقرانه ومن تفاعله معهم داخل البيئة المدرسية، بالتالي فإن أي خلل سيؤدي الى الانعزالية والاكتئاب والإحباط.
ويلفت النوايسة إلى أن الطلبة أصبحوا أكثر تعلقاً في الوسائل الالكترونية والألعاب ووسائل التواصل، وهذا انعكس عبر سلوكيات سلبية لديهم، أبرزها الانعزال والانطواء.
الى ذلك، فإن أنماطا كثيرة من العدائية والسلوكيات التي تميل الى العنف، أصابت البعض، فالطفل أصبح يميل الى العزلة والإحباط، وتعلقه ظهر بالوسائل والتقنيات الالكترونية، وهذا خطر كبير جدا، مبينا أن الخطوة الأولى لإخراجهم من هذه الحالة هي العودة الى حياتهم الطبيعية في مدارسهم وبين أقرانهم ومعلميهم وزملائهم.
ووفق النوايسة، ينبغي مواجهة الحقيقة وعدم إخفائها، فما جرى خلال الفترة الماضية من تعلم عن بعد كان “سلبيا” على حياة الأطفال، وهو أمر أجبروا عليه نتيجة التداعيات الصحية لفيروس كورونا.
خبير الأوبئة وطبيب المجتمع والصحة الدكتور عبدالرحمن المعاني، يرى أن العودة الى المدرسة لا بد منها ولا رجعة عنها، كونها أحد أساسيات اكتمال المنظومة التعليمية، إلا أن المطلوب من الجهات المختصة كوزارتي التربية والتعليم والصحة القيام بإجراءات صحية كثيرة تجعل البيئة الصفية مناسبة وآمنة وجيدة لاستقبالهم، وتتناسب مع الوضع الحالي للجائحة.
ويشير الى أن المطلوب من الإدارات المدرسية أن يكون هناك دراسة واقعية ميدانية للصفوف المدرسية، بحيث لا يكون هناك اكتظاظ، والاهتمام بالتهوية المناسبة في الصف من خلال فتح النوافذ قبل دخول الطلاب.
أيضاً، تجهيز البيئة المدرسية من حيث آلية استقبال الطلاب وتغييب الطابور الصباحي وإن كان مؤقتا، وعدم إبقائهم فترة طويلة قبل الحصة خارج الصف، الى جانب ترتيب آلية لعودتهم الى البيت بحيث تكون على مراحل وكل صف على حدة.
ويضيف المعاني، أن من الإجراءات التي تضمن سلامة الطالب في المدرسة، إحضار طعامه من البيت، وعدم التجمهر أمام المقصف، إضافة الى تعيين ضابط ارتباط من أقسام الصحة، بحيث يتابع الإجراءات المطلوبة من إدارة كل مدرسة وحصر أعداد المعلمين الذين تم تطعيمهم أو تلقوا جرعة واحدة فقط أو لم يتلقوا أي جرعة.
إلى ذلك، حصر أعداد المعلمين الذين تم تطعيمهم أو تلقوا جرعة أولى أو لم يتلقوا أي جرعة، إضافة الى تدريب المعلمين على الفحص السريع لفيروس كورونا ليتم فحص الطلاب في حالة ظهور أي أعراض.
ويشير المعاني لضرورة الالتزام بارتداء الكمامة للطلبة والمعلمين، وعدم التراخي والتهاون بهذا الأمر، لأن الكمامة تحد من انتشار العدوى، كذلك التباعد الجسدي بين الطلاب بمسافة لا تقل عن متر ونصف، وعدم التجمع في ساحة المدرسة.
وكانت أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية الدكتورة نجوى قبيلات، أكدت أن الخيار الوحيد اليوم لدى وزارة التربية هو العودة الى التعليم الوجاهي، وحول عودة التعليم الوجاهي، قالت قبيلات إنه غير وارد في سيناريوهات وزارة التربية التحول إلى التعلم عن بعد، وأن الخيار الوحيد هو التعليم الوجاهي.
وحول الفاقد التعليمي، لفتت إلى أنه عبارة عن تعويض الفرق بين ما كان مخططا إكسابه للطلبة وما حصل عليه الطلبة. وأشارت إلى أن فريقا مشكلا من قبل واضعي المناهج وأصحاب خبرة في وزارة التربية عملوا على وضع مقررات جديدة سيتم تدريسها بدءا من 15 آب (أغسطس) ولغاية 12 أيلول (سبتمبر) لتعويض الطلبة عن بعض ما فاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى