حول ما يحدث…. الطريقة الأردنية م. عامر الحباشنة

الغواص نيوز .
بعيدا عن التوصيفات السياسية والقانونية ومآلات ما حصل من تسلسل للأحداث منذ اللحظة التي أعلن فيها ما سيعرف لاحقا “بالفتنة” بكل مصطلحاتها التي سبقت عبر الأثير الداخلي والخارجي عربيا واجنبيا بدءا من الزعزعة مرورا بالتقويض والتآمر وصولا لتوصيف الفتنة ، تسلسل تلك الأحداث ما كان ليقود إلا إلي تطبيق الطريقة الأردنية، الطريقة الأردنية التي يعرفها الاردنيون ومن يعرفهم وإن طالت جولات وطرائق معالجتها، وطبقا للطريقة الأردنية – وهي بالمناسبة ماركة مسجلة وسمة موسومة وطريق مدروجة- فإن النهايات عادة ما تكون معروفة حتى لو اختلفت طرق الوصول اليها وحتى لو تفاوتت بين حادثة وأخرى من حيث الشكل.
الطريقة الأردنية، نابعة من تركيبة وتراث تراكمي سبق الدولة ورافق تاريخها بما في ذلك بيعة العهد والعقد الاجتماعي الأول، ففي اكبر قضايا الاردنيين تنتهي الأحداث بتسويات وتوافقات لا تحكمها النصوص القانونية وان سارت بمسارها ولا يستطيع فهمها إلآ من قرأ تاريخ هذا الوطن والجغرافيا عبر قرون، فحتى في قضايا الدم والعرض وهي الأصعب عادة ما تنتهي بتوافقات تتجاوز الفعل والحدث ايا كان وتتجاوز كل الأصوات والرؤوس الحامية والباردة التي ترافقه ، فهكذا نحن سواء اعجبنا ذلك ام لم يعجبنا، فنحن وان كنا نعيش في عالم المؤسسات والدسترة والقوانين كأدوات للسلطة والحكم الا إننا ما زلنا في عقلنا الباطن نمارس أعراف ما قبل الدولة، واعراف ما قبل الدولة كانت تطورا طبيعيا لغياب السلطة المركزية قرونا من زمن ما قبل الدولة. وحتى لا نغرق في التوصيف الذاتي لأسباب سيادة تلك الأعراف بموازاة الدولة بشكلها الحديث، فإن الجميع يتفق على هذا التوصيف واقعا وفعلا على الأرض ما دامت عناصره داخلية والشواهد كثيرة طوال قرن من عمر الدولة، فمن يعود لكيف تمت تسوية الاعتراضات التي رافقت تأسيس الإمارة وكيف انتهت وحادثة 56 وإلى ما آلت وصولا لنيسان ومرورا بمعالجات السبعينيات، من يعود لكل ذلك كان عليه أن يتوقع ويفهم ما حصل ويحصل الآن .
وهنا، وعندما اتابع تصريحات هنا وهناك من متابعين وسياسيين محزبين ومهتمين ممن يريدون اطلاعهم على أدق التفاصيل، بل وأكثر من ذلك من تفاصيل، فإن المستغرب ان يصدر هذا من البعض وان كان متفهما من آخرين، لأنهم بذلك يكررون ما يحصل عادة طبقا لما اسميه الطريقة الأردنية، فمثلا عن اكبر خلاف ولو تعلق بدم او بعرض عادة ما تبدأ الحكاية صعبة ويسمح خلالها للرؤوس الحامية من الشباب ومن دوائر الحدث بتعبيرات وتصرفات تبدو ان لا افاق فيها للحل، عندها تبدأ حكايتنا بالتفاصيل التي لا يعرفها الكل بل من يسعون في الأمر، وامام التفاصيل تهدأ عواصف الجلوة والمطارده والثأر، وتجدد العطوة مرة ومرة ويتحمل الساعون في الأمر همزات وغمزات وأكثر من ذلك من المتابعين، لكن عند الجلسات المحددة والمغلقة تتقدم التسويات والحلول، وينتهي الأمر بإغلاق الملف وإن رافق ذلك تذمر أحدا من هذا الطرف او ذاك.
وهنا ،وعند لحظة النهاية ورغم كثرة التفاصيل ومعرفة من المعتدي ومن المعتدى عليه ومن شتم ومن صبر، إلا إنهم جميعأ يتفقون على الحل دون التطرق للتفاصيل ، ولو خرج أحد باحثا عن تفاصيل فإن الجميع سيطلب منه السكوت وعدم فتح “المواجع” لأن الصلح سيد الأحكام ولأن ما حصل حصل وما صدر صدر ولا يجب العودة إليه ولو عدنا إليه لما وصلنا للصلح.
هكذا نحن الاردنيون وهذه طريقتنا التي لا يعرفها الكثير خارج جغرافيتنا وتاهت لدى البعض طرائقها داخل الوطن.
لكل أمة سماتها ولكل شعب تقاليده وقدرنا في هذا الوطن ان تكون هذه طريقتنا تظلمنا مرة وتنصفنا مرة ولكنها طريقتنا شئنا ام ابينا وفيها كم حقنا من دماء وكم بنينا من سلم مجتمعي.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.